خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ ٱلْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً
١١
يٰيَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً
١٢
-مريم

روح البيان في تفسير القرآن

{ فخرج } صبيحة حمل امرأته { على قومه من المحراب } من المصلى او من الغرفة وكانوا من وراء المحراب ينتظرون ان يفتح لهم الباب فيدخلوه ويصلوا اذ خرج عليهم متغيرا لونه فانكروه صامتا وقالوا مالك يا زكريا { فاوحى اليهم } اى اومأ اليهم لقوله تعالى { الا رمزا } { ان سبحوا } ان اما مفسرة لا وحى او مصدرية والمعنى اى صلوا او بان صلوا { بكرة } هى من طلوع الفجر الى وقت الضحى { وعشيا } هو من وقت زوال الشمس الى ان تغرب وهما ظرفا زمان للتسبيح.
عن ابى العالية ان المراد بهما صلاة الفجر وصلاة العصر او نزهوا ربكم طرفى النهار وقولوا سبحان الله ولعله كان مأمورا بان يسبح شكرا ويأمر قومه بذلك كما فى الارشاد.
يقول الفقير هو الظاهر لان معنى التسبيح فى هذه الموضع تنزيه الله تعالى عن العجز عن خلق ولد يستبعد وقوعه من الشيخين لان الله على كل شئ قدير وقد ورد فى الاذكار (لكل اعجوبة سبحان الله).
وفى التأويلات النجمية فى قوله { يا زكريا } الى { بكرة وعشيا } اشارة الى بشارات.
منها انه تعالى ناداه باسمه زكريا وهذه كرامة منه. ومنها انه سماه يحيى ولم يجعل له من قبل سميا بالصورة والمعنى اما بالصورة فظاهر واما بالمعنى فانه ما كان محتاج الى شهوة من غير علة ولم يهمّ الى معصية قط وما خطر بباله همها كما اخبر عن حاله النبى عليه السلام وفى قوله
{ لم نجعل له من قبل سميا } اشارة الى انه تعالى يتولى تسمية كل انسان قبل خلقه وما سمى احد الا بالهام الله كما ان الله تعالى الهم عيسى عليه السلام حين قال { ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه احمد } وفى قوله { قال رب أنى يكون لى غلام } الآية اشارة الى ان اسباب حصول الولد منفية من الوالدين بالعقر والكبر وهى من السنة الالهية فان من السنة ان يخلق الله الشئ من الشئ كقوله { وما خلق الله من شئ } ومن القدرة انه تعالى يخلق الشئ من لا شئ فقال { أنى يكون لى غلام } اى أمن السنة ام من القدرة فاجابه الله تعالى بقوله { قال كذلك } اى الامر لا يخلو من السنة او القدرة وفى قوله { قال ربك هو على هين } اشارة الى ان كلا الامرين على هين ان شئت ارد عليكما اسباب حصول الولد من القوة على الجماع وفتق الرحم بالولد كما جرت به السنة وان شئت اخلق لك ولدا من لا شئ بالقدرة كما خلقتك من قبل ولم تك شيئا اى خلقت روحك من قبل جسدك من لا شئ بامركن ولهذا قال تعالى { قل الروح من امر ربى } وهو اول مقدور تعلقت القدرة به: وفى المثنوى

آب از جوشش همى كردد هوا وان هوا كردد ز سردى آبها
بلكه بى اسباب بيرون زين حكم آب رويانيد تكوين از عدم
تو زطفلى جون سببها ديده در سبب از جهل بر جفسيده

{ يا يحيى } على ارادة القول اى ووهبنا له يحيى وقلنا له يا يحيى.
قال الكاشفى [القصة سه روز بدين منوال كذشت بس بحال خود آمد ويحيى عليه السلام بعد از مضى مدت حمل متولد شد ودر كودكى بلاس بوشيده بااحبار در عبادت بطريق رياضت موافقت مى نمود تا وقتى كه وحى بدو فرود آمد وازحق سبحانه وتعالى خطاب رسيد كه يا يحيى]
{ خذ الكتاب } اى التوراة { بقوة } بجد واستظهار بالتوفيق والتأييد.
قال فى الجلالين اى اعطيتكها وقويتك على حفظها والعمل بما فيها. قال المولى الجامى فى شرح الفصول لولا امداد الحق زكريا وزوجته بقوة غيبية ربانية خارجة عن الاسباب المعتادة ما صلحت زوجته ولا تيسر لها الحمل ثم انه كما سرت تلك القوة من الحق فى زكريا وزوجته تعدت منهما الى يحيى ولذلك قال له الحق { يا يحيى خذ الكتاب بقوة }.
قال فى الاسئلة المقحمة أى دليل فيها على المعتزلة الجواب انه دليل على ان الاسم والمسمى وواحد لانه تعالى قال
{ اسمه يحيى } ثم نادى الشخص فقال { يا يحى } { وآتيناه الحكم } حال كونه { صبيا }. قال ابن عباس الحكم النبوة استنبأه الله تعالى وهو ابن ثلاث سنين او سبع وانما سميت النبوة حكما لان الله تعالى احكم عقله فى صباه واوحى اليه.
وقيل الحكم الحكمة وفهم التوراة والفقه فى الدين فهو بمعنى المنع ومنه الحاكم لانه يمنع الظالم من الظلم والحكمة ما يمنع الشخص من السفه - روى - انه دعاه الصبيان الى اللعب فقال ما للعب خلقنا.
قال الكاشفى { درين سخن بندى عظيم است بيخبران بازيجه كاه غفلت را كه عمر عزيز ببازى ميكذرانند وبدام فريب { انما الحياة الدنيا لعب ولهو } مقيد شده اند]

عمر ببازيجه بسر ميبرى باى باندازه بدر ميبرى
به كه زبازئ جهان باكشى طفل نه جند ببازى خوشى

يقول الفقير مثل يحيى عليه السلام فى هذه الامة المرحومة الشيخ العارف المحقق سهل بن عبد الله التسترى قدس سره فانه تم له امر السلوك من ثلاث سنين الى سبع سنين كما سمعت من شيخى وسندى روح الله روحه يعنى وقع له الانكشاف والالهام وظهر له الحال التام وهو ابن ثلاث سنين فكان ما كان الى سبعة فسبحان القادر وهذا من لطافة الحجاب واما من كان كشيف الحجاب فيحتاج فى ازالته الى مجاهدات شاقة فى مدة طويلة.
واعلم ان روح الكامل سريع التعلق ببدنه يعنى ان مادة النطفة تصل سريعا الى الابوين فيحصل العلوق والولادة على احسن وصف وفى اعدل زمان فيجيئ الولد غالبا عليه احكام الوجوب اللهم اعنا على ازالة الحجب الظلمانية والنورانية واجعلنا مكاشفين للانوار الربانية.