خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُوۤاْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
١٥
-يوسف

روح البيان في تفسير القرآن

{ فلما ذهبوا به } متصل بمحذوف اى فاذن له وارسله معهم فلما ذهبوا به [بس آن هنكام كه برادران ببردند يوسف را] والجواب محذوف وهو فعلوا به من الاذية ما فعلوا
وتفصيل المقام ان يعقوب عليه السلام لما رأى الحاح اخوة يوسف فى خروجه معهم الى الصحراء ومبالغتهم بالعهد واليمين ورأى ايضا ميل يوسف الى التفرج والتنزه رضى بالقضاء فاذن فامر ان يغسل بدن يوسف فى طست كان اتى به جبريل الى ابراهيم حين مجيئ الفداء فاجرى فيه دم الكبش وان يرجل شعره ويدهن بدهن اسماعيل الذى جاء به جبريل من الجنة وان يكحل ففعلوا ويروى ان ابراهيم عيله السلام حين القى فى النار وجرد عن ثيابه اتاه جبريل بقميص من حرير الجنة فالبسه اياه فدفعه ابراهيم الى اسحاق واسحاق الى يعقوب فجعله يعقوب فى تميمة وعلقها فى عنق يوسف.
وقال الكاشفى [جون تعويذى بربازويش بست وبمشايعه فرزندان تا شجرة الوداع بردرووازه كنعان بود بيرون آمد ويوسف رادر كنار كرفته كريه كنان اغازوداع كرد]

ذل نمى خواست حدايى زتوا ماجه كنم دور ايام نه بر قاعده دلخواهنت
تجرى الرياح بما لا تشتهى السفن

[يوسف كفت اى بدر سبب كريه جيست كفت اى يوسف ازين رفتن تورايحه اندوهى عظيم بمشام دل من ميرسد ونمى دانم كه سر انجام كار بكجا خواهد كشيد بارى لا تنسانى فانى لا انساك مرافراموش مكن كه من ترانيز فراموش نخواهم كرد] فراموشى نه شرط دوستانست [بس فرزندانرا درباب محافظه يوسف مبالغة بسيار فرمود] وهم جعلوا يحملونه على عواتقهم اكراما له وسرورا به فذهبوا به [يعقوب درايشان مينكريست وازشوق لقاى فرزند ارجمند مى كريست]

