خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ ٱلْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً
٥٤
-مريم

روح البيان في تفسير القرآن

{ واذكر فى الكتاب اسماعيل } فصل ذكره عن ذكر ابيه واخيه لابراز كمال الاعتناء بامره بايراده مستقلا اى واتل على قومك يا محمد فى القرآن قصة جدك اسماعيل وبلغها اليهم { انه كان صادقا الوعد } فيما بينه وبين الله وكذا بين الناس. قال فى التأويلات النجمية فما وعد الله باداء العبودية انتهى.
والوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها وايراده بهذا الوصف لكمال شهرته به واتصاله باشياء فى هذا الباب لم تعهد من غيره.
عن ابن عباس رضى الله عنهما ان اسماعيل عليه السلام وعد صاحبا له ان ينتظره فى مكان فانتظره سنة

نيست بر مردم صاحب نظر صورتى از صدق ووفا خوبتر

وناهيك انه وعد الصبر على الذبح فوفى حيث قال { ستجدنى ان شاء الله من الصابرين } وفيه حث على صدق الوعد والوفاء به والاصل فيه نيته لقوله عليه السلام "اذا وعد الرجل اخاه ومن نيته ان يفى فلم يف ولم يجيئ للميعاد فلا اثم عليه"
واعلم ان الله تعالى اثنى على اسماعيل بكونه صادق الوعد اشارة الى ان الثناء انما يتحقق بصدق الوعد واتيان الوعد بالموعود لا بصدق الوعيد واتيان المتوعد بما توعد به اذ لا يثنى عقلا وعرفا على من يصدر منه الآفات والمضرات بل على من يصدر منه الخيرات والمبرات ومن هذا ذهب بعض العلماء الى ان الخلف فى الوعيد جائز على الله تعالى دون الوعد صرحه الامام الواحدى فى الوسيط فى قوله تعالى فى سورة النساء "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم" الآية وفى الحديث "من وعد لاحد على عمله ثوابا فهو منجز له ومن اوعده على عمله عقابا فهو بالخيار" والعرب لا تعد عيبا ولا خلفا ان يعد احد شرائم لا يفعله بل ترى ذلك كرما وفضلا كما قيل

وانى اذا اوعدته او وعدته لمخلف ايعادى ومنجز موعدى

وقيل

اذا وعد السرّاء نجر وعدهوان اوعد الضرّاء فالعقل مانعه

واحسن يحيى بن معاذ فى هذا المعنى حيث قال الوعد والوعيد حق فالوعد حق العباد على ما ضمن لهم اذا فعلوا ذلك ان يعطيهم كذا ومن اولى بالوفاء من الله والوعيد حقه على العباد قال لا تفعلوا كذا فاعذبكم ففعلوا فان شاء عفا وان شاء آخذ لانه حقه واولاهما العفو والكرم لانه غفور رحيم كذا فى شرح العضد للجلال الدوانى { وكان رسولا } ارسله الله تعالى الى جزهم والى العماليق والى قبائل اليمن فى زمن ابيه ابراهيم عليهما السلام.
قال فى القاموس جرهم كقنفذ حى من اليمن تزوج فيهم اسماعيل { نبيا } يخبر عن الله وكان على سريعة ابيه ابراهيم ولم يكن له كتاب انزل اليه باجماع العلماء وكذا لوط واسحاق ويعقوب.