خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ
٣١
قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ
٣٢
قَالَ لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ
٣٣
-الحجر

روح البيان في تفسير القرآن

{ الا ابليس } ابلس يئس وتحير منه ابليس او هو اعجمى انتهى.
وعلى الثانى ليس فيه اشتقاق وهو الاصح عند الجمهور والاستثناء متصل لانه الاصل لانه كان جنيا مفردا مستورا فيما بين الملائكة فامر بالسجود معهم فغلبوا عليه فى قوله فسجد الملائكة تغليب الذكر على الانثى ثم استثنى كما يستثنى الواحد منهم استثناء متصلا ونظيره قولك رأيتهم الا هندا وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال الله لجماعة من الملائكة اسجدوا لآدم فلم يفعلوا فارسل عليهم نارا فاحرقتهم ثم قال لجماعة اخرى اسجدوا لآدم فسجدوا الا ابليس.
يقول الفقير فيه اشكالان الاول ان عبادة الملائكة طبيعية فلا يتصور منهم التردد فضلا عن الامتناع عن الامتثال للامر الالهى لا سيما ان ابليس لو شاهد تلك الحال لبادر الى الامتثال خوفا من سطوة الجلال اللهم الا ان لا يكون بحضوره والثانى ان التأكيدين افادا المعية والاجتماع وذلك بالنظر الى جميع الملائكة وفيه ذكره تفريق لطائفة عن اخرى { أبى ان يكون مع الساجدين } ابى الشيء يأباه ويأبيه اباه واباءة كرهه وابيته اياه كما فى القاموس وهو جواب قائل قال لم لم يسجد اى عدم سجوده لم يكن من تردده بل من ابائه واستكباره ويجوز ان يكون الاستثناء منقطعا فيتصل به ما بعده اى لكن ابليس أبى ان يكون معهم فى السجود لآدم.
وفيه دلالة على كمال ركاكة رأيه حيث ادمج فى معصية واحدة ثلاث معاص مخالفة الامر والاستكبار مع تحقير آدم ومفارقة الجماعة والاباء عن الانتظام فى سلك اولئك المقربين الكرام.
قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره فى روح القدس اعلم انه لا شيء انكى على ابليس من آدم فى جميع احواله فى صلاته من سجوده لانها خطيئته فكثرة السجود وتطويله يحزن الشيطان وليس الانسان بمعصوم من ابليس فى صلاته الا فى سجوده لانه حينئذ يتذكر الشيطان معصيته فيحزن فيشتغل بنفسه عنه ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"اذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكى ويقول يا ويلتى امر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وامرت بالسجود فابيت فلى النار" فالعبد فى سجوده معصوم من الشيطان غير معصوم من النفس فخواطر السجود اما ربانية او ملكية او نفسية وليس للشيطان عليه من سبيل فاذا اقام من سجوده غابت تلك الصفة عن ابليس فزال حزنه فاشتغل به: وفى المثنوى

آدمى را دشمن بنهان بسيست آدمى باحذر عاقل كسيست
خل بنهان زشتشان وخوبشان مى زند بردل بهر دم كوبشان
بهر غسل اردر روى در جويبار بر تو آسيبى زند در آب خار
كرجه بنهان خار در آبست بست جونكه دو تومى خلد دانى كه هست
خار خارو حيلها ووسوسه از هزاران كس بوديك كسه
باش تاخسهاى تو مبدل شود تا بينى شان ومشكل حل شود

{ قال } استئناف مبنى على سؤال من قال فماذا قال تعالى عند ذلك فقيل قال الله { يا ابليس ما لك } اى أى سبب لك { ان لا تكون } فى ان لا تكون { مع الساجدين } لآدم مع انهم ومنزلتهم فى الشرف منزلتهم وما كان التوبيخ عند وقوعه لمجرد تخلفه عنهم بل لكل من المعاصى الثلاث المذكورة.
{ قال } ابليس وهو ايضا استئناف بيانى { لم اكن لاسجد } اللام لتأكيد النفى اى ينافى حال ولا يستقيم منى ان اسجد { لبشر } اى جسم كثيف وانا جوهر روحانى { خلقته من صلصال } [از كل خشك] { من حمأ مسنون } [ازلاى سياه بوى ناك] وقد تقدم تفسيره: يعنى [اورا ازا خس عناصر آفريدى كه خاست ومرا از اشرف آن كه آتش است بس روحانى لطيف جرا فرمان جسمانى كثيف برد واورا سجده كند ابليس نظر بظاهر آدم داشت واز باطن او غافل بود صورتش را ويرانه ديد ندانست كه كنج اسرار دران خرابه مدفونست

كجست درين خانه كه در كون نكنجد اين كنج خراب از بى آن كنج نهانست
فى الجمله هرآنكس كه درين خانه رهى يافت سلطان زمين است وسليمان زمانست

وفى التأويلات النجمية { فسجد الملائكة كلهم اجمعون } لما فيهم من خصوصية انقياد النورية واختصاص العلم بقبول النصح { الا ابليس ابى ان يكون مع الساجدين } لاختصاصه بالتمرد وتمرد النارية والجهل الذى هو مركوز فيه ولحسبانه انه عالم اذ { قال } له ربه { يا ابليس مالك ان لا تكون مع الساجدين } اى ما حجتك فى الامتناع عن السجود { قال لم اكن لاسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون } اى حجتى انك خلقتنى من نار وهى جوهر لطيف نورانى علوى وخلقته من طين وهو كثيف ظلمانى سفلى فانا خير منه بهذا الدليل فاشار بهذا الاستدلال الى ان آدم ر ينبغى ان يسجد له لفضله عليه ومن غاية جهالته وسخافة عقله يشم من نتن كلامه ان الله اخطأ فيما أمره وامر الملائكة من السجود لآدم وحسب ان الله جعل استحقاق آدم لسجود الملائكة فى بشرية آدم وخلقته من الطين وهو بمعزل عما جعل الله استحقاقه للسجود فى سر الخلافة المودعة فى روحه المشرف بشرف الاضافة الى حضرته المختص باختصاص نفحته المتعلم للاسماء كلها المستعد لتجلى جماله وجلاله فيه ومن ههنا قيل لابليس انه اعور لانه كان بصيرا باحدى عينيه التى يشاهد بها بشرية آدم وما اودع فيها من الصفات الذميمة الحيوانية السبعية المذمومة المتولد منها الفساد وسفك الدماء وانه كان اعمى باحدى عينيه التى يشاهد بها سر الخلافة المودع فى روحانيته وما كرم به من علم الاسماء والنفخة الخاصة وشرف الاضافة الى نفسه وغير ذلك من الاصطفاء والاجتباء.
قال حضرة شيخى وسندى فى بعض تحريراته الارض وحقائق الارض فى الطمأنينة والاحسان بالوجود لذلك لا يزال ساكنا وسكونا وساكتا وسكوتا لفوزه بوجود مطلوبه فكان اعلى مرتبة العلو فى عين السفل وقام بالرضى المتعين من قلب الارض فمقامه رضى وحاله تسليم ودينه اسلام انتهى.
ويشير الى سر كلام حضرة الشيخ قول من قال

ارس را در بيابان جوش باشد بدريا جون رسد خاموش باشد

وقول الصائب ايضا

عاشقانرا تافنا از شادى وغم جاره نيست سيل را بست وبلندى هست تادريا شدن