هنوز سرو روانم زجشم ناشده دور دل از تصور دورى جوبيد لرزانست

[جون فرزندان از بيش نظروى غائب شدند روى بكنعان نهاد] فلما بعدوا عن العيون تركوا وصايا ابيهم فالقوه على الارض وقالوا يا صاحب الرؤيا الكاذبة اين الكواكب التى رأيتهم لك ساجدين حتى يخلصوك من ايدينا اليوم فجعلوا يؤذونه ويضربونه وكلما لجأ الى واحد منهم ضربه ولا يزدادون عليه الا غلظة وحنقا وجعل يبكى بكاء شديدا وينادى يا ابتاه ما اسرع ما نسوا عهدك وضيعوا وصيتك لو تعلم ما يصنع بابنك اولاد الاماء.
قال الكاشفى [درخاك خوارى كرسنه وتشنه بروى مى كشيدند تابهلاك نزديك رسيد] وقال بعضهم فاخذه روبيل فجلد به الارض ووثب على صدره واراد قتله ولوى عنقه ليكسرها فنادى يوسف يا يهودا وكان ارفقهم به اتق الله وحل بينى وبين من يريد قتلى فاخذته رقة ورحمة فقال يهودا ألستم قد اعطيتمونى موثقا ان لا تقتلوه قالوا بلى قال ادلكم على ما خير لكم من القتل القوه فى الجب فسكن غضبهم وقالوا نفعل { واجمعوا ان يحعلوه فى غيابة الجب } وعزموا على القاء يوسف فى قعر الجب وكان على ثلاثة فراسخ من منزل يعقوب بكنعان التى هى من نواحى الاردن حفره شداد حين عمر بلاد الاردن وكان اعلاه ضيقا واسفله واسعا.
وقال الكاشفى [هفتاد كزعمق يافت يازياده] فأتوا به الى رأس البئر فتعلق بثيابهم فنزعوها من يديه فدلوه بها بحبل مربوط على وسطه فتعلق بشفيرها فربطوا يديه ونزعوا قميصه لما عزموا عليه من تلطيخه بالدم الكذب احتيالا لابيه فقال يا اخوتاه ردوا على قميصى اتوارى به فى حياتى ويكون كفنا بعد مماتى فلم يفعلوا فلبما بلغ نصفها قطعوا الحبل والقوه ليموت وكان فى البئر ماء فسقط فيه ثم اوى الى صخرة بجانب البئر فقام عليها وهو يبكى فنادوه وظن انها رحمة ادركتهم فاجابهم فارادوا ان يرضخوه فمنعهم يهودا.
قال الكاشفى [از حضرت ملك على خطاب مستطاب بطائر آشيان سدرة المنتهى رسيدكه (ادرك عبدى جيريل) بيش ازانكه يوسف به تك جاه رسد بوى رسيد واورا بانجه مقدسه خود كرفت وبربالاى صحره كه درتك جاه بود بنشانيد واز طعام وشراب بهشت بوى داد بيراهن خليلكه تعويذوار بربازوداشت اورا بوشانيد] قال الحسن القى يوسف فى الجب وهو ابن ثنتى عشرة سنة ولقى اباه ثمانين سنة وقيل كان يوسف ابن سبع عشرة سنة وقيل ابن ثمانى عشرة سنة -وروى- ان هوام البئر قال بعضها لبعض لا تخرجن من مساكنهن فان نبيا من الانبياء نزل بساحتكن فانجحرن الا الافعى فانها قصدت يوسف فصاح بها جبريل فصمت وبقى الصمم فى نسلها ولما القى فى الجب قال يا شاهدا غير غائب ويا قريبا غير بعيد ويا غالبا غير مغلوب اجعل لى من امرى فرجا ومخرجا -وروى- اجعل لى فرجا مما انا فيه فما بات فيه
قال الكواشى لبث فى البئر ثلاثة ايام او خرج من ساعته انتهى وعلم جبريل يوسف هذا الدعاء اى فى البئر (اللهم يا كاشف كل كربة ويا مجيب كل دعوة ويا جابر كل كسير ويا ميسر كل عسير ويا صاحب كل غريب ويا مؤنس كل وحيد يا لا اله الا انت سبحانك اسألك ان تجعل لى فرجا ومخرجا وان تقذف حبك فى قلبى حتى لا يكون لى هم ولا ذكر غيرك ان تحفظنى وترحمنى يا ارحم الراحمين) -روى- ان يوسف لما القى فى الجب ذكر اسم الله باسمائه الحسنى فسمعه الملائكة فقالوا يا رب نسمع صوتا حسنا فى الجب فامهلنا ساعة فقال الله ألستم قلتم
{ { أتجعل فيها من يفسد فيها } فحفته الملائكة فانس بهم وكذلك اذا اجتمع المؤمنون على ذكر الله تعالى يقول الملائكة الهنا انظرنا نستأنس بهم فيقول الله تعالى ألستم قلتم { { أتجعل فيها من يفسد فيها } فالآن تتمنون الاستئناس بهم فعلم ان الملائكة المقربين تنزل لشرف الذكر كما فى نفائس المجالس

ذره ذره كاندرين ارض وسماست جنس خودراهريكى دون كهرباست
ضدرا باضد ايناس ازكجا با امام الناس نسناس از كجا
اين قدر كفتيم باقى فكر كن فكرا كر جامد بودروذكر كن
ذكر آرد فكررا در اهتزاز ذكررا خورشيد اين افسرده ساز

كما فى المثنوى { واوحينا اليه } تبشيرا له بما يؤول اليه امره وازاله. لوحشته وايناسا له وكان وحى نبوة ورسالة كما عليه المحققون وقد صح ان الله تعالى اوحى الى يحيى وعيسى عليهما السلام قبل ادراكهما وذلك لان الله تعالى قد فتح باب الولاية الخاصة لبعض الآحاد فى صغرهم كالشيخ سهل قدس سره فلان يكون باب النبوة مفتوحا اولى لكمال استعداد الانبياء عليهم السلام فامر الولاية والنبوة لا يتوقف على البلوغ وعلى الاربعين وان استنبئ اكثر الانبياء بعد الاربعين على ما جرى عليه عادة الله الغالبة هكذا لاح بالبال.
قال الكاشفى [وما وحى فرستاديم سوى اوكه اندو هناك مباش بيرون زحضيض جاه رسانيم وبرار انرا بحاجتمندى نزديك توآريم] { لتنبئنهم } لتحدثن اخوتك فيما يستقبل { بامرهم هذا } بما فعلوه لك { وهم لا يشعرون } بانك يوسف لتباين حاليك حالك هذه وحالك يومئذ لعلو شأنك وكبرياء سلطانك وبعد حالك عن اوهامهم ولطول المبدل للاشكال والهيئات وذلك انهم حين دخلوا عليه ممتارين فعرفهم وهم له منكرون دعا بالصواع فوضعه على يده ثم نقره فطن فقال انه ليخبرنى هذا الجام انه كان اخ لكم من ابيكم يقال له يوسف وكان يدنيه دونكم وانكم انطلقتم به والقيتموه فى غيابة الجب وقلتم لابيكم اكله الذئب.
والاشارة ان من خصوصية تعلق الروح بالقالب ان يتولد منها القلب العلوى والنفس السفلية والقوى والحواس فيكون ميل الروح والقلب ونزاعهما الى عالم الروحانية وميل النفس والقوى والحواس الى عالم الحيوانية فان وكل الانسان الى طبعه تكون الغلبة للنفس والبدن على الروح والقالب وهذا حال الاشقياء وان ايد القلب بالوحى فى غيابة جب القلب اذا سبقت له العناية الازلية تكون الغلبة للروح والقلب على النفس والبدن وهذا حال السعداء فالانبياء وكذا الاولياء مؤيدون من عند الله تعالى بالوحى والالهام والصبر والاحتمال وان كانوا فى صورة الجفاء والجلال وقد قضى الله تعالى على يعقوب ويوسف ان يوصل اليهما تلك الغموم الشديدة والهموم العظيمة ليصبرا على مرارتها ويكثر رجوعهما الى الله تعالى وينقطع تعلق فكرهما عما سوى الله تعالى فيصلا الى درجة عالية لا يمكن الوصول اليها الا بتحمل المحن العظيمة كما قال بعض الكبار سبب حبس يوسف فى السجن اثنتى عشرة سنة تكميل ذاته بالخلوة والرياضة الشاقة والمجاهدات مما تيسر له عند ابيه من هذا المقام اغترب الانبياء والاولياء عن اوطانهم: قال المولى الجامى

