خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً
٣٦
-الإسراء

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولا تقف } اى لا تتبع من قفا اثره يقفو نبعه ومنه سميت القافية قافية { ما ليس لك به علم } اى لا تكن فى اتباع ما لا علم لك به من قول او فعل كمن يتبع مسلكا لا يدرى انه يوصل الى مقصده.
قال الزمخشرى وقد استدل به مبطل الاجتهاد ولم يصح لان ذلك نوع من العلم فقد اقام الشرع غالب الظن مقام العلم وامر بالعمل به انتهى. يعنى ان لاعتقاد الراجح فى حكم الاعتقاد الجازم للاجماع على وجوب العمل بالشهادة والاجتهاد فى القبلة ونحو ذلك فلا دليل فى الآية على من منع اتباع الظن والعمل بالقياس كالظاهرية { ان السمع }[بدرستى كه كوش } { والبصر }[وجشم]{ والفؤاد }[ودل]{ كل اولئك } اى كل واحد من هذه الجوارح فاجراها مجرى العقلاء لما كانت مسئولة عن احوالها شاهدة على اصحابها { كان عنه } عن نفسه وعما فعل به صاحبه { مسئولا }[برسيده شده يعنى از ايشان خواهند برسيدكه صاحب شما باشما جه معامله كرده ازسمع سؤال كنند جه شنيدى وازجشم برسندكه جه ديدى وجرا ديدى واز دل برسندكه جه دانستى وجرا دانستى].
قال فى بحر العلوم اعلم ان المراد بالنهى عن اتباع كل ما فيه جهل مما يتعلق بالسمع والبصر والقلب كأنه تعالى قال لا تسمع كل ما لا يجوز سماعه ولا تبصر كل ما لا يجوز ابصاره ولا تعزم على كل مالا يجوز لك العزم عليه لان كل واحد منها يسأله الله تعالى ويجازيه ولم يذكر اللسان مع انه من اعظمها لان السمع يدل عليه لان ما يكب الناس على مناخرهم فى نار جهنم الا حصائد ألسنتهم وتلك الحصائد من قبل المسموعات اللازمة للسمع.
وفى الآية دلالة على ان العبد مؤاخذ بعزمه على المعصية كما قال تعالى
{ ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم } اى بما كسبت مما يدخل تحت الاختيار من خبائث اعمال القلب من حب الدنيا ومن الرياء والعجب والحسد والكبر والنفاق مثلا واما ما لا يدخل تحت الاختيار فلا يؤاخذ به الا ترى الى قوله عليه السلام "عفى عن امتى ما حدثت بها نفوسها"
قال فى الاشباه والنظائر حديث النفس لا يؤاخذ به ما لم يتكلم او يعمل به كما فى حديث مسلم وحاصل ما قالوه ان الذى يقع فى النفس من قصد المعصية علىخمس مراتب الهاجس وهو ما يلقى فيها ثم جريانه فيها وهو الخاطر ثم حديث النفس وهو ما يقع فيها من التردد هل يفعل اولا ثم الهم وهو ترجيح قصد العمل ثم العزم وهو قوة ذلك القصد والجزم به فالهاجس لا يؤاخذ به اجماعا لانه ليس من فعله وانما هو شئ اورد عليه لا قدرة له على رده ولا صنع والخاطر الذى بعده كان قادرا على دفعه بصرف الهاجس اول وروده ولكن هو وما بعده من حديث النفس مرفوعان بالحديث الصحيح واذا ارتفع حديث النفس ارتفع ما قبله بالاولى.
وقال بعض الكبار جميع الخواطر معفوة الا بمكة المكرمة ولهذا اختار عبد الله بن عباس رضى الله عنهما السكنى بالطائف احتياطا لنفسه ثم هذه الثلاث لو كانت فى الحسنات لم يكتب له بها اجر لعدم القصد واما الهم فقد بين فى الحديث الصحيح
"ان الهم بالحسنة يكتب حسنة والهم بالسيئة لا يكتب عليه سيئة وينتظر فان تركها لله تعالى كتب حسنة وان فعلها كتب سيئة واحدة" والاصح فى معناه انه يكتب عليه الفعل وحده وهو معنى قوله واحدة وان الهم مرفوع واما العزم فالمحققون على انه يؤاخذ به ومنهم من جعله من الهم المرفوع.
وفى البزازية من كتاب الكراهية هم بمعصية لا يأثم ان لم بصمم عزمه عليه وان عزم يأثم اثم العزم لا اثم العمل بالجوارح الا ان يكون امرا يتم بمجرد العزم كالكفر.
واعلم ان قوله تعالى
{ ولا تقف ما ليس لك به علم } اشاره الى تاسع الخصال العشر وهو الظلم وهو وضع الشئ فى غير موضعه باستعمال الجوارح والاعضاء على خلاف ما أمر به فبدله بالعدل بقوله { إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا } فظلم السمع استعماله فى استماع الغيبة واللغو والرفث والبهتان والقذف والملاهى والفواحش وعدله استعماله فى استماع القرآن والاخبار والعلوم والحكم والمواعظ والنصحية والمعروف وقول الحق

كذركاه قرآن وبندست كوش به بهتان وباطل شنيدن مكوش

وظلم البصر النظر الى المحرمات والشهوات والى من فوقه فى دنياه والى من دونه فى دينه والى متاع الدنيا وزينتها وزخارفها وعدله النظر فى القرآن والعلوم والى وجه العلماء والصلحاء والى آثار رحمة الله كيف يحيى الارض بعد موتها والى الاشياء بنظر الاعتبار والى من دونه فى دنياه والى من فوقه فى دينه.

دوجشم از بى صنع بارى نكوست نه عيب برا در فروكيرو دوست

وقد ثبت عن على رضى الله عنه انه ما نظر الى عورته وسوأته منذ ما تعلق نظره الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بناء على ان الابصار الناظرة لوجهه عليه السلام لا يليق لها ان تنظر الى السوأة فاعتبر وتأدب. ونظيره ما قال عثمان رضى الله عنه ما كذبت منذ اسلمت وما مسست فرجى باليمين منذ بايعت النبى عليه السلام ولا اكلت الكراث ونحوه منذ قرأت القرآن وظلم الفؤاد قبول الحقد والحسد والعداوة وحب الدنيا والتعلق بما سوى الله تعالى وعدله تصفيته عن هذه الاوصاف الذميمة وتحليته بتبديل هذه الصفات والتخلق باخلاق الله تعالى

بيا بى بيفشان از آيينه كرد كه صيقل نكيرد جو زنكار خورد