خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا
١
-الكهف

روح البيان في تفسير القرآن

{ الحمد لله } اللام للاستحقاق اى هو المستحق للمدح والثناء والشكر كله لان كل وجود شئ نعمة من نعمه فلا منعم الا هو.
قال القيصرىرحمه الله الحمد قولى وفعلى وحالى اما القولى فحد اللسان وثناؤه عليه بما اثنى به الحق على نفسه على لسان انبيائه عليهم السلام واما الفعلى فهو الاتيان بالاعمال البدنية من العبادات والخيرات ابتغاء لوجه الله تعالى وتوجها الى جنابه الكريم لان الحمد كان يجب على الانسان باللسان كذلك يجب عليه بحسب مقابلة كل عضو بل على كل عضو كالشكر وعند كل حال من الاحوال كما قال النبى عليه السلام
"الحمد لله على كل حال" وذلك لا يمكن الا باستعمال كل عضو فيما خلق لاجله على الوجه المشروع عبادة للحق تعالى وانقيادا لامره لا طلبا لحظوظ النفس ومرضاته واما الحالى فهو الذى يكون بحسب الروح والقلب كالاتصاف بالكمالات العلمية والعملية والتخلق بالاخلاق الالهية لان الناس مأمورون بالتخلق بلسان الانبياء صلوات الله عليهم لتصير الكمالات ملكة نفوسهم وذواتهم وفى الحقيقة هذا حمد الحق نفسه فى مقامه التفصيلى المسمى بالمظاهر من حيث عدم مغايرتها له واما حمده ذاته فى مقامه الجمعى الالهى قولا فهو ما نطق به فى كتبه وصحفه من تعريفاته نفسه بالصفات الكمالية وفعلا فهو اظهار كمالاته الجمالية والجلالية من غيبه الى شهادته ومن باطنه الى ظاهره ومن علمه الى عينه فى مجالى صفاته ومحال آيات اسمائه وحالا فهو تجلياته فى ذات بالفيض الاقدس الاولى وظهور النور الازلى فهو الحامد والمحمود جمعا وتفصيلا: قال المولى الجامى

آنجا كه كمال كبرياى تو بود عالم نمى ازبحر عطاى توبود
ما راجه حد حمد وثناى توبود هم حمد وثناى تو سزاى توبود

{ الذى انزل على عبده } محمد الذى يستأهل ان يكون عبدا مطلقا حقيقيا حرا ان جميع ما سوى الله ولذا يقول "امتى امتى" يوم يقول كل نبى نفسى نفسى وفيه اشعار بان شأن الرسول ان يكون عبدا للمرسل لا كما زعمت النصارى فى حق عيسى عليه السلام { الكتاب } اى القرآن الحقيق باسم الكتاب وهو فى اللغة جمع الحروف ورتب استحقاق الحمد على انزاله تنبيها على انه من اعظم نعمائه اذ فيه سعادة الدارين { ولم يجعل له } اى القرآن { عوجا }[جيزى از كجى] اى شيئا من العوج بنوع اختلال فى النظم وتناف فى المعنى او عدول عن الحق الى الباطل واختار حفص عن عاصم السكت على عوجا وهو وقفة لطيفة من غير تنفس لئلا يتوهم ان ما بعده صفة له واختار السكت ايضا على مرقدنا اذ لا يحسن القطع بالكلية بين مقوليهم ولا الوصل لئلا يتوهم ان هذا اشارة الى مرقدنا فافهم.