خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْعَظِيمُ
٢٥٥
-البقرة

روح البيان في تفسير القرآن

{ الله } هذا الاسم اعظم الاسماء التسعة والتسعين لانه دال على الذات الجامعة لصفات الآلهية كلها حتى لا يشذ منها شىء وسائر الاسماء لا تدل آحادها الا على آحاد المعانى من علم او قدرة او فعل وغيره ولانه اخص الاسماء اذ لا يطلقه احد على غيره لا حقيقة ولا مجازا وسائر الاسماء قد يسمى بها غيره كالقادر والعليم والرحيم وغيرها وينبغى ان يكون حظ العبد من هذا الاسم التأله واعنى به ان يكون مستغرق القلب والهمة فى الله تعالى لا يرى غيره ولا يلتفت الى سواه ولا يرجو ولا يخاف الا اياه وكيف لا يكون كذلك وقد فهم من هذا الاسم انه الموجود الحقيقى الحق وكل ما سواه فان وهالك وباطل الا به فيرى نفسه اول هالك وباطل كما رآه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حيث قال "أصدق بيت قالته العرب قول لبيد ألا كل شىء ما خلا الله باطلbr>" . ولهذه الكلمة فوائد ليست فى غيرها فان كل كلمة اذا اسقطت منها حرفا يختل المعنى بخلاف هذه فانك ان حذت الالف يصير لله قال تعالى { { لله ما فى السموات والأرض } [الحديد: 1].
وان حذفت اللام الاولى ايضا يبقى له قال تعالى
{ { له ملك السموات والأرض } [البقرة: 107].
وان حذفت اللام الثانية ايضا يبقى الهاء وهو ضمير راجع الى الله تعالى قال تعالى
{ { هو الله الذى لا إله إلا هو } [الحشر: 23].
وللاسماء تأثير بليغ خصوصا للفظة الجلالة.
قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره لما جاء المولى علاء الدين الخلوتى ببروسة صعد المنبر فى الجامع الكبير للوعظ وقد اجتمع جمع كثير منتظرين لكلامه فقال مرة واحدة "يا الله" فحصل للجماعة حالة رقصوا وكادوا لا يرجعون عن البكاء والفزع ـ وحكى ـ انه لما مات سلطان العصر عزم جماعة الرجال على قتل الوزير فجاء بيت الشيخ وفاء فى القسطنطنية واستغاث به فادخله الشيخ الى بيته فهجموا جميعا الى بيت الشيخ فخرج الشيخ وقال مرة واحدة "يا الله" فهربوا جميعا فانظر انهم اذا ذكروا الله تظهر آثار عجيبة ونحن اذا ذكرنا ذلك الاسم بعينه لا يظهر له اثر وذلك لانهم زكوا انفسهم وبدلوا اخلاقهم واما نحن فليس فينا هذا ولا القابلية لذلك وانما الفيض من الله تعالى: قال الحافظ

فيض روح القدس ار باز مدد فرمايد ديكران هم بكنند انجه مسيحا ميكند

{ لا إله إلا هو } الجملة خبر للمبتدأ وهو الجلالة والمعنى انه المستحق للعبادة لا غير ـ وحكى ـ ان تسبيح قطب الاقطاب "يا هو ويا من هو ويا من لا اله الا هو" فاذا قال ذلك بطريق الحال يقدر على التصرفات.
وللتوحيد ثلاث مراتب. توحيد المبتدئين لا اله الا الله. وتوحيد المتوسطين لا اله الا انت لانهم فى مقام الشهود فمقتضاه الخطاب. واما الكمل فيسمعون التوحيد من الموحد وهو لا اله الا انا لانهم فى مقام الفناء الكلى فلا يصدر منهم شىء اصلا.
قال ابن الشيخ فى حواشى سورة الاخلاص لفظ هو اشارة الى مقام المقربين وهم الذين نظروا الى ماهيات الاشياء وحقائقها من حيث هى هى فلا جرم ما رأوا موجودا سوى الله لان الحق هو الذى لذاته يجب وجوده واما ما عداه فممكن والممكن اذا نظر اليه من حيث هو هو كان معدوما فهؤلاء لم يروا موجودا سوى الحق سبحانه وكلمة هو وان كانت للاشارة المطلق ومفتقرة فى تعين المراد بها الى سبق الذكر باحد الوجوه او الى ان يعقبها ما يفسرها الا انهم يشيرون الى الحق سبحانه ولا يفتقرون فى تلك الاشارة الى ما يميز الذات المرادة عن غيرها لان الافتقار الى المميز انما يحصل حيث وقع الابهام بان يتعدد ما يصلح لان يشار اليه وقد بينا انهم لا يشاهدون بعيون عقولهم الا الواحد فقط فلهذا السبب كانه لفظة هو كافية فى حصول العرفان التام لهؤلاء انتهى كلامه وانما ذكرته ههنا ليكون حجة على من انكر على جماعة الصوفية فى كلمة هو ذاهبا الى انها ضمير ولا فائدة فى الذكر به وقد سبق منى عند قوله تعالى
{ { وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو } [البقرة: 163].
ما ينفك فى هذا المقام قال شيخى وسندى الذى بمنزلة روحى فى جسدى الذكر بـ "لا اله الا الله" افضل من الذكر بكلمة "الله الله" و "هو هو" عند العلماء بالله لانها جامعة بين النفى والاثبات وحاوية لزيادة العلم والمعرفة فمن نفى بلا اله عين الخلق حكما لا علما فقد اثبت كون الحق حكما وعلما وافادنى ايضا اذ قلت لا اله الا الله فشاهد بالشهود الحقانى فناء افعال الخلق وصفاتهم وذواتهم فى افعال الحق وصفاته وذاته وهذا مقتضى الجمع والاحدية. وتلك الكلمة فى الحقيقة اشارة الى هذه المرتبة واذا قلت محمد رسول الله فشاهد بالشهود الحقانى ايضا بقاء افعالهم وصفاتهم وذواتهم بافعاله تعالى وصفاته وذاته وهذا مقتضى الفرق والواحدية. وتلك الكلمة ايضا اشارة الى هذه المرتبة فاذا كان توحيد العبد على هذه المشاهدة فلا جرم ان توحيده يكون توحيدا حقيقا حقانيا لا رسما نفسانيا: قال المولى الجامى قدس سره

