خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ
٢٥
-الحجر

روح البيان في تفسير القرآن

{ وان ربك هو } لا غير { يحشرهم } اى يجمع المتقدمين والمتأخرين يوم القيامة للجزاء وهو القادر على ذلك والمتولى له لا غير فهو رد لمنكرى البعث { انه حكيم } بالغ الحكمة متقن فى افعاله فانها عبارة عن العلم بحقائق الاشياء على ما هى عليه والاتيان بالافعال على ما ينبغى وهى صفة من صفاته تعالى لا من صفات المخلوقين وما يسمونه الفلاسفة الحكمة هى من نتائج العقل والعقل من صفات المخلوقين فكما لا يجوز ان يقال الله العاقل لا يجوز للمخلوق الحكيم الا بالمجاز لمن آتاه الله الحكمة كما فى التأويلات النجمية { عليم } وسع علمه كل شئ ولعل تقديم صفة الحكمة للايذان باقتضائها للحشر والجزاء.
وقال الامام الواحدى فى اسباب النزول عن ابن عباس رضى الله عنهما قال كانت تصلى خلف النبى عليه السلام امرأة حسناء فى آخر النساء فكان بعضهم يتقدم فى الصف الاول ليراها وكان بعضهم فى الصف المؤخر فاذا ركع نظر من تحت ابطه فنزلت.
وقيل كانت النساء يخرجن الى الجماعة فيقفن خلف الرجال فربما كان من الرجال من فى قلبه ريبة يتأخر الى آخر صف الرجال ومن النساء من فى قلبها ريبة تتقدم الى اول صف النساء لتقرب من الرجال فنزلت وفى الحديث
"خير صفوف الرجال اولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها اولها" قال فى فتح القريب هذا ليس على عمومه بل محمول على ما اذا اختلطن بالرجال فاذا صلين متميزات لامع الرجال فهن كالرجال ومن صلى منهن فى جانب بعيد عن الرجال فاول صفوفهن خير لزوال العلة والمراد بشر الصفوف فى الرجال والنساء كونها اقل ثوابا وفضلا وابعدها عن مطلوب الشرع وخيرها بعكسه. وانما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن عن مخالطة الرجال ورؤيتهن وتعلق القلب بهن عند رؤية حركاتهن وسماع كلامهن ونحو ذلك. وذم اول صفوفهن لعكس ذلك والصف الاول الممدوح الذى وردت الاحاديث بفضله والحث عليه هو الذى يلى الامام سواء كان صاحبه على بعد من الامام او قرب وسواء تخلله مقصورة او منبرا واعمدة ونحوها ام لا هذا هو الصحح وقيل الصف الاول هو المتصل من طرف المسجد الى طرفه لا تتخلله مقصورة ونحوها فان تخلل الذى يلى الامام شئ فليس باول الاول ما لم يتخلله شئ وان تأخر.
وقيل الصف الاول عبارة عن مجيئ الانسان الى المسجد اولا وان صلى فى صف متأخر وعن انس رضى الله عنه حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصف الاول فى الصلاة فازدحم الناس عليه وكان بنو عذرة دورهم قاصيه عن المسجد فقالوا نبيع دورنا ونشترى دورا قريبة من المسجد فانزل الله تعالى هذه الآية يعنى انما يؤجرون بالنية وفى الحديث
"الا ادلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات قالوا بلى يا رسول الله اسباغ الوضوء غلى المكاره وكثرة الخطى الى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة"
قال فى فتح القريب الدار البعيدة لمن يقدر على المشى افضل وهذا فى حق من هو متفرغ لذلك ولا يفوته بكثرة خطاه او مشيه الى المسجد مهم من مهمات الدين فان كان يفوته ذلك كالاشتغال بالعلم والتعلم والتعليم ونحو ذلك من فروض الكفاية فالدار القريبة فى حقه افضل وكذا الضعيف عن المشى ونحوه
فان قيل روى الامام احمد فى مسنده ان النبى صلى الله عليه وسلم قال
