خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّاهِدِينَ
٢٠
-يوسف

روح البيان في تفسير القرآن

{ وشروه } اى باعوه وهو من الاضداد والضمير للوارد واصحابه.
يقول الفقير ايده الله القدير جعلوه عرضة للابتذال بالبيع والشراء لانهم لم يعرفوا حاله اما لان الله تعالى اغفلهم عن السؤال ليقضى امرا كان مفعولا او لانهم سألوا عن حاله ولم يفهموا لغته لكونها عبرية. وههنا روايات واهية بعيدة ينبغى ان لا يلتفت اليها وان ذهب اليها الجم الغفير من المفسرين ولله در المولى ابى السعود فى ارشاده { بثمن بخس } زيف ناقص العيار.
قال الكاشفى [ببهاى اندك وبى اعتبار] وهو بمعنى المبخوس لان الثمن لا يوصف بالمعنى المصدرى ووصف بكونه مبخوسا اما لرداءته وغشه او لنقصان وزنه من بخسه حقه اى نقصه كما فى حواشى ابن الشيخ. وقال بعضهم بثمن بخس اى حرام منقوص لان ثمن الحر حرام انتهى حمل البخس على المعنى لكونه الحرام ممحوق البركات والقول الاول هو الاصح { دراهم } بدل من ثمن اى لا دنانير { معدودة } اى غير موزونة فهو بيان لقلته ونقصانه مقدارا بعد بيان نقصانه فى نفسه لانهم كانوا يزنون الاوقية وهى اربعون درهما ويعدون ما دونها. فعن ابن عباس انها كانت عشرين درهما. وعن السدى اثنين وعشرين درهما
قيل ان الصبيان اخذوا النبى عليه السلام فى طريق المسجد وقالوا كن لنا جملا كما تكون للحسن والحسين قال لبلال اذهب الى البيت وائت بما وجدته لاشترى نفسى منهم فاتى بثمانى جوزات فاشترى بها نفسه وقال (اخوة يوسف باعوه بثمن بخس دراهم معدودة وباعونى بثمانى جوزات) كذا فى روضة الاخبار { وكانوا } اى البائعون { فيه } فى يوسف { من الزاهدين } الزهد والزهادة قلة الرغبة فى الشيء اى من الذين لا يرغبون فيما بايدهم فلذلك باعوه بما ذكر من الثمن البخس وسبب ذلك انهم التقطوه والملتقط للشيء متهاون به او غير واثق بامره يخاف ان يظهر له مستحق فينتزعه منه فيبيعه من اول مساوم باوكس ثمن هذا مع الجمال الظاهر
وفيه اشارة الى ان الجمال الظاهر. لا خطر له عند الله تعالى وانما الجمال هو الجمال الباطن وفى الحديث
"ان الله لا ينظر الى صوركم واموالكم بل الى قلوبكم واعمالكم" يعنى ان كانت لكم قلوب واعمال صالحة تكونون مقبولين مطلقا سواء كانت لكم صور حسنة واموال فاخرة ام لا والا فلا وليس بيع يوسف بثمن بخس باعجب من بيعك نفسك بادنى شهوة فلا بد من الامساك والاحتماء والقناعة: قال المولى الجامى قدس سره

هر آنكه كنج قناعت بكنج دنيا داد فروخت يوسف مصرى بكمترين ثمنى

[كويند كه نافع مولاى عبد الله بن عمر كه ايتاد امام شافعى بود آنكاه كه مرد كفت اين جايكه را بكنيد بكنيدند بيست وده هزاردرم درسبوى بديد آمد كفت آنكاه كه ازجنازه من باز امده باشيد اين بدرويش دهيد اورا كفتند ياشيخ جون توسكى درم نهد كفت بحق اين وقتك شك زكاة وى بر كردن من نيست وهركز عيالان خودرا بسختى نداشتم لكن هركاه كه مرا آرزويى بودى آنجه بدان آرزو بايستى دادن درين سؤال افكندمى تا اكر مرا روز سختى بيش آيد بدر سفله نبايد رفتن] ففى هذه الحكاية ما يدل على المجاهدة النفسية والطبعية. اما الاولى فلانه ما كتم المال وادخره لاجل الكنز بل لاجل البذل. واما الثانية فلانه منع عن طبيعته مقتضاها وشهواتها والحواس والقوى لا تعرف قدر القلب وتبيعه بادنى حفظ نفس فان لانها مستعدة للاحتظاظ بالتمتعات الدنيوية الفانية والقلب مستعد للاحتظاظ بالتمتعات الاخروية الباقية بل هو مستعد للاحتظاظ بالشواهد الربانية وانه اذا سقى بشراب طهور تجلى الجمال والجلال يهريق سؤره على ارض النفس والقوى والحواس فيحتظون به فانه للارض من كأس الكرام نصيب