كرجه "لا" داشت تيركئ عدم دارد "الا" فروع نور قدم
كرجه "لا" بود كان كفر وجحود هست "الا" كليد كنج شهود
جون كند "لا" بساط كثرت طى دهد "الا" زجام وحدت مى
آن رهاند زنقش بيش وكمت وين رساند بوحدت قدمت
تانسازى حجاب كثرت دور ندهد افتاب وحدت نور
دائم آن آفتاب تابانست ازحجاب تو ازتو بنهانست
كربرون آيى ازحجاب تويى مرتفع كردد ازميانه دويى
در زمين زمان وكون مكان همه او بينى آشكار ونهان

اللهم اوصلنا الى الجمع والعين واليقين { الحى } خبر ثان. وهو فى اللغة من له الحياة وهى صفة تخالف الموت والجمادية وتقتضى الحس والحركة الارادية واشرف ما يوصف به الانسان الحياة الابدية فى دار الكرامة واذا وصف البارى عز شأنه بها وقيل انه حى كان معناه الدائم الباقى الذى لا سبيل عليه للموت والفناء فهو الموصوف بالحياة الازلية الابدية.
قال الامام الغزالى فى شرح الاسماء الحسنى "الحى" هو الفعال الدراك حتى ان من لا فعل له اصلا ولا ادراك فهو ميت واقل درجات الادراك ان يشعر المدرك بنفسه فما لا يشعر بنفسه فهو الجماد والميت فالحى الكامل المطلق هو الذى تندرج جميع المدركات تحت ادراكه وجميع الموجودات تحت فعله حتى لا يشذ عن علمه مدرك ولا عن فعله مفعول وذلك هو الله تعالى فهو الحى المطلق وكل حى سواه فحياته بقدر ادراكه وفعله وكل ذلك محصور فى قوله { القيوم } قام بالامر اذا دبره مبالغة القائم فانه تعالى دائم القيام على كل شىء بتدبير امره فى انشائه وتزريقه وتبليغه الى كماله اللائق به وحفظه.
قال الامام الغزالى اعلم ان الاشياء تنقسم الى ما يفتقر الى محل كالاعراض والاوصاف فيقال فيها انها ليست قائمة بنفسها والى ما يحتاج الى محل فيقال انه قائم بنفسه كالجواهر الا ان الجوهر وان قام بنفسه مستغنيا عن محل يقوم به فليس مستغنيا عن امور لا بد منها لوجوده وتكون شرطا فى وجوده فلا يكون قائما بنفسه لانه محتاج فى قوامه الى وجود غيره وان لم يحتج الى محل فان كان فى الوجود موجود يكفى ذاته بذاته ولا قوام له بغيره ولا شرط فى دوام وجوده وجود غيره فهو القائم بنفسه مطلقا فان كان مع ذلك يقوم به كل موجود حتى لا يتصور للاشياء وجود ولا دوام وجود الا به فهو القيوم لان قوامه بذاته وقوام كل شىء به وليس ذلك الا الله تعالى ومدخل العبد فى هذا الوصف بقدر استغنائه عما سوى الله تعالى انتهى كلام الغزالى.
قيل الحى القيوم اسم الله الاعظم. وكان عيسى عليه الصلاة والسلام اذا اراد ان يحيى الموتى يدعو بهذا الدعاء يا حى يا قيوم ويقال دعاء اهل البحر اذا خافوا الغرق يا حى يا قيوم وعن على بن ابى طالب رضى الله عنه لما كان يوم بدر جئت انظر ما يصنع النبى صلى الله عليه وسلم فاذا هو ساجد يقول يا حى يا قيوم فترددت مرات وهو على حاله لا يزيد على ذلك الى ان فتح الله له وهذا يدل على عظمة هذا الاسم.
