خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ سُبْحَٰنَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ
٣٢
-البقرة

روح البيان في تفسير القرآن

{ قالوا } استئناف واقع موقع الجواب كانه قيل فماذا قالوا حينئذ هل خرجوا عن عهدة ما كلفوه اولا فقيل قالوا { سبحانك } اى نسبحك عما لا يليق بشأنك الاقدس من الامور التى من جملتها خلو افعالك من الحكم والمصالح وهى كلمة تقدم على التوبة قال موسى عليه السلام { سبحانك تبت إليك } [الأعراف: 143] وقال يونس { سبحانك إنى كنت من الظالمين } [الأنبياء: 87].
وسبحان اسم واقع موضع المصدر لا يكاد يستعمل الا مضافا فاذا افرد عن الاضافة كان اسما علما للتسبيح لا ينصرف للتعريف والالف والنون فى آخره { لا علم لنا الا ما علمتنا } اعتراف منهم بالعجز عما كلفوه واشعار بان سؤالهم كان استفسارا ولم يكن اعتراضا اذ معناه لا علم لنا الا ما علمتنا بحسب قابليتنا من العلوم المناسبة لعالمنا ولا قدرة لنا على ما هو خارج عن دائرة استعدادنا حتى لو كنا مستعدين لذلك لأفضته علينا وما مصدرية اى الا علما علمتناه ومحله رفع بدل من موضع لاعلم كقولك لا اله الا الله { انك انت } ضمير فصل لا محل له من الاعراب { العليم } الذى لا يخفى عليه خافية وهذه اشارة الى تحقيقهم لقوله تعالى
{ إنى أعلم ما لا تعلمون } [البقرة: 30] { الحكيم } المحكم لمبتدعاته والذى لا يفعل الا ما فيه حكمة بالغة.
وافادت الآية ان العبد ينبغى له ان لا يغفل عن نقصانه وعن فضل الله واحسانه ولا يأنف ان يقول لا اعلم فيما لا يعلم ولا يكتم فيما يعلم.
وقالوا لا ادرى نصف العلم وسئل ابو يوسف القاضى عن مسئلة فقال لا ادرى فقالوا له ترتزق من بيت المال كل يوم كذا كذا ثم تقول لا ادرى فقال انما ارتزق بقدر علمى ولو اعطيت بقدر جهلى لم يسعنى مال الدنيا – وحكى – ان عالما سئل عن مسئلة وهو فوق المنبر فقال لا ادرى فقيل له ليس المنبر موضع الجهال فقال انما علوت بقدر علمى ولو علوت بقدر جهلى لبلغت السماء.