خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً
٥٩
-مريم

روح البيان في تفسير القرآن

{ فَخَلَفَ من بعدهم خَلْفٌ } يقال لعقب الخير خلف بفتح اللام ولعقب الشر خلف بالسكون اى فعقب الانبياء المذكورين وجاء بعدهم عقب سوء من اولادهم.
وفى الجلالين بقى من بعد هؤلاء قوم سوء يعنىاليهود والنصارى والمجوس انتهى.
وفى الحديث
"ما من نبى بعثه الله فى امه الا كان له من امته حواريون واصحاب يأخذون بسنته ويعتقدون بامره ثم انها تخلف من بعدهم خلوف يقولون مالا يفلعون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانة فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ليس وراء ذلك من الايمان حبة خردل" ذكره مسلم { اضاعوا الصلاة } تركوها او اخروها عن وقتها او ضيعوا ثوابها بعد الاداء بالنميمة والغيبة والكذب ونحوها او شرعوا فيها بلا نية وقاموا لها بلا خضوع وخشوع { واتبعوا الشهوات } من شرب الخمر واستحلال نكاح الاخت من الاب والانهماك فى فنون المعاصى.
وعن على رضى الله عنه هم من بنى المشيد وركب المنظور ولبس الشمهور وفى الحديث
"اوحى الله الى داود مثل الدنيا كمثل جيفة اجتمعت عليها الكلاب يجرونها أفتحب ان تكون كلبا مثلهم فتجر معهم يا داود طيب الطعام ولين اللباس والصبت فى الناس والجنة فى الآخرة لا يجتمعان ابدا"
واعلم ان تيسير اسباب الشهوات ليس من امارة الخير وعلامة النجاة فى الآخرة ومن ثمة امتنع عمر رضى الله عنه من شرب ماء بارد بعسل وقال اعزلوا عنى حسابها.
وقال وهب بن منبه التقى ملكان فى السماء الرابعة فقال احدهما للآخر من اين فقال امرت بسوق حوت من البحر اشتهاه فلان اليهودى وقال الآخر امرت باهراق زيت اشتهاه فلان العابد والشهوة فى الاصل التمنى ومعناها بالفارسية [آرزو خواستن] والمراد بها فى الآية المشتهيات المذمومة. والفرق بين الهوى والشهوة ان الهوى هو المذموم من جملة الشهوات والشهوة قد تكون محمودة وهى من فعل الله تعالى وهو ما يدعو الانسان الى الصلاح وقد تكون مذمومة وهى من فعل النفس الامارة بالسوء وهى استجابتها لما فيه لذاتها البدنية ولا عبادة لله اعظم واشرف من مخالفة الهوى والشهوات وترك اللذات: قال الشيخ سعدى

مبر طاعت نفس شهوت يرست كه هر ساعتش قبله ديكرست
مرو دربى هرجه دل خواهدت كه تمكين تن نورجان كاهدت
كند مردزا نفس اماره خوار اكر هو شمندى عزيزش مدار

{ فسوف يلقون غيا } اى شرا فان كل شر عند العرب غى فكل خير رشاد.
وعن الضحاك جزاء غى كقوله تعالى
{ يلق اثاما } اى جزاء اثام.
وقيل غى واد من جهنم يستعيذ من حره اوديتها اعد للزانى وشارب الخمر وآكل الربا وشاهد الزور ولاهل العقوق وتارك الصلاة.