وفى التأويلات النجمية انما اشير فى معنى الاسم الاعظم الى هذين الاسمين وهما الحى والقيوم لان اسمه الحى مشتمل على جميع اسمائه وصفاته فان من لوازم الحى ان يكون قادرا عالما سميعا بصيرا متكلما مريدا باقيا. واسمه القيوم مشتمل على افتقار جميع المخلوقات اليه فاذا تجلى الله لعبد بهاتين الصفتين فالعبد يكاشف عند تجلى صفة الحى معانى جميع اسمائه وصفاته ويشاهد عند تجلى صفة القيوم فناء جميع المخلوقات اذا كان قيامها بقيومية الحق لا بانفسهم فلما جاء الحق زهق الباطل فلا يرى فى الوجود الا الحى القيوم اذا سلب الحى جميع اسماء الله وسلب القيوم قيام المخلوقات فترتفع الاثنينية بينهما واذا فنى التعدد وبقيت الوحدة فيصيران اسما اعظم للمتجلى له فيذكره عند شهود عظمة الوحدانية بلسان عيان الفردانية لا بلسان بيان الانسانية فقد ذكره باسمه الاعظم الذى اذا دعى به اجاب واذا سئل به اعطى فاما الذاكر عند غيبه فكل اسم دعاه لا يكون الاسم الاعظم بالنسبة الى حال غيبه وعند شهود العظمة فبكل اسم دعاه يكون الاسم الاعظم كما سئل ابو يزيد البسطامى قدس سره عن الاسم الاعظم فقال الاسم ليس له حد محدود ولكن فرغ قلبك لوحدانيته فاذا كنت كذلك فاذكره بأى اسم شئت انتهى ما فى التأويلات.
واعلم ان الاسم الاعظم عبارة عن الحقيقة المحمدية فمن عرفها عرفه وهى صورة الاسم الجامع الالهى وهو ربها ومنه الفيض فاعرف تفز بالحظ الاوفى { لا تأخذه سنة ولا نوم } السنة ثقلة من النعاس وفتور يعترى المزاج قبل النوم وليست بداخلة فى حد النوم والنعاس اول النوم والنوم حالة تعرض للحيوان من استرخاء اعصاب الدماغ من رطوبات الابخرة المتصاعدة بحيث تقف الحواس الظاهرة عن الاحساس رأسا وتقديم السنة عليه مع ان قياس المبالغة عكسه على ترتيب الوجود الخارجى فان الموجود منهما اولا هو السنة ثم يعترى بعدها النوم وتوسيط كلمة لا للتنصيص على شمول النفى لكل منهما والمراد بيان انتفاء اعتراء شىء منهما له سبحانه لعدم كونهما من شأنه وانما عبر عن عدم الاعتراء والعروض بعدم الاخذ لمراعاة الواقع اذ عروض السنة والنوم لمعروضهما انما يكون بطريق الاخذ والاستيلاء والجملة نفى للتشبيه وتأكيد لكونه حيا قيوما فان من اخذه نعاس او نوم كان مؤوف الحياة قاصرا فى الحفظ والتدبير والمعنى لا يعتريه ما يعترى المخلوقين من السهو والغفلة والملال والفترة فى حفظ ما هو قائم بحفظه ولا يعرض له عوارض التعب المحوجة الى الاستراحة فيستريح بالنوم والسنة لان النوم اخو الموت والموت ضد الحياة وهو الحى الحقيقى فلا يلحقه ضد الحياة فكما انه موصوف بصفات الكمال فهو منزه عن جميع صفات النقصان ـ روى ـ ان موسى عليه السلام سأل الملائكة وكان ذلك فى نومه أينام ربنا فاوحى الله تعالى اليهم ان يوقظوه ثلاثا ولا يتركوه ينام ثم قال خذ بيدك قارورتين مملوءتين فاخذهما فاخذه النوم فزالتا وانكسرتا ثم اوحى الله اليه انى امسك السموات والارض بقدرتى فلو اخذنى نوم او نعاس لزالتا كذا فى الكشاف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"ان الله لا ينام ولا ينبغى له ان ينامbr>" . قال ابن الملك هذا بيان لاستحالة وقوع النوم منه لانه عجز والله تعالى يتعالى عنه انتهى وحظ العبد من هذا الوصف ان يترك النوم فان الله تعالى وان رخص للعباد فى المنام بل هو فضل منه تعالى لكن كثرة المنام بطالة وان الله تعالى لا يحب البطال.
قال ابو يزيد البسطامى قدس سره لم يفتح لى شىء الا بعد ان جعلت الليالى اياما: قال السعدى قدس سره