بصبر كوش دلا روز هجر فائده جيست طبيب شربت تلخ ازبراى فائده ساخت

وقال بعضهم ابتلى ابوه بفراقه لما فى الخبر انه ذبح جديا بين يدى امه فلم يرض الله تعالى ذلك منه وارى دما بدم وفرقة بفرقة لعظمة احترام شأن النبوة ومن ذلك المقام حسنات الابرار سيآت المقربين.
وقال بعضهم استطعمه يوما فقير فما اهتم باطعامه فانصرف الفقير حزينا وفيه نظر كما قال البعض لان ذلك لا يليق باخلاق النبوة.
وقال بعضهم لما ولد يوسف اشترى يعقوب له ظئرا وكان لها ابن رضيع فباع ابنها تكثيرا للبن على يوسف فبكت وتضرعت وقالت يا رب ان يعقوب فرق بينى وبين ولدى ففرق بينه وبين ولده يوسف فاستجاب الله دعاءها فلم يصل يعقوب الى يوسف الا بعد ان لقيت تلك الجارية ابنها وفى الحديث
"لا توله والدة بولدها" اى لا تجعل والهة بتفريقه منها وذلك فى السبايا كما فى الجوهرى ومن احاديث المقاصد الحسنة "من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين احبته يوم القيامة" ومثل هذا وان كان بعيدا بالنسبة الى الانبياء عليهم السلام الا ان القضاء يفعل ما يفعل
قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره اذا شاء الحق انفاذ قوله تعالى وكان امر الله قدرا مقدورا على عموم الافعال فى العبد بايفاء زلة منه يجرى عليه القدر بما اراده ثم يرده الى مقامه ان كان من اهل العناية والوصول.
قيل لابى يزيد قدس سره أيعصى العارف فقال وكان امر الله قدرا مقدورا: قال الحافظ

جايى كه برق عصيان بر آدم صفى زد ماراجه كونه زيبد دعوئ بى كناهى

هذا بالنسبة الى حال يعقوب وابتلائه.
واما بالنسبة الى يوسف فقد حكى انه اخذ يوما مرآة فنظر الى صورته فاعجبه حسنه وبهاؤه فقال لو كنت عبدا فباعونى لما وجد لى ثمن فابتلى بالعبودية وبيع بثمن بخس وكان ذلك سبب فراقه من ابيه
وفيه اشارة الى ان الجمال والكمال كله لله تعالى واذا اضيف الى العبد مجازا فلا بد للعبد ان يجتهد الى ان يصبر حرا عما سوى الله تعالى واذا اضيف الى العبد مجازا فلا بد للعبد ان يجتهد الى ان يصير حرا عما سوى الله تعالى ويتخلص من الاضافات والقيود ويرى الامر كله لله تعالى ويكون عبدا محضا حقا لله تعالى: قال المولى الجامى

كسوت خواجكى وخلعت شاهى جه كند هر كرا غاشيه بند كيت بر دوش است

وبالجملة ان طريق التصفية طريقة صعبة ومن اسبابها الادب والمحنة ولذلك ورد "ما اوذى نبى مثل ما اوذيت" اى ما صفى نبى مثل ما صفيت.
وذرة من محنة هذه الطريقة العلية اعلى من كثير من الكشف والكرامات وما ابتلى الله احدا بمثل ما ابتلى به اصفياءه الا اختاره لذاته ولعبوديته فافهم والله الهادى الى الحقائق