خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلفَسَادَ
٢٠٥
-البقرة

روح البيان في تفسير القرآن

{ وإذا تولى } اى أدبر وانصرف عن مجلسك او اذا غلب وصار واليا { سعى فى الأرض } السعى سير سريع بالاقدام وقد يستعار للجد فى العمل والكسب وانما جيىء بقوله فى الارض مع ان السعى على كلا المعنيين لا يكون الا فى الارض للدلالة على كثرة فساده فان لفظ الارض عام يتناول جميع اجزائها وعموم الظرف يستلزم عموم المظروف فكأنه قيل أى مكان حل فيه من الارض افسد فيه فيلزم كثرة فساده { ليفسد فيها } علة لسعى { ويهلك } الاهلاك الاشاعة { الحرث } اى الزرع { والنسل } ما خرج من كل انثى من اجناس الحيوان يقال نسل ينسل اذا خرج منفصلا والحرث والنسل وان كانا فى الاصل مصدرين فالمراد بهما ههنا معنى المفعول فان الولد نسل ابويه اى مخرج منفصل منهما وذلك كما فعله الاخنس بثقيف اذ بيتهم اى اتاهم ليلا واهلك مواشيهم وزرعهم لانه كان بينه وبينهم عداوة او كما يفعله ولاة السوء بالقتل والاتلاف او بالظلم حتى يمنع الله بشؤمه القطر فيهلك الحرث والنسل وفى الحديث "لما خلق الله تعالى اسباب المعيشة جعل البركة فى الحرث والنسلbr>" . فاهلاكهما غاية الافساد وفى الحديث "يجاء بالوالى يوم القيامة فينبذ به على جسر جهنم فيرتج به الجسر ارتجاجه لا يبقى منه مفصل الا زال عن مكانه فان كان مطيعا لله فى عمله مضى وان كان عاصيا انخرق به الجسر فيهوى به فى جهنم مقدار خمسين عاماbr>" . { والله لا يحب الفساد } اى لا يرتضيه ويبغضه ويغضب على من يتعاطاه.
فان قيل كيف حكم الله تعالى بانه لا يحب الفساد وهو بنفسه مفسد للاشياء.
قيل الافساد فى الحقيقة اخراج الشىء من حالة محمودة لا لغرض صحيح وذلك غير موجود فى فعل الله تعالى ولا هو آمر به ولا محب له وما نراه من فعله ونظنه بظاهره فسادا فهو بالاضافة الينا واعتبارنا له كذلك فاما بالنظر الآلهى فكله صلاح.