خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ
٥٠
-الحجر

روح البيان في تفسير القرآن

{ وان عذابى } [وبآنكه عذاب من برعاصى كه از توبه واستغفار منحرفست] { هو العذاب الاليم } هو مثل انا المذكور اى واخبرهم بان ليس عذابى الا العذاب الاليم وفى توصيف ذاته بالغفران والرحمة دون التعذيب حيث لم يقل على وجه المقابلة وانى المعذب المؤلم ايذان بانهما مما يقتضيهما الذات وان العذاب انما يتحقق بما يوجبه من خارج وترجيح وعد الطف وتأكيد صفة العفو

كرجه جرم من از عدد بيش است سبقت رحمتى از ان بيش است
جه عجب كر عذاب ننمايد بركنه بيشكان ببخشايد

وفى التأويلات النجمية يشير الى ان المختصين بعبوديته هم الاحرار عن رق عبودية ما سواه من الهوى والدنيا والعقبى وهم مظاهر صفات لطفه ورحمته والعذاب لمن يكون عبد الهوى والدنيا وما سوى الله وانه مظهر صفات قهره وعزته.
وفيه اشارة اخرى الى ان سير السائرين وطيران الطائرين فى هواء العبودية وفضاء الربوبية انما يكون على قدمى الخوف والرجاء وبجناحى الانس والهيبة معتدلا فيهما من غير زيادة احداهما على الاخرى وفى الروضة لقى يحيى عليهما السلام فتبسم عيسى على وجه يحيى فقال مالى اراك لاهيا كأنك آمن فقال ما لى اراك عابسا كأنك آيس فقالا لا نبرح حتى ينزل علينا الوحى فاوحى الله تعاللى احبكما الى احسنكما ظنا بى وروى احبكما الى الطلق البسام ولم يزل زكريا عليه السلام يرى ولده يحيى مغموما باكيا مشغولا بنفسه فقال يا رب طلبت ولدا انتفع به قال طلبته وليا والولى لا يكون الا هكذا.
قال مسروق ان المخافة قبل الرجاء فان الله تعالى خلق جنة ونارا فلن تخلصوا الى الجنة حتى تمروا بالنار.
يقول الفقير الذى ينبغى ان يقدمه العبد هو الخوف لانه الاصل وفيه تخلية القلب من الامانى الفاسد ولا ينافيه كون متعلق الرجاء هو السابق وهو رحمة الله الواسعة فانها الاصل وهو بالنسبة الى صفات الله ولذا جاء فى الحديث
"لو يعلم العبد قدر رحمة الله ما تورع عن حرام ولو يعلم العبد قدر عقوبة الله لبخع نفسه" اى اهلكها فى عبادة الله تعالى "ولما اقدم على ذنب"
واعلم ان اسباب المغفرة كثيرة اعظمها العشق والمحبة فان الله تعالى انما خلق الانس والجن للعبادة الموصلة الى المعرفة الالهية والجذبة الربانية: قال الحافظ

هرجند غرق بحر كناهم زشش جهت كر آشناى عشق شوم غرق رحمتم

واسباب العذاب ايضا كثيرة اعظمها الجهل بالله تعالى وصفاته.
فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق العشق والمحبة والمعرفة الى ان يصل الى المراد ويستريح من تعب الطلب والاجتهاد فان الواصل الى المنزل مستريح.
وقد قيل الصوفى من لا مذهب له واما من بقى فى الطريق فهو فى اصبعى الرحمن لا يزال يتقلب من حال الى حال ومن امن الى خوف وبالعكس الى ان تنقطع الاضافات وعند ذلك يعتدل حاله ويستقيم ميزان علمه وعمله فيعبد الله تعالى الى ان يأتيه اليقين وهو الموت