سر آنكه ببالين نهد هو شمند كه خوابش بقهر آورد در كمند

قيل كان رجل له تلميذان اختلفا فيما بينهما فقال احدهما النوم خير لان الانسان لا يعصى فى تلك الحالة وقال الآخر اليقظة خير لانه يعرف الله فى تلك الحالة فتحاكما الى ذلك الشيخ فقال الشيخ اما انت الذى قلت بتفضيل اليقظة فالحياة خير لك وقيل اشترى رجل مملوكة فلما دخل الليل قال افرشى الفراش فقالت المملوكة يا مولاى ألك مولى قال نعم قالت ينام مولاك قال لا فقالت ألا تستحيى ان تنام ومولاك لم ينم: ومن الابيات التى كان يذكرها بلال الحبشى رضى الله عنه وقت السحر

يا ذا الذى استغرق فى نومه ما نوم عبد ربه لا ينام
أهل تقول اننى مذنب مشتغل الليل بطيب المنام

{ له ما فى السموات وما فى الأرض } تقرير لقيوميته تعالى واحتجاج به على تفرده فى الالوهية لانه تعالى خلقهما بما فيهما والمشاركة انما تقع فيما فيهما ومن يكن له ما فيهما فمحال مشاركته فكل من فيهما وما فيهما ملكه ليس لاحد معه فيه شركة ولا لاحد عليه سلطان فلا يجوز ان يعبد غيره كما ليس لعبد احدكم ان يخدم غيره الا باذنه والمراد بما فيهما ما هو اعم من اجزائهما الداخلة فيهما ومن الامور الخارجة عنهما المتمكنة فيهما من العقلاء وغيرهم فهو ابلغ من ان يقال له السموات والارض وما فيهن لان قوله وما فيهن بعد ذكر السموات والارض انما يتناول الامور الخارجة المتمكنة فيهن اذ لو اريد به ما يعم الامور الداخلة فيهما والخارجة عنهما لاغنى ذكره عن ذكرهما { من ذا الذى يشفع عنده إلا بإذنه } من مبتدأ وذا خبره. والذى صفة ذا او بدل منه ولفظ من وان كان استفهاما فمعناه النفى ولذلك دخلت الا فى قوله { إلا بإذنه } و{ عنده } فيه وجهان. احدهما انه متعلق بيشفع. والثانى انه متعلق بمحذوف فى موضع الحال من الضمير فى يشفع اى لا احد يشفع مستقرا عنده الا باذنه وقوى هذا الوجه بانه اذا لم يشفع عنده من هو عنده وقريب منه فشفاعة غيره ابعد والا باذنه متعلق بمحذوف لانه حال من فاعل يشفع فهو استثناء مفرغ والباء للمصاحبة والمعنى لا احد يشفع عنده فى حال من الاحوال الا فى حال كونه مأذونا له او لا احد يشفع عنده بامر من الامور الا باذنه والباء للاستعانة كما فى ضرب بسيفه فيكون الجار والمجرور فى موضع المفعول به وكان المشركون يقولون اصنامنا شركاء الله تعالى وهم شفعاؤنا عنده فوحد الله نفسه بالنفى والاثبات ليكون المعنى فى ثبوت التوحيد ونفى الشرك اى ليس لاحد ان يشفع لاحد عند الا باذنه وقد اخبر انه لا يأذن فى الشفاعة للكفار وهو رد على المعتزلة فى انهم لا يرون الشفاعة اصلا والله تعالى اثبتها للبعض بقوله { إلا بإذنه }.
وفى التأويلات النجمية هذا الاستثناء راجع الى النبى عليه الصلاة والسلام لان الله قد وعد له المقام المحمود وهو الشفاعة فالمعنى من ذا الذى يشفع عنده يوم القيامة الا عبده محمد فانه مأذون موعود ويعينه الانبياء بالشفاعة انتهى

غم نخورد آنكه شفيعش تويى بايه ده قدر رفعيش وتويى
حاصلى ارنيست ز طاعت مرا هست اميدى بشفاعت مرا

قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم "اتانى آت من عند ربى فخيرنى بين ان يدخل نصف امتى الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة" ـ روى ـ ان الانبياء عليهم السلام يعينون نبينا صلى الله عليه وسلم يوم القيامة للشفاعة فيأتى الناس اليه فيقول انا لها وهو المقام المحمود الذى وعده الله به يوم القيامة فيأتى ويسجد ويحمد الله بمحامد يلهمه الله تعالى اياها فى ذلك الوقت لم يكن يعلمها قبل ذلك ثم يشفع الى ربه ان يفتح باب الشفاعة للخلق فيفتح ذلك الباب فيأذن فى الشفاعة للملائكة والرسل والانبياء والمؤمنين فهذا يكون سيد الناس يوم القيامة فانه شفع عند الله ان يشفع الملائكة والرسل ومع هذا تأدب صلى الله عليه وسلم وقال "انا سيد الناس" ولم يقل سيد الخلائق فيدخل الملائكة فى ذلك مع ظهور سلطانه فى ذلك اليوم على الجميع وذلك انه صلى الله تعالى عليه وسلم جمع له بين مقامات الانبياء عليهم الصلاة والسلام كلهم ولم يكن ظهر له على الملائكة ما ظهر لآدم عليهم من اختصاصه بعلم الاسماء كلها فاذا كان فى ذلك اليوم افتقر اليه الجميع من الملائكة والناس من آدم فمن دونه فى فتح باب الشفاعة واظهار ماله من الجاه عند الله اذ كان القهر الآلهى والجبروت الاعظم قد اخرس الجميع فدل على عظيم قدره عليه السلام حيث اقدم مع هذه الصفة الغضبية الآلهية على مناجاة الحق فيما سأله فيه فاجابه الحق سبحانه كذا فى تفسير الفاتحة للمولى الفنارى عليه رحمة البارى.
واعلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو اول من يفتح باب الشفاعة فيشفع فى الخلق ثم الانبياء ثم الاولياء ثم المؤمنون وآخر من يشفع هو ارحم الراحمين فان الرحمن ما شفع عند المنتقم فى اهل البلاء الا بعد شفاعة الشافعين الذين لم تظهر شفاعتهم الا بعد شفاعة خاتم الرسل اياهم ليشفعوا ومعنى شفاعة الله سبحانه هو انه اذا لم يبق فى النار مؤمن شرعى اصلا يخرج الله منها قوما علموا التوحيد بالادلة العقلية ولم يشركوا بالله شيأ ولا آمنوا ايمانا شرعيا ولم يعملوا خيرا قط من حيث ما اتبعوا فيه نبيا من الانبياء فلم يكن عندهم ذرة من ايمان فيخرجهم ارحم الراحمين فاعرف هذا فانه من الغرائب افاده لى شيخى العلامة افادة كشفية وصادفته ايضا فى تفسير الفاتحة للمولى الفنارى اللهم اغفر وارحم وانت ارحم الراحمين { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم } [البقرة: 255].
استئناف آخر لبيان احاطة علمه باحوال خلقه المستلزم لعلمه بمن يستحق الشفاعة ومن لا يستحقها اى يعلم ما كان قبلهم من امور الدنيا وما يكون بعدهم من امر الآخرة او ما بين ايديهم يعنى الآخرة لانهم يقدمون عليها وما خلفهم الدنيا لانهم يخلفونها وراء ظهورهم او ما بين ايديهم من السماء الى الرض وما خلفهم يريد ما فى السموات او ما بين ايديهم بعد انقضاء آجالهم وما خلفهم اى ما كان قبل ان يخلقهم او ما فعلوه من خير وشر وقدموه وما يفعلونه بعد ذلك والمقصود بهذا الكلام بيان انه عالم باحوال الشافع والمشفوع له فيما يتعلق باستحقاق الثواب والعقاب. والضمير لما فى السموات وما فى الارض لان فيهم العقلاء فغلب من يعقل على غيره او لما دل عليه من ذا من الملائكة والانبياء فيكون للعقلاء خاصة { ولا يحيطون } اى لا يدركون يعنى من الملائكة والانبياء وغيرهم { بشىء من علمه } اى من معلوماته { إلا بما شاء } ان يعلموه وان يطلعهم عليه كاخبار الرسل فلا يظهر على غيبه احد الا من ارتضى من رسول وانما فسرنا العلم بالمعلوم لان علمه تعالى الذى هو صفة قائمة بذاته المقدسة لا يتبعض فجعلناه بمعنى المعلوم ليصح دخول التبعيض والاستثناء عليه.
وفى التأويلات النجمية { يعلم } محمد عليه السلام { ما بين أيديهم } من الامور الاوليات قبل خلق الله الخلائق كقوله
"اول ما خلق الله نورىbr>" . { وما خلفهم } من اهوال القيامة وفزع الخلق وغضب الرب وطلب الشفاعة من الانبياء وقولهم نفسى نفسى وحوالة الخلق بعضهم الى بعض حتى بالاضطرار يرجعون الى النبى عليه السلام لاختصاصه بالشفاعة { ولا يحيطون بشىء من علمه } يحتمل ان تكون الهاء كناية عنه عليه السلام يعنى هو شاهد على احوالهم يعلم ما بين ايديهم من سيرهم ومعاملاتهم وقصصهم وما خلفهم من امور الآخرة واحوال اهل الجنة والنار وهم لا يعلمون شيأ من معلوماته { إلا بما شاء } ان يخبرهم عن ذلك انتهى.
قال شيخنا العلامة ابقاه الله بالسلامة فى الرسالة الرحمانية فى بيان الكلمة العرفانية علم الاولياء من علم الانبياء بمنزلة قطرة من سبعة ابحر وعلم الانبياء من علم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام بهذه المنزلة وعلم نبينا من علم الحق سبحانه بهذه المنزلة انتهى وفى القصيدة البردية

