خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ
١٣
-النحل

روح البيان في تفسير القرآن

{ وما ذرأ لكم } عطف على قوله والنجوم رفعا ونصبا على انه مفعول لجعل المقدر اى وما خلق { فى الارض } من حيوان ونبات حال كونه { مختلفا الوانه } اى اصنافه فان اختلافها غالبا يكون باختلاف اللون سخر لله تعالى او لما خلق من الخواص والاحوال والكيفيات او جعل ذلك مختلف الاصناف لتتمتعوا من ذلك بأى صنف شئتم.
وفى بحر العلوم مختفا الوانه هيآته من خضرة وبياض وحمرة وسواد وغير ذلك. وفي اكثر التفاسير وما ذرأ معطوف على الليل والنهار اى وسخر لكم ما خلق لاجلكم وتعقب بان ذكر الخلق لهم مغن عن ذكر التسخير واعتذر بان الاول لا يستلزم الثانى لزوما عقليا لجواز كون ما خلق لهم عزيز المرام صعب المنال { ان فى ذلك } الذى ذكر من التسخيرات ونحوها { لآية } دالة على ان من هذا شأنه واحد لا شريك له { لقوم يتذكرون } فان ذلك غير محتاج الا الى تذكر ما عسى يغفل عنه من العلوم الضرورية.
والاشارة
{ وسخر لكم الليل } ليل البشرية { والنهار } نهار الروحانية { والشمس } شمس الروح { والقمر } فمر القلب { والنجوم } نجوم القوى والحواس الخمس { مسخرات بامره } وهو خطاب وتسخيرها استعمالها على وفق الشريعة وقانون الطريقة بمعالجة طبيب حاذق البصيرة والولاية كامل التصرف فى الهداية مخصوص بالعناية { ان في ذلك لآيات } لشاهدات { لقوم يعقلون } بشواهد الحق من غير التفكر بل بالمعاينات { وما ذرأ لكم } وما خلق لمصالحكم { فى الارض } فى ارض جبلتكم من الاستعدادات { مختلفا الوانه } منها ملكية ومنها شيطانية ومنها حيوانية { ان فى ذلك لآيات لقوم يتذكرون } عبور ارواحهم على هذه العوالم المختلفة وتلونها فى كل عالم بلون ذلك العالم من عوالم الملكية والشيطانية والحيوانية الى ان ردت الى اسفل سافلين القالب كذا فى التأويلات النجمية.
فعلى العاقل ان يتخلص من قيد الغفلة ويربط نفسه بسلسلة اهل التذكر. قال محمد بن فضل ذكر اللسان كفارات ودرجات وذكر القلب زلفى وقربات والتذكر من شأن القلب والقلب امير الجسد واسير الحق وفى الحديث
"لولا ان الشياطين يحومون على قلوب بنى آدم لنظروا الى ملكوت السموات" وفى هذه اشارة الى الاسباب التى هى حجاب بين القلب وبين الملكوت واصحاب القلوب من الانس ثلاثة صنف كالبهائم قال الله تعالى { لهم قلوب لا يفقهون بها } وصنف اجسادهم اجساد بنى آدم وارواحهم ارواح الشياطين وصنف فى ظل الله تعالى يوم لا ظل الا ظله كذا فى الخالصة: قال السعدى قدس سره

ترا ديده درسر نهادند وكوش دهن جاى كفتار ودل جاى هوش
مكر باز دانى نشيب از فراز نكويى كه اين كوتهست يادراز

يعنى ان الله تعالى خلق كل عضو من الاعضاء بالحكمة فاستعملوها فيما خلقت له.