خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ
٢٣٩
-البقرة

روح البيان في تفسير القرآن

{ فإن خفتم } اى ان كان بكم خوف من عدو او غيره { فرجالا } منصوب على الحال وعامله محذوف تقديره فصلوا راجلين والرجال جمع راجل مثل صحاب وصاحب { أو ركبانا } اى راكبين وهو جمع راكب مثل فرسان وفارس. ومذهب ابى حنيفة انهم لا يصلون فى حال المشى والمسايفة ما لم يمكن الوقوف وعند امكان الوقوف يصلى واقفا والدليل عليه قوله تعالى { فإن خفتم } الآية { فإذا أمنتم } وزال خوفكم { فاذكروا الله } اى فصلوا صلاة الا من عبر عنها بالذكر لانه معظم اركانها { كما علمكم } اى ذكرا كائنا كتعليمه اياكم { ما لم تكونوا تعلمون } من كيفية الصلاة والمراد بالتشبيه ان تكون الصلاة المؤداة موافقة لما علمه الله وايرادها بذلك العنوان لتذكير النعمة او اشكروا لله شكرا يوازى تعليمه اياكم ما لم تكونوا تعلمونه من الشرائع والاحكام التى من جملتها كيفية اقامة الصلاة حالتى الخوف والامن.
واعلم ان الصلاة بمنزلة الضيافة قد هيأها الله للموحدين فى كل يوم خمس مرات فكما فى الضيافة تجتمع الألوان من الاطعمة ولكل طعام لذة ولون فكذلك فيها اركان وافعال مختلفة لكل فعل لذة وتكفير للذنوب.
وعن كعب الاحبار انه قال قال الله لموسى فى مناجاته [يا موسى اربع ركعات يصليها احمد وامته وهى صلاة الظهر اعطيهم فى اول ركعة منها المغفرة وفى الثانية اثقل موازينهم وفى الثالثة اوكل بهم الملائكة يسبحون ويستغفرون لهم لا يبقى ملك فى السماء ولا فى الارض الا ويستغفر لهم ومن استغفرت له الملائكة لم اعذبه ابدا وفى الرابعة افتح لهم ابواب السماء وتنظر اليهم الحور العين. يا موسى اربع ركعات يصليها احمد وامته وهى صلاة العصر ما يسألون منى حاجة الا قضيت لهم. يا موسى ثلاث ركعات يصليها احمد وامته وهى صلاة المغرب افتح لهم ابواب السماء. يا موسى اربع ركعات يصليها احمد وامته وهى صلاة العشاء خير لهم من الدنيا وما فيها ويخرجون من الدنيا كيوم ولدتهم امهاتهم].
ثم اعلم انه لا يرخص لمن سمع الاذان ترك الجماعة فانها سنة مؤكدة غاية التأكيد بحيث لو تركها اهل ناحية وجب قتالهم بالسلاح لانها من شعائر الاسلام ولو تركها احد منهم بغير عذر شرعى يجب عليه التعزيز ولا تقبل شهادته ويأثم الجيران والامام والمؤذن بالسكوت عنه.
وفى غنية الفتاوى من حضر المسجد الجامع لكثرة جماعة فى الصلاة فمسجد محلته افضل قل اهل مسجده او كثر لان لمسجده حقا عليه لا يعارضه كثرة الجماعة ولا زيادة تقوى غيره او علمه ويبادر الصف الاول على محاذاة الامام وروى عن النبى عليه السلام انه قال
"يكتب للذى خلف الامام بحدائه مائة صلاة وللذى فى الجانب الايمن خمس وسبعون صلاة وللذى فى جانب الايسر خمسون صلاة وللذى فى سائر الصفوف خمس وعشرون صلاةbr>" . كذا فى القنية ولا يتخطى رقاب الناس الى الصف الاول اذا وجد فيه فرجة ويتلاصقون بحيث يكونون محاذين بالاعناق والمناكب قال عليه السلام "رصوا صفوفكم وقاربوا بينها تقارب اشباحكم وحاذوا بالاعناق فوالذى نفسى بيده انى لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كانه الحذفbr>" . الخلل بفتح الخاء المعجمة الفرجة والحذف بفتحتى الحاء المهملة والذال المعجمة الغنم السود الصغار الحجازية كذا فى التنوير. والكلام فى اداء الصلاة بالحضور والتوجه التام: قال بعضهم

محراب ابروى تواكر قبله ام نبود كى برفلك برند ملائك نمازمن

ـ يحكى ـ ان الشيخ ابا العباس الجوالقى كان فى بداية حاله يعمل الجوالق ويبيع فباع يوما جوالقا بنسيئة ونسى المشترى فلما قام الى الصلاة تفكر فى ذلك ثم لما سلم قال لتلميذه وقعت لى خاطرة فى الصلاة انى الى أى شخص بعت الجوالق الفلانى فقال تلميذه يا استاذ انت فى اداء الصلاة او تحصيل الجوالق فأثر هذا القول فى الشيخ فلبس جوالقا وترك الدنيا واشتغل بالرياضة الى ان وصل الى ما وصل

مردان بسعى ورنج بجايى رسيده اند توبى هنر كجارسى از نفس برورى

والاشارة ان الله تعالى اشار فى حفظ الصلاة بصيغة المبالغة التى بين الاثنين وقال { { حافظوا على الصلوات } [البقرة: 238].
يعنى محافظة الصلاة بينى وبينكم كما قال
"قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين فنصفها لى ونصفها لعبدى ولعبدى ما سأل" فمعناه انى حافظكم بقدرة التوفيق والاجابة والقبول والاثابة عليها فحافظوا انتم على الصلاة بالصدق والاخلاص والحضور والخضوع والمناجاة بالتذلل والانكسار والاستعانة والاستهداء والسكون والوقار والهيبة والتعظيم وحفظ القلوب بدوام الشهود فإنما هى الصلاة الوسطى لان القلب الذى فى وسط الانسان هو واسطة بين الروح والجسد ولهذا يسمى القلب فالاشارة فى تخصيص المحافظة على الصلاة هى صلاة القلب بدوام الشهود فان البدن ساعة يحفظ صورة اركان الصلاة وهيئتها وساعة يخرج منها فلا سبيل الى حفظ صورتها بنعت الدوام ولا الى حفظ معانيها بوصف الحضور والشهود وانما هو من شأن القلب كقوله تعالى { { إن فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد } [ق: 37].
وانه من نعت ارباب القلوب انهم فى صلاتهم دائمون كذا فى التأويلات النجمية.
فليسارع السالكون الى حرم الحضور قبل الموت والقبور فان الصلاة بالفتور غير مقبولة عند الله الغيور ولا بد من الاعراض عن الكائنات ليتجلى نور الذات والا فمن يستحضر عمرا وينادى زيدا فلا اجابة له ابدا: قال الشيخ سعدى الشيرازى قدس سره

آنكه جون بسته ديدش همه مغز بوست بربوست بود همجو بياز
بارسايان روى در مخلوق بشت بر قبله ميكنند نماز

ومن الله التوفيق.