خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنْكِحُواْ ٱلْمُشِرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
٢٢١
-البقرة

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولا تنكحوا } بفتح التاء اى لا تتزوجوا { المشركات } اى الحربيات فان الكتابيات وان كانت من المشركات الا انه يجوز تزوجها عند الجمهور استدلالا بقوله تعالى فى سورة المائدة { { والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } [المائدة: 5].
وسورة المائدة كلها ثابتة لم ينسخ منها شىء اصلا { حتى يؤمن } اى يصدقن بالله وبمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم ـ روى ـ انه عليه السلام بعث مرثدا الغنوى الى مكة ليخرج منها اناسا من المسلمين سرا فاتته عتاق وكان يهواها فى الجاهلية فقالت ألا تخلو فقال ان الاسلام حال بيننا فقالت هل لك ان تتزوج بى فقال نعم ولكن استأمر رسول الله عليه السلام فاستأمره فنزلت { ولأمة مؤمنة } مع ما بها من خساسة الرق وقلة الخطر { خير } بحسب الدين والدنيا { من مشركة } اى امرأة مشركة مع مالها من شرف الحرية ورفعة الشأن { ولو اعجبتكم } تلك المشركة بجمالها ومالها ونسبها وبغير ذلك من مبادى الاعجاب وموجبات الرغبة والواو للحال ومعنى كونها للحال كونها عاطفة لمدخولها على حال محذوفة قبلها والتقدير خير من مشركة على كل حال ولو فى هذه الحالة والمقصود من مثل هذا التركيب استقصاء الاحوال.
وفى تفسير الكواشى لو هنا بمعنى ان وكذا كل موضع وليها الفعل الماضى وكان جوابها مقدما عليها والمعنى وان كانت المشركة تعجبكم وتحبونها فان المؤمنة خير لكم { ولا تنكحوا } بضم التاء من الانكاح { المشركين } اى الكفار اعم من الوثنى وغيره اى لا تزوجوا منهم المؤمنات سواء كن حرائر ام اماء { حتى يؤمنوا } ويتركوا ما هم عليه من الكفر.
قال ابن الشيخ فى حواشيه اى لا تزوجوهم الصغيرات من بناتكم ومن فى حكمهن ممن هو تحت ولايتكم ولا تزوج البالغات من المؤمنات منهم انفسهم فقوله ولا تنكحوا من قبيل تغليب الذكور على الاناث ولا خلاف فى هذا الحكم فان المشرك هنا باق على عمومه ولا يحل تزويج المؤمنة من الكافر البتة على اختلاف انواع الكفر { ولعبد مؤمن } مع ما به من ذل المملوكية { خير من مشرك } مع ما به من عز المالكية { ولو اعجبكم } بماله وجماله وخصاله { اولئك } المذكورون من المشركين والمشركات { يدعون } من يقارنهم ويعاشرهم { الى النار } اى الى ما يؤدى اليها من الكفر والفسوق فلا بد من الاجتناب عن مقارنتهم ومقاربتهم { والله } اى واولياؤه يعنى المؤمنين حذف المضاف واقام المضاف اليه مقامه تفخيما لشأنهم { يدعوا الى الجنة والمغفرة } اى الى الاعتقاد الحق والعمل الصالح الموصلين اليهما فهم الاحقاء بالمواصلة { باذنه } متعلق بيدعو اى يدعو ملتبسا بتوفيقه الذى من جملته ارشاد المؤمنين لمقارنيهم الى الخير ونصيحتهم اياهم { ويبين آياته } المشتملة على الاحكام الفائقة والحكم الرائقة { للناس لعلهم يتذكرون } اى لكى يتذكروا ويعملوا بما فيه فيفوزوا بما دعوا اليه من الجنة والغفران وايراد التذكر ههنا للاشعار بانه واضع لا يحتاج الى التفكر كما فى الاحكام السابقة ففى الآية نهى عن مواصلة الكفار وترغيب فى مواصلة المؤمنين ولا ينبغى للمؤمن ان تعجبه المشركة بمالها وجمالها فان من المسلمات من تدفع التعجب.
وفى المحيط مسلم رأى نصرانية سمينة وتمنى ان يكون هو نصرانيا حتى يتزوجها يكفر وهذا من حماقته فان السمان الحسنة كثيرة فى الملة الحنيفية ولكن علة الضم هى الجنسية كما قال تعالى
{ { الزانى لا ينكح إلا زانية أو مشركة } [النور: 3].
وميل الطباع القذرة الى الدنيا العذرة قال تعالى
{ { الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين } [النور: 26]: ونعم ما قيل

همه مرغان كندبا جنس يرواز كبوتر با كبوتر بازباباز

ومن بلاغات الزمخشرى لا ترض لمجالستك الا اهل مجانستك اى لا ترض ان يكون لك جليس من غير جنسك فان العذاب الشديد ليس الا هو.
قال فى اسئلة الحكم واما اختلاف الاخلاق فمن تعارف الارواح بعضها ببعض فى عالم الارواح قبل تلاقى الاشباح فى عالم الشهادة فمن تعارف روحه بروح صالح صلح بتعارفه الازلى فمن هنا اختلاف الاخلاق صلاحها وفسادها فلا بد من مناسبة اما من الجهة الجسمانية او من الجهة الروحانية فالجهة الجسمانية راجعة الى قابلية الطين والطبيعة الروحانية راجعة الى المناسبة الروحانية السابقة انتهى.
قال الامام السخاوى فى المقاصد الحسنة عند قوله عليه السلام
"الارواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف" سبب ورود هذا الحديث "ما روته عائشة رضى الله عنها ان امرأة كانت بمكة تدخل على نساء قريش تضحكهن فلما هاجرن ووسع الله تعالىدخلت المدينة قالت عائشة فدخلت على فقلت لها فلانة الى من قدمت قالت اليكن قلت فأين نزلت قالت على فلانة امرأة كانت تضحك بالمدينة قالت عائشة ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال فلانة المضحكة عندكم قالت عائشة نعم قال فعلى من نزلت قالت على فلانة المضحكة قال الحمد لله ان الارواح" الخ: قال بعضهم

بينى وبينك فى المحبة نسبة مستورة عن سر هذا العالم
نحن اللذان تحاببت ارواحنا من قبل خلق الله طينة آدم

انتهى كلام السخاوى: قال الحسين الكاشفى

جاذب هر جنس راهم جنس دان جنس برجنس است عاشق جاودان

وفى المثنوى

تلخ باتلخان يقين ملحق شود كىدم باطل قرين حق شود
طيبات آمد بسوى طيبين مر خبيثين را خبيثا تست هين

واعلم انه ركز فى العقول الميل الى الخير ومخالفة الشر فللعاقل ان يتذكر فان من كان بصيرا بنفسه ومتأملا فى حاله ينقطع عن اخوانه الداعين الى خلاف الحق ويصيخ الى داعى الهوى وقد قال بعض كتار العجم (الله بسى باقى هوس) قال تعالى { { إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا } [الكهف: 7].
والمقربون قد فروا الى الله تعالى من جميع ما فى ارض الوجود ولم يلتفتوا الى شىء سوى وجهه الكريم ولم يريدوا من المولى غير المولى فكانوا احسن نية وعملا وهذا صراط مستقيم اللهم الهمنا رشدنا واعذنا من شر نفسنا انك انت المجيب.