"فضل البيت القريب من المسجد على البعيد منه كفضل المجاهد على القاعد عن الجهاد"
فالجواب ان هذا فى نفس البقعة وذاك فى الفعل فالبعيد دارا مشيه اكثر وثوابه اعظم والبيت القريب افضل من البيت البعيد ولهذا قيل فى قوله صلى الله عليه وسلم "الشؤم فى ثلاث المرأة والدار والفرس" ان شؤم الدار ان تكون بعيدة عن المسجد لا يسمع ساكنها الاذان.
قال العلماء ينبغى ان يستثنى من افضلية الا بعد الامام فان النبى عليه السلام والائمة بعده لم تتباعد عن المسجد لطلب الاجر.
واختلف فيمن قربت داره من المسجد هل الافضل له ان يصلى فيه او يذهب الى الا بعد فقالت طائفة الصلاة فى الابعد افضل عملا بظاهر الاحاديث وقيل الصلاة فى الاقرب افضل لما روى الدارقطنى ان النبى صلى الله عليه وسلم قال
"لا صلاة لجار المسجد الا فى المسجد" ولا حياء حق المسجد ولماله من الجوار فان كان فى جواره مسجد ليس فيه جماعة وبصلاته فيه تحصل الجماعة كان فعلها فى مسجد الجوار افضل على المذهب لما فى ذلك من عمارة المسجد واحيائه بالجماعة اما لو كان اذا صلى فى المسجد الجوار صلى وحده فالبعيد افضل ولو كان اذا صلى فى بيته جماعة واذا صلى فى المسجد صلى وحده ففى بيته افضل.
قال بعضهم جار المسجد اربعون دارا من كل جانب وقيل جار المسجد من سمع النداء ويقال اراد بالآية المصلين فى اول الوقت والمؤخرين الى آخره وفى الحديث
"اول الوقت رضوان الله ووسط الوقت رحمة الله وآخر الوقت عفو الله تعالى" قال فى شرح كتاب الشهاب للقضاعى عند قوله عليه السلام "نوروا بالفجر فانه اعظم للاجر" [كفت نمازبامداد بروشنايى كنيد كه مزدبزر كتر باشد يعنى بآخر وقت واين مذهب ابو حنيفةرحمه الله باشد كه نماز بآخر وقت فاضلتر باشد يعنى كه وجوب متأكد تر باشد كه بفوات نزديكتر باشد ومذهب امام شافعىرحمه الله كفت اول الوقت رضوان الله وآخر الوقت عفو الله وعفو نباشد الا از كناه بس معلوم كشت كه اول وقت فاضلتر باشد] قال ابو محمد النيسابورى المراد بآخر الوقت بعد خروجه لان العفو يقتضى ذلك لانه لا يكون الا عن ذنب فالمراد باول الوقت عنده جميع الوقت كما قال فى اسئلة الحكم الوقت وقتان وقت الاداء ووقت القضاء فوقت الاداء هو اول الوقت المرضى عند الله ووقت القضاء هو الوقت المرخص فيه وآخر الوقت هو القضاء وهو عفو الله عمن قضى الصلاة خارج وقتها.
فان قيل ما معنى اول الوقت رضوان الله.
والجواب ان اول الوقت بمنزلة المفتاح فاذا حصل وعرف قدره فقد استعد لرضى الله تعالى لان العبرة للفاتح والخاتم فاذا حصل المفتاح حصل الختم وينبغى ان يشتغل باسباب الصلاة عند دخول الوقت او يقدم ما يمكن من الاسباب قبل دخول الوقت ويشرع فى الصلاة اذا دخل الوقت لتنطبق الصلاة على اول الوقت ويستحب التأخير فى مسائل. منها الابراد بالظهر. ومنها فقد الماء واول الوقت وكان ذائقة من وجوده آخر الوقت. ومنها اذا كان بحضرة طعام تتوق اليه نفسه. ومنها اذا كان يتحقق الجماعة آخر الوقت. ومنها اذا كان بمواضع منهى عنها كمواضع المكس والاسواق والربا ومن اعظم مواضع الربا الصاغة فانه يحرم دخولها بغير حاجة لغلبة الربا فيها.
قال فى شرح المهذب فاذا تيقنت بهذا المذكور فعليك بالاقدام على الطاعات والمسارعة الى العبادات حتى لا يظفر بك النفس والشيطان فى جميع الحالات واحذر من التسويف ولعلك لا تنال ما املت من عمر وزمان: وفى المثنوى

صوفى ابن الوقت باشداى رفيق نيست فردا كفتن از شرط طريق