خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيٰقَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِيۤ أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَآ أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ
٨٩
-هود

روح البيان في تفسير القرآن

{ ويا قوم } [اى كروه من] { لا يجرمنكم } يقال جرم زيد ذنبا اى اكسبته وجرمته ذنبا اى كسبه وجرمته ذنبا اى اكسبته اياه فهو يتعدى الى واحد والى اثنين والاول فى الآية الكاف والميم. والمعنى لا يكسبنكم { شقاقى } فاعل لا يجرمن اى شقاقكم وعداوتكم اياى { ان يصيبكم } اى ينالكم وهو الثانى من مفعولى لا يجرمنكم ويقال جرمنى فلان على ان صنعت كذا اى حملنى فيقدر حرف الجر بعد ان. والمعنى لا يحملنكم بغضكم اياى على ان يصيبكم.
قال الكاشفى [شما بران نداد ودشمنى وستيزه كارى بامن كه برسد شمارا] { مثل } فاعل ان يصيب مضاف الى قوله { ما اصاب قوم نوح } من الغرق { او قوم هود } من الريح { او قوم صالح } من الصيحة { وما قوم لوط } قال الجوهرى القوم يذكر ويؤنث { منكم ببعيد } يعنى انهم اهلكوا بسبب الكفر والمعاصى فى عهد قريب من عهدكم فهم اقرب الهالكين منكم فان لم تعتبروا بمن قبلهم من الامم المعدودة فاعتبروا بهم ولا تكونوا مثلهم كيلا يصيبكم مثل ما اصابهم.
والاشارة ان فى طبيعة الانسان مركوزا من صفات الشيطنة الاباء والاستكبار ومن طبعه انه حريص على ما منع كما ان آدم عليه السلام لما منع من اكل الشجرة حرص على اكلها فلهاتين الصفتين اذا امر بشيء ابى واستكبر واذا نهى عن كل شيء حرص على اتيانه لا سيما اذا صدر الامر والنهى عن انسان مثله فان طاعة الله هينة القبول بالنسبة الى طاعة المخلوق لان فى الطاعة ذلة وهوانا وكسرا للنفس وان ما يحتمل المخلوق من خالقه اكثر مما يحتمله من مخلوق مثله ولهذا السر بعث الله الانبياء وامر الخلق بطاعتهم وقال
{ { اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولى الامر منكم } فمن كان موفقا من الله تعالى بالعناية الازلية يأتمر بما امر به وينتهى عما نهى عنه ويطيع الرسل فما جاءوا به اخرجته الطاعة من ظلمات صفاته المخلوقة الى نور صفاته الخالقية ومن سبقته الشقاوة فى الازل تداركه الخذلان ووكل الى نفسه وطبعه فلا يطيع الله ورسوله ويتمرد عن قبول الدعوة ويستكبر على الرسول ويعاديه بمعاداته ما أمره الله فيصيبه قهر الله وعذابه { { مثل ما اصاب قوم نوح او قوم هود او قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد } اى وما معاملة قوم لوط من معاملتكم وذنوبهم من ذنوبكم ببعيد لان الكفر كله من جنس واحد وصفات الكفر قريب بعضها من بعض كذا فى التأويلات النجمية: قال فى المثنوى

بس وصيت كرد وتخم وعظ كاشت جون زمين شان شوره بدسودى نداشت
كرجه ناصح را بود صد داعيه بندرا اذنى ببايد واعيه
توبصد تلطيف وبندش ميدهى اوز بندت ميكند بهلوتهى
بك كس نا مستمع زاستيز ورد صد كس كوينده را عاجز كند
زانبيا ناصحتر وخوش لهجه تر كى بودكه رفت دمشان در حجر
زانجه كوه وسنك دركار آمدند مى نشد بدجت را بكشاده بند
آنجنان دلها كه بدشان ما ومن تعتشان شد بل اشد قسوة