وكلهم من رسول الله ملتمس غرفا من البحر او رشفا من الديم
وواقفون لديه عند حدهم من نقطة العلم او من شكلة الحكم

حاصله ان علوم الكائنات وان كثرت بالنسبة الى علم الله عز وجل بمنزلة نقطة او شكلة ومشربها بحر روحانية محمد صلى الله عليه وسلم فكل رسول ونبى وولى أخذون بقدر القابلية والاستعداد مما لديه وليس لاحد ان يعدوه او يتقدم عليه. قوله النقطة فعلة من نقطت الكتاب نقطا ومعناها الحاصل. والشكلة بالفتح فعلة من شكلت الكتاب قيدته بالاعراب { وسع كرسيه السموات والأرض } الكرسى ما يجلس عليه من الشىء المركب من خشبات موضوعة بعضها فوق بعض ولا يفضل على مقعد القاعد وكأنه منسوب الى الكرس الذى هو الملبد وهو ما يجعل فيه اللبدة اى لم يضق كرسيه عن السموات والارض لبسطته وسعته وما هو الا تصوير لعظمته وتمثيل مجرد ولا كرسى فى الحقيقة ولا قاعد. وتقريره انه تعالى خاطب الخلق فى تعريف ذاته وصفاته بما اعتادوه فى ملوكهم وعظمائهم كما جعل الكعبة بيتا له يطوف الناس به كما يطوفون ببيوت ملوكهم وامر الناس بزيارته كما يزور الناس بيوت ملوكهم وذكر فى الحجر الاسود انه يمين الله تعالى فى ارضه ثم جعله موضعا للتقبيل كما يقبل الناس ايدى ملوكهم وكذلك ما ذكر فى محاسبة العباد يوم القيامة من حضور الملائكة والنبيين والشهداء فوضع الميزان وعلى هذا القياس اثبت لنفسه عرشا فقال { { الرحمن على العرش استوى } [طه: 5].
ثم اثبت لنفسه كرسيا فقال { وسع كرسيه السموات والأرض } والحاصل ان كل ما جاء من الالفاظ الموهمة للتشبيه فى العرش والكرسى فقد ورد مثلها بل اقوى منها فى الكعبة والطواف وتقبيل الحجر ولما توافقت الامة ههنا على ان المقصود تعريف عظمة الله وكبريائه مع القطع بانه تعالى منزه عن ان يكون فى الكعبة ما يوهمه تلك الالفاظ فكذا الكلام فى العرش والكرسى. والمعتمد كما قال الامام ان الكرسى جسم بين يديى العرش محيط بالسموات السبع لان الارض كرة والسماء الدنيا محيطة بها احاطة قشر البيضة بالبيضة من جميع الجوانب والثانية محيطة بالدنيا وهكذا الى ان يكون العرش محيطا بالكل قال صلى الله عليه وسلم
"ما السموات السبع والارضون السبع من الكرسى الا كحلقة فى فلاة وفضل العرش على الكرسى كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقةbr>" . ولعله الفلك الثامن وهو المشهور بفلك البروج.
قال مقاتل كل قائمة من الكرسى طولها مثل السموات السبع والارضين السبع وهو بين يدى العرش ويحمل الكرسى اربعة املاك لكل ملك اربعة وجوه واقدامهم فى الصخرة التى تحت الارض السابعة السفلى مسيرة خمسمائة عام. ملك على صورة سيد البشر آدم عليه الصلاة والسلام وهو يسأل للآدميين الرزق والمطر من السنة الى السنة. وملك على صورة سيد الانعام وهو الثور وهو يسأل للانعام الرزق من السنة الى السنة وعلى وجهه غضاضة منذ عبد العجل. وملك على صورة سيد السباع وهو الاسد يسأل للسباع الرزق من السنة الى السنة. وملك على صورة سيد الطير وهو النسر يسأل للطير الرزق من السنة الى السنة.
وفى التأويلات النجمية اما القول فى معنى الكرسى فاعلم ان مقتضى الدين والديانة ان لا يؤول المسلم شيأ من الاعيان مما نطق به القرآن والاحاديث بالمعانى الا بصورها كما جاء وفسرها النبى عليه الصلاة والسلام والصحابة وعلماء السلف الصالح اللهم الا ان يكون محققا خصصه الله بكشف الحقائق والمعانى والاسرار واشارات التنزيل وتحقيق التأويل فاذا كوشف بمعنى خاص او اشارة وتحقيق يقدر ذلك المعنى من غير أن يبطل صورة الاعيان مثل الجنة والنار والميزان والصراط وفى الجنة من الحور والقصور والانهار والاشجار والثمار وغيرها من العرش والكرسى والشمس والقمر والليل والنهار ولا يؤول شيأ منها على مجرد المعنى ويبطل صورته بل يثبت تلك الاعيان كما جاء ويفهم منها حقائق معانيها فان الله تعالى ما خلق شيأ فى عالم الصورة الا وله نظير فى عالم المعنى وما خلق شيأ فى عالم المعنى وهو الآخرة الا وله حقيقة فى عالم الحق وهو غيب الغيب فافهم جدا وما خلق فى العالمين شيأ الا وله مثال وانموذج فى عالم الانسان فاذا عرفت هذا فاعلم ان مثال العرش فى عالم الانسان قلبه اذ هو محل استواء الروح عليه ومثال الكرسى سر الانسان والعجب كل العجب ان العرش مع نسبته الى استواء الرحمانية قيل هو كحلقة ملقاة بين السماء والارض بالنسبة الى وسعة قلب المؤمن انتهى ما فى التأويلات: وفى المثنوى

