خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلْقُرْآنَ عِضِينَ
٩١
-الحجر

روح البيان في تفسير القرآن

{ الذين جعلوا القرآن } المنزل عليك يا محمد { عضين } اجزاء. وبالفارسية [باره باره يعنى بخش كردند قرآنرا] والموصول مع صلته صفة مبينة لكيفية اقتسامها اى قسموا القرآن الى حق وباطل حيث قالوا عنادا وعدوانا بعضه حق موافق للتوراة والانجيل وبعضه باطل مخالف لهما وهذا المعنى مروى عن ابن عباس رضى الله عنهما. والغرض بيان المماثلة بين الايتاءين لا بين متعلقيهما كما فى الصلوات الخليلية فان التشبيه فيها ليس لكون رحمة الله الفائضة على ابراهيم وآله اتم واكمل مما فاض على لنبى عليه الصلاة والسلام وانما ذلك للتقدم فى الوجود فليس فى التشبيه اشعار بافضلية المشبه به من المشبه فضلا عن ايهام افضلية ما تعلق به الاول مما تعلق به الثانى فان عليه الصلاة والسلام اوتى ما لم يؤت احد قبله ولا بعد مثله. وعضين جمع عضة وهى الفرقة والقطعة اصلها عضوة فعلة من عضى الشاة تعضية اذا جعلها اعضاء وانما جمعت جمع السلامة جبرا للمحذوف وهو الواو كسنين وعزين والتعبير عن تجزية القرآن بالتعضية التى هى تفريق الاعضاء من ذى الروح المستلزم لازالة حياته وابطال اسمعه دون مطلق التجزئة والتفريق اللذين يوجدان فيما لا يضره التبعيض من المثليات للتنصيص على كمال قبح ما فعلوه بالقرآن العظيم هذا.
وقد قال بعضهم المقتسمون اثنا عشر او ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة ايام موسم الحج فاقتسموا عقاب مكة وطرقها وقعدوا على ابوابها فاذا جاء الحاج قال واحد منهم لا تغتروا بهذا الرجل فانه مجنون وقال آخر كاهن وآخر عرّاف وآخر شاعر وآخر ساحر فثبط كل واحد منهم الناس عن اتباعه عليه الصلاة والسلام ووقعوا فيه عندهم فاهلكهم الله يوم بدر وقبله بآفات وعلى هذا فيكون الموصول مفعولا او لا لانذر الذى تضمنه النذير اى انذر المعضين الذين يجزؤن القرآن الى شعر وسحر وكهانة واساطير الاولين مثل ما انزلنا على المقتسمين اى سننزل على ان يجعل المتوقع كالواقع وهو من الاعجاز لانه اخبار بما سيكون وقد كان هذا المعنى هو الاظهر ذكره ابن اسحاق كذا فى التكملة لابن عساكر