خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ إِنِّي عَبْدُ ٱللَّهِ آتَانِيَ ٱلْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً
٣٠
وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِٱلصَّلاَةِ وَٱلزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً
٣١
-مريم

روح البيان في تفسير القرآن

{ قال } استئناف بيانى كأنه قيل فماذا كان بعد ذلك فقيل قال عيسى بلسان فصيح { انى عبد الله } اقر على نفسه بالعبودية اول ما تكلم ردا على من يزعم ربوبيته من النصارى وازالة للتهمة عن الله مع افادة ازالة تهمة الزنى عن امه لانه تعالى لا يخص الفاجرة بولد مثله.
قال الجنيد ليست بعبد سوء ولا عبد طمع ولا عبد شهوة وفيه اشارة الى ان افضل اسماء البشرية العبودية.
يقول الفقير سمعت من فم حضرة شيخى وسندى روح الله روحه انه قال عبد الله فوق عبد الرحمن وهو فوق عبد الرحيم وهو فوق عبد الكريم ولذا جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله وكذا عبد الحى وعبد الحق اعلى الاسماء وامثلها لان بعض الاسماء الالهية يدل على الذات وبعضها على الصفات وبعضها على الافعال والاولى ارفع من الثانية وهى من الثالثة. قيل كان المستنطق لعيسى زكريا وقد اكرم الله تعالى اربعة من الصبيان باربعة اشياء يوسف بالوحى فى الجب وعيسى بالنطق فى المهد وسليمان بالفهم ويحيى بالحكمة فى الصباوة.
واما الفضيلة العظمى والآية الكبرى ان الله تعالى اكرم سيد المرسلين عليه وعليهم السلام فى الصباوة بالسجدة عند الولادة بانه رسول الله وشرح الصدر وختم النبوة وخدمة الملائكة والحور عند ولادته واكرم بالنبوة فى عالم الارواح قبل الولادة والصباوة وكفى بذلك اختصاصا وتفضيلا

شمسه نه مسند وهفت اختران ختم رسل خواجه بيغمبران

{ آتانى الكتاب } الانجيل { وجعلنى نبيا وجعلنى } مع ذلك { مباركا } نفاعا معلما للخير اخبر عما يكون لا محالة بصيغة الماضى والجمهور على ان عيسى آتاه الله الانجيل والنبوة فى الطفولية وكان يعقل عقل الرجال كما فى بحر العلوم.
يقول الفقير المشهور انه اوحى الله اليه بعد الثلاثين فتكون رسالته متأخرة عن نبوته { اينما كنت } حيثما كنت فانه لا يتقيد باين دون اين { واوصانى بالصلاة } اى امرنى بها امرا مؤكدا { والزكاة } اى زكاة المال ملكية.
يقول الفقير الظاهر ان ايصاءه بها لا يستلزم غناه بل هى بالنسبة الى اغنياء امته وعموم الخطابات الالهية منسوب الى الانبياء تهييجا للامة على الائتمار والانتهاء { ما دمت حيا } فى الدنيا.
قال فى بحر العلوم فيه دلالة بينة على ان العبد ما دام حيا لا يسقط عنه التكاليف والعبادات الظاهرة فالقول بسقوطها كما نقل عن بعض الاباحيين كفر وضلال.
وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى انه ما دام العبد حيا لا بد من مراقبة السر واقامة العبودية وتزكية النفس.
يقول الفقير اقامة التكاليف عبودية وهى اما للتزكية كالمبتدئين واما للشكر كالمنتهين وكلا الامرين لا يسقط ما دام العبد حيا بالغا فاذا تغير حاله بالجنون ونحوه فقد عذر.