{ فاصبر على ما يقولون } اى اذا كان الامر على ما ذكر من ان تأخير عذابهم ليس باهمال بل امهال وانه لازم لهم البتة فاصبر على ما يقولون فيك من كلمات الكفر والنسبة الى السحر والجنون الى ان يحكم فيهم فان علمه عليه السلام بانهم معذبون لا محالة مما يسليه ويحمله على الصبر.
وفى التأويلات النجمية على ما يقول اهل الاعتراض والانكار لانك محتاج فى التربية الى ذلك لتبلغ الى مقام الصبر انتهى.
قال بعضهم هذا منسوخ بآية السيف.
وفى الكبير هذا غير لازم لجواز ان يقاتل ويصبر على ما يسمع منهم من الاذى.
قال الراغب الصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع او عما يقتضيان حبسها عنه فالصبر لفظ عام وربما خولف بين اسمائه بحسب اختلاف مواقعه فان كان حبس النفس لمصيبة يسمى صبرا لا غير ويضاده الجزع وان كان فى محاربة سمى شجاعة ويضاده الجبن وان كان فى نائبة سمى رحب الصدر ويضاده الضجر وان كان فى امساك الكلام سمى كتمانا ويضاده البذل وقد سمى الله تعالى كل ذلك صبرا ونبه عليه بقوله { والصابرين فى البأساء والضراء } وقال تعالى { والصابرين على ما اصابهم والمقيمين الصلاة ومما رزقناهم ينفقون } ويسمى الصوم صبرا لكونه كالنوع له { وسبح } ملتبسا { بحمد ربك } اى صل حامدا لربك على هدايته وتوفيقه بطريق اطلاق اسم الجزء على الكل لان التسبيح وذكر الله تعالى يفيد السلوة والراحة وينسى جميع ما اصاب من الغموم والاحزان { ألا بذكر الله تطمئن القلوب } { قبل طلوع الشمس } المراد صلاة الفجر وفى الخبر "ان الذكر والتسبيح الى طلوع الشمس افضل من اعتاق ثمانين رقبة من ولد اسماعيل" خص اسماعيل بالذكر لشرفه وكونه ابا العرب { وقبل غروبها } يعنى صلاتى الظهر والعصر لانهما قبل غروبها بعد زوالها { ومن آناء الليل } اى بعض ساعاته جمع انى بالكسر والقصر كمعى وامعاء واناء بالفتح والمد { فسبح } فصل والمراد المغرب والعشاء وتقديم الوقت فيهما لاختصاصهما بمزيد الفضل فان القلب فيهما اجمع والنفس الى الاستراحة اميل فتكون العبادة فيها اشق { واطراف النهار } امر بالتطوع اجزاء النهار.
وفى العيون هو بالنصب عطف على ما قبله من الظروف اى سبح فيها وهى صلاة المغرب وصلاة الفجر على التكرار لارادة الاختصاص كما فى قوله تعالى { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى } صلاة العصر عند بعض المفسرين.
وفى الجلالين قبل غروبها صلاة العصر واطراف النهار صلاة الظهر فى طرف النصف الثانى ويسمى الواحد باسم الجمع.
وقال الطبرى قبل غروبها وهى العصر ومن آناء الليل هى العشاء الآخرة واطراف النهار الظهر والمغرب لان الظهر فى آخر الطرف الاول من النهار وفى اول الطرف الثانى فكأنها بين طرفين والمغرب فى آخر الطرف الثانى فكانت اطرافا انتهى. وبهذا احتج الشيخ ابو القاسم الفزارى فى الاسئلة المقحمة وقد مضى ما يناسب هذه الآية فى اواخر سورة هود وسيأتى فى سوررة ق ايضا { لعلك ترضى } متعلق بسبح اى سبح فى هذه الاوقات رجاء ان تنال عنده تعالى ما ترضى به نفسك ويسر به قلبك.
وقال الكاشفى [خوشنودى در اصح اقوال بكرامتئ ما شدكه خداى تعالى اورا عطا دهد وآن شفاعت امتست ونكته { ولسوف يعطيك ربك فترضى } تقويت اين قول ميكند]
امت همه جسمند وتويى جان همه ايشان همه آن تو وتوآن همه
خوشنودئ توجست خدادرمحشر خوشنود نه مكر بغفران همه
واعلم ان الاشتغال بالتسبيح استنصار من المسبح للنصر على المكذبين وان الصلاة اعظم ترياق لازالة الالم ولذا كان النبى عليه السلام اذا حزبه امر فزع الى الصلاة وكان آخر ما اوصى به الصلاة وما ملكت ايمانكم والآية جامعة لذكر الصلوات الخمس.
عن جرير بن عبد الله كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى القمر ليلة البدر فقال "انكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامّون فى رؤيته فان استطعتم ان لا تغلبوا عن صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ وسبح بحمد ربك" الآية قوله لا تضامون بتشديد الميم من الضم اى لا يضم بعضكم بعضا ولا يقول ارنيه بل كل ينفرد برؤيته فالتاء مفتوحة والاصل تتضامون حذفت منه احدى التاءين وروى بتخفيف الميم من الضيم وهو الظلم فالتاء مضمومة يعنى لا ينالكم ضيم بان يرى بعضكم دون بعض بل تستوون كلكم فى رؤيته تعالى وفى الحديث "ان اثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر ولو يعلمون ما فيهما لاتوهما ولو حبوا" يقال من دوام على الصلوات الخمس فى الجماعة يرفع الله عنه ضيق العيش وعذاب القبر ويعطى كتابه بيمينه ويمر على الصراط كالبرق ويدخل الجنة بغير حساب ومن تهون فى الصلاة فى الجماعة يرفع الله البركة من رزقه وكسبه وينزع سيما الصالحين من وجهه ولا يقبل منه سائر عمله ويكون بغيضا فى قلوب الناس ويقبض روحه عطشان جائعا يشق نزعه ويبتلى فى القبر بشدة مسألة منكر ونكير وظلمة القبر وضيقه وبشدة الحساب وغضب الرب وعقوبة الله فى النار وفى الحديث "امتى امة مرحومة وانما يدفع الله عنهم البلايا باخلاصهم وصلواتهم ودعائهم وضعفائهم" وعن قتادة ان دانيال النبى عليه السلام نعت امة محمد فقال يصلون صلاة لو صلاها قوم نوح ما اغرقوا ولو صلاها قوم عاد ما ارسلت عليه الريح ولو صلاها