خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ
٢١
-الرعد

روح البيان في تفسير القرآن

{ والذين يصلون } [وآنانكه بيوند ميكنند] { ما امرهم الله به ان يوصل } المفعول الاول محذوف تقديره ما امرهم الله به ان يوصل بدل من الضمير المجرور اى يوصله.
وهذه الآية يندرج فيها امور.
الاول صلة الرحم واختلف فى حد الرحم التى يجب صلتها.
فقيل كل ذى رحم محرم بحيث لو كان احدهما ذكرا والآخر انثى حرمت منا كحتهما فعلى هذا لا يدخل اولاد الاعمام والعمات واولاد الخال والخالات.
وقيل وهو عام كل ذى رحم محرما ما كان او غير محرم وارثا كان او غير وارث وهذا القول هو الصواب.
قال النووى وهذا اصح والمحرم من لا يحل له نكاحها على التأبيد لحرمتها. فقولنا على التأبيد احتراز عن اخت الزوجة. وقولنا لحرمتها احتراز عن الملاعنة فان تحريمها ليس لحرمتها بل للتغليظ.
واعلم ان قطع الرحم حرام والصلة واجبة ومعناها التفقد بالزيارة والاهداء والاعانة بالقول والفعل وعدم النسيان واقله التسليم وارسال السلام المكتوب ولا توقيت فيها فى الشرع بل العبرة بالعرف والعادة كذا فى شرح الطريقة. وصلة الرحم سبب لزيادة الرزق وزيادة العمر وهى اسرع اثرا كعقوق الوالدين فان العاق لهما لا يمهل فى الاغلب ولا تنزل الملائكة على قوم فيهم قاطع رحم.
والثانى الايمان بكل الانبياء عليهم السلام فقولهم نؤمن ببعض ونكفر ببعض قطع لما امر الله ان يوصل.
والثالث موالاة المؤمنين فانه يستحب استحبابا شديدا زيارة الاخوان والصالحين والجيران والاصدقاء والاقارب واكرامهم وبرهم وصلتهم وضبط ذلك يختلف باختلاف احوالهم ومراتبهم وفراغهم وينبغى للزائر ان تكون زيارته على وجه لا يكرهون وفى وقت يرتضون فان رأى اخاه يحب زيارته ويأنس به اكثر زيارته والجلوس عنده وان رآه مشتغلا بعبادة او غيرها او رآه يحب الخلوة يقل زيارته حتى لا يشغله عن عمله. وكذا عائد المريض لا يطيل الجلوس عنده الا ان يستأنس به المريض. ومن تمام المواصلة المصافحة عند الملاقاة ويستحب مع المصافحة البشاشة بالوجه والدعاء بالمغفرة وغيرها: قال الحافظ

يارى اندركس نمى بنييم يارانراجه شد دوستى كى آخر آمدودوستدارنراجه شد
كس نمى كويدكه يارى داشت حق دوستى حق شناسانراجه حال افتادويارا نراجه شد

والرابع مراعاة حقوق كافة الخلق حتى الهرة والدجاجة.
وعن الفضيل ان جماعة دخلوا عليه بمكة فقال من اين انتم قالوا من اهل خراسان قال اتقوا الله وكونوا من حيث شئتم واعلموا ان العبد لو احسن الاحسان كله كانت له دجاجة فاساء اليها لم يكن من المحسنين - وروى - ان امرأة عذبت فى هرة حبستها فلم تطعمها الى ان ماتت وامرأة رحمها الله وغفر لها بسبب ان سقت كلبا عطشان بخفها.
وكان اويس القرنى يقتات من المزابل ويكتسى منها فنبحه يوما كلب على مزبلة قال له اويس كل مما يليك وانا آكل مما يلينى ولا تنبحنى فان جزت الصراط فانا خير منك والا فانت خير منى.
يقول الفقير وذلك ان الانسان السعيد خير البرية والشقى شر البرية والكلب داخل فى البرية وهذا كلام من مقام الانصاف فان اهل الحق لا يرون لانفسهم فضلا. ولذا كانوا يعدون من سواهم اياما كان خيرا. منهم وورد
"رب بهيمة خير من راكبها" وهذا العلم اعطاهم مراعاة الحقوق مع جميع الحيوانات { ويخشون ربهم } اى وعيده عموما { ويخافون سوء الحساب } خصوصا فيحاسبون انفسهم قبل ان يحاسبوا.
وقال ابو هلال العسكرى الخوف يتعلق بالمكروه ومنزل المكروه يقال خفت زيدا وخفت المرض كما قال تعالى
{ { يخافون ربهم من فوقهم } وقال { ويخافون سوء الحساب } والخشية تتعلق بمنزل المكروه ولا يسمى الخوف من نفس المكروه خشية ولهذا قال { ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب } انتهى.
وسوء الحساب سبق قريبا والخوف من اجل المنازل وانفعها للقلب وهو مرفوض على كل واحد

هركه ترسد مرورا ايمن كنند مر دل ترسنده را ساكن كنند