كفت بيغمبر كه حق فرموده است من نكنجم هيج در بالا وبست
در زمين و آسمان و عرش نيز من نكنجم اين يقين دان اى عزيز
دردل مؤمن بكنجم اى عجب كرمرا جويى دران دلها طلب
خود بزركى عرش باشد بس مديد ليلك صورت كيست جون معنى رسيد

{ ولا يؤده } يقال آده الشىء يأوده اذا اثقله ولحقه منه مشقة مأخوذ من الاود بفتح الواو وهو العود ويعرض ذلك بالثقل اى لا يثقله ولا يشق عليه تعالى { حفظهما } اى حفظ السموات والارض اذ القريب والبعيد عنده سواء والقليل والكثير سواء وكيف يتعب فى خلق الذرة وكل الكون عنده سواء فلا من القليل له تيسر ولا من الكثير عليه تعسر انما امره اذا اراد شيأ ان يقول له كن فيكون وانما لم يتعرض لذكر ما فيهما لان حفظهما مستتبع لحفظه { وهو العلى } اى المتعالى بذاته عن الاشباه والانداد { العظيم } الذى يستحقر بالنسبة اليه كل ما سواه. فالمراد بالعلو علو القدر والمنزلة لا علو المكان لانه تعالى منزه عن التحيز وكذا عظمته انما هى بالمهابة والقهر والكبرياء ويمنع ان يكون بحسب المقدار والحجم لتعالى شأنه من ان يكون من جنس الجواهر والاجسام. والعظيم من العباد الانبياء والاولياء والعلماء الذين اذا عرف العاقل شيأ من صفاتهم امتلأ بالهيبة صدره وصار متشوقا بالهيبة قلبه حتى لا يبقى فيه متسع فالنبى عليه السلام عظيم فى حق امته والشيخ عظيم فى حق مريده والاستاذ فى حق تلميذه اذ يقصر عقله عن الاحاطة بكنه صفاته فان ساواه أو جاوزه لم يكن عظيما بالاضافة اليه. وهذه الآية الكريمة منطوية كما ترى على امهات المسائل الآلهية المتعلقة بالذات العلية والصفات الحلية فانها ناطقة بانه تعالى موجود متفرد بالآلهية متصف بالحياة واجب الوجود لذاته موجد لغيره لما ان القيوم هو القائم بذاته المقيم لغيره منزه عن التحيز والحلول مبرأ من التغير والفتور لا مناسبة بينه وبين الاشباح ولا يعتريه ما يعترى النفوس والارواح مالك الملك والملكوت ومبدع الاصول والفروع ذو البطش الشديد لا يشفع عنده الا من اذن له فهو العالم وحده بجميع الاشياء جليها وخفيها كليها وجزئيها واسع الملك والقدرة لكل ما من شأنه ان يملك ويقدر عليه ولا يشق عليه شاق ولا يشغله شأن عن شأن متعال عما تناله الاوهام عظيم لا تحدق به الافهام ولذلك قال عليه السلام "ان اعظم آية فى القرآن آية الكرسى من قرأها بعث الله ملكا يكتب من حسناته ويمحو من سيئاته الى الغد من تلك الساعة" يعنى انما صارت آية الكرسى اعظم الآيات لعظم مقتضاها فان الشىء انما يشرف بشرف ذاته ومقتضاه ومتعلقاته وآية الكرسى اقتضت التوحيد فى خمسين حرفا وسورة الاخلاص فى خمسة عشر حرفا.
قال الامام فى الاتقان اشتملت آية الكرسى على ما لم تشتمل عليه آية فى اسماء الله تعالى وذلك انها مشتملة على سبعة عشر موضعا فيها اسم الله تعالى ظاهرا فى بعضها ومستكنا فى بعض وهى الله هو الحى القيوم وضمير لا تأخذه وله وعنده وباذنه ويعلم وعلمه وشاء وكرسيه ويأوده وضمير حفظهما المستتر الذى هو فاعل المصدر وهو العلى العظيم ويكفى فى استحقاقها السيادة ان فيها الحى القيوم وهو الاسم الاعظم كما ورد به الخبر عن سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وتذاكر الصحابة
