خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً
٧٣
-الكهف

روح البيان في تفسير القرآن

{ قال } [كفت موسى كه آن سخن ازخاطرم رفته بود]{ لا تؤاخذنى بما نسيت } بنسيانى وصيتك بعدم السؤال عن حكمة الافعال قبل البيان فانه لا مؤاخذة على الناس كما ورد فى صحيح البخارى "من ان الاول كان من موسى نسيانا والثانى فرطا والثالث عمدا" { ولا ترهقنى } يقال رهقه كفرح غشيه وارهقه اياه والارهاق ان يحمل الانسان على ما لا يطيقه وارهقه عشرا كلفه كلفه اياه فى القاموس اى ولا تغشنى ولا تكلفنى ولا تحملنى.
قال الكاشفى [ودر مرسان مرا]{ من امرى } وهو اتباعه اياه { عسرا }[دشوارى } مفعول ثانى للارهاق اى لا تعسر على متابعتك ويسرها علىّ فانى اريد صحبتك ولا سبيل لى اليها الا بالاغضاء والعفو وترك المناقشة

بيوش دامن عفوى بروى جرم مرا مريزآب رخ بنده بدين جون وجرا

وفى التأويلات النجمية وفى آداب الشيخ وشرائطه فى الشيخوخة ان لا يحرص على قبول المريد بل يمتحنه بان يخبره عن دقة صراط الطلب وعزة المطلوب وعسرته وفى ذلك يكون له مبشرا ولا يكون منفرا فان وجده صادقا فى دعواه وراغبا فيما يهواه معرضا عما سواه يتقلبه بقبول حسن ويكرم مثواه ويقبل عليه اقبال مولاه ويربيه تربية الاولاد ويؤدبه بآداب العباد.
ومنها ان يتغافل عن كثير من الزلات المريد رحمة عليه ولا يؤاخذه بكل سهو او خطأ او نسيان عهد لضعف حاله الا بما يؤدى الى مخالفة امر من اوامره او مزاولة نهى من نواهيه او يؤدى الى انكار واعتراض على بعض افعاله واقواله فانه يؤاخذه به وينبهه عن ذلك فان رجع عن ذلك واستغفر منه واعترف بذنبه وندم شرط معه ان لا يعود الى امثاله ويعتذر عما جرى عليه كما كان حال الكليم حيث قال { لا تؤاخذنى بما نسيت ولا ترهقنى من امرى عسرا } اى لا تضيق على امرى فانى لا اطيق ذلك انتهى.
وفى الآية تصريح بان النسيان يعترى الانبياء عليهم السلام للاشعار بان غيره تعالى معيوب غير معصوم ولكن العصيان يعفى غالبا فكيف بنسيان قارنه الاعتذار وقد قيل

اقبل معاذير من يأتيك معتذرا ان برّ عندك فيما قال او فجرا

ثم ان امتحان الله وامتحان اوليائه شديد فلا بد من الصبر والتسليم والرضى

قفل زفتست وكشاينده خدا دست در تسليم زن اندر رضا

قال الخجندى

بجفا دوشدن ازتو نباشد محمودهركجا باى ايازست سر محمود دست

وعن الشيخ ابى عبد الله بن خفيف قدس سره قال دخلت بغداد قاصدا الحج وفى رأسى نخوة الصوفية يعنى حدة الارادة وشدة المجاهدة واطراح ما سوى الله قال ولم آكل اربعين يوما ولم ادخل على الجنيد وخرجت ولم اشرب وكنت على طهارتى فرأيت ظبيا فى البرية على رأس بئر وهو يشرب وكنت عطشانا فلما دنوت من البئر ولى الظبى واذ الماء فى اسفل البئر فمشيت وقلت يا سديى امالى عندك محل هذا الظبى فسمعت من خلفى يقال جربناك فلم تصبر ارجع فخذ الماء ان الظبى جاء بلا ركوة ولا حبل وانت جئت ومعك الركوة والحبل فرجعت فاذا البئر ملآن فملأت ركوتى وكنت اشرب منها واتطهر الى المدينة ولم ينفذ الماء فملا رجعت من الحج دخلت الجامع فلما وقع بصر الجنيد قدس سره علىّ لو صبرت لنبع الماء من تحت قدمك لو صبرت صبر ساعة اللهم اجعلنا من اهل العناية.