خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً
١٤
هَـٰؤُلاۤءِ قَوْمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً
١٥
-الكهف

روح البيان في تفسير القرآن

{ وربطنا على قلوبهم } اى قويناهم حتى اقتحموا مضايق الصبر على هجر الاهل والاوطان والنعيم والاخوان واجترأوا على الصدع بالحق من غير خوف وحذار والرد على دقيانوس الجبار وفى الحديث "افضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" وذلك لان المجاهد متردد بين رجاء وخوف واما صاحب السلطان فمتعرض للتلف فصار الخوف اغلب.
قال فى الاساس ربطت الدابة شددتها برباط والمربط الخيل ومن المجاز ربط الله على قلبه اى صبره ولما كان الخوف والقلق يزعج القلوب عن مقارها قال الله تعالى
{ بلغت القلوب الحناجر } قيل فى مقابلته ربط قلبه اذا تمكن وثبت وهو تمثيل شبه تثبيت القلوب بالصبر بشد الدواب بالرباط { اذ قاموا } منصوب بربطنا والمراد بقيامهم انتصابهم لاظهار شعار الدين وقيل المراد قيامهم بين يدى دقيانوس الجبار من غير مبالاة به حين عاتبهم على ترك عبادة الاصنام فحينئذ يكون ما سيأتى من قوله تعالى { هؤلاء } منقطعا عما قبله صادرا عنهم بعد خروجهم من عنده.
وفى التأويلات النجمية{ وربطنا على قلوبهم اذ قاموا } يعنى لئلا يلتفتوا الى الدنيا وزخارفها وينقطعوا الى الله بالكلية ولذلك ما اختاروا بعد البعث الحياة فى الدنيا ورغبوا فى ان يرجعوا الى جوار الحق تعالى { فقالوا ربنا رب السموات والارض } رب العالم ومالكه وخالقه والصنم جزؤ من العالم فهو مخلوق لا يصلح للعبادة { لن ندعو } لن نعبد ابدا وبالفارسية [نخواهيم برستيد] { من دونه آلها } معبودا آخر لا استقلالا ولا اشتراكا والعدول عن ان يقال ربا للتنصيص على رد المخالفين حيث كانوا يسمون اصنامهم آلهة { لقد قلنا اذا } [آن هنكام كه ديكرى را برستيم] { شططا } قولا ذا شطط اى تجاوز عن الحد فهو نعت لمصدر محذوف بتقدير المضاف او قولا هو عين الشطط على انه وصف بالمصدر مبالغة.
قال فى القاموس شط فى سلعته شططا محركة جاوز القدر والحد وتباعد عن الحق انتهى. وحيث كانت العبادة مستلزمة للقول لما انها لا تعرى عن الاعتراف بالوهية المعبود والتضرع اليه قيل لقد قلنا واذا جواب وجزاء اى لو دعونا من دونه آلها والله لقد قلنا قولا خارجا عن حد العقول مفرطا فى الظلم { هؤلاء } مبتدأ وفى التعبير باسم اشارة تحقير لهم { قومنا } عطف بيان له. يعنى [اين كروه كه كسان ما اند درنسب يعنى جمعى از اهل افسوس].
وقال فى التأويلات النجمية انما قالوا { قومنا } اى كنا من جملتهم وبالضالة فى زمرتهم فانعم الله علينا بالهداية والمعرفة وفرق بيننا وبينهم بالرعاية والعناية وخلصنا من عبادة الهوى والدنيا وشهواتها { اتخذوا من دونه آلهة } خبره وهو اخبار فى معنى الانكار اى عبدوا الاصنام وجعلوها آلهة جهلا منهم.
قال ابو حيان اتخذوا هنا يحتمل ان يكون بمعنى عملوا لانها اصنام هم نحتوها وان يكون بمعنى صيروا.
وفى المثنوى

بيش جوب وبيش سنك نقشى كنند اى بسا كولان كه سر هامى نهند
ديو الحاح غوايت ميكند شيخ الحاح هدايت ميكند

{ لولا يأتون } هلا يأتون. وبالفارسية [جرانمى آرندكه كافران] { عليهم } على الوهيتهم { بسلطان بين } بحجة ظاهرة الدلالة على مدعاهم يعنى يعبدون الهة لم يتمسكوا فى صحة عبادتها ببرهان سماوى من جهة الوحى والسمع ولا لهم فيها علم ضرورى ولا دليل عقلى.
وفيه دليل على ان ما لا دليل عليه من الديانات مردود والآية انكار وتعجيز وتبكيت لان الاتيان بالسطان على عبادة الاوثان محال { فمن اظلم }[بس كيست سمتكارتر] { ممن افترى على الله كذبا } بنسبة الشريك اليه تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
والمعنى انه اظلم من كل ظالم وعذابه اعظم من كل عذاب لان الظلم موجب للعذاب فيكون الاعظم للاظلم.