"افضل ما فى القرآن فقال لهم على اين انتم عن آية الكرسى ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا على سيد البشر آدم وسيد العرب محمد ولا فخر وسيد الفرس سلمان وسيد الروم صهيب وسيد الحبشة بلال وسيد الجبال الطور وسيد الايام يوم الجمعة وسيد الكلام القرآن وسيد القرآن البقرة وسيد البقرة آية الكرسىbr>" . وعن على كرم الله وجهه عن النبى عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما قرئت هذه الآية فى دار الا اهتجرتها الشياطين ثلاثين يوما ولا يدخلها ساحر ولا ساحرة اربعين ليلة يا على علمها ولدك واهلك وجيرانك فما نزلت آية اعظم منهاbr>" . "وعن على ايضا سمعت نبيكم على اعواد المنبر وهو يقول من قرأ آية الكرسى فى دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة الا الموت ولا يواظب عليها الا صديق او عابد ومن قرأها اذا اخذ مضجعه آمنه الله على نفسه وجاره وجار جاره والابيات حوله" عن محمد بن ابى بن كعب عن ابيه ان اباه اخبره انه كان له جرن فيه خضر فكان يتعاهده فوجده ينقص فحرسه ذات ليلة فاذا هو بدابة تشبه الغلام المحتلم قال فسلمت فرددت عليها السلام وقلت من انت جن ام انس قالت جن قلت ناولينى يدك فناولتنى يدها فاذا يد كلب وشعر كلب فقلت هكذا خلقة الجن قالت لقد علمت الجن ما فيهم اشد منى قلت ما حملك على ما صنعت قالت بلغنى انك رجل تحب الصدقة فاحببنا ان نصيب من طعامك فقال لها ابىّ فما الذى يجيرنا منكم قالت هذه الآية التى فى سورة البقرة الله لا اله الا هو الحى القيوم من قالها حين يصبح اجير منا حتى يمسى ومن قالها حين يمسى اجير منا حتى يصبح فلما اصبح أتى النبى عليه السلام فاخبره فقال النبى عليه السلام "صدق الخبيث" وروى ان رجلا أتى شجرة او نخلة فسمع فيها حركة فتكلم فلم يجب فقرأ آية الكرسى فنزل اليه شيطان فقال ان لنا مريضا فبم نداويه قال بالذى انزلتنى به من الشجرة.
وخرج زيد بن ثابت الى حائط له فسمع فيه جلبة فقال ما هذا قال رجل من الجان اصابتنا السنة فاردنا ان نصيب من ثماركم أفتطيبونها قال نعم فقال له زيد بن ثابت ألا تخبرنى ما الذى يعيذنا منكم قال آية الكرسى.
وبالجملة ان آية الكرسى من اعظم ما ينتصر به على الجن فقد جرب المجربون الذين لا يحصون كثرة ان لها تأثيرا عظيما فى طرد الشياطين عن نفس الانسان وعن المصروع وعمن تعينه الشياطين مثل اهل الشهوة والطرب وارباب سماع المكاء والتصدية واهل الظلم والغضب اذا قرئت عليهم بصدق كما فى آكام المرجان فى احكام الجان

دل بر دردرا دوا قرآن جان مجروح را شفا قرآن
هرجه جويى زنص قرآن جو كه بود كنج علمها قرآن

وانما قال اذا قرئت عليهم بصدق لانه هو العمدة والصادق يبيض وجهه والكاذب يسود ألا ترى الى الصبح الصادق والكاذب كيف اعقب الاول شمس منير دون الثانى: قال فى المثنوى

هست تسبيحت بخار آب وكل مرغ جنت شد زنفخ صدق دل

وكل ما وقع بطريق الحال وجد عنده التأثير بخلاف ما وقع بطريق القال فقط ولذا ترى اكثر الناس محرومين وان دعوا بالاسم الاعظم اللهم آت نفسى تقواها وزكها انت خير من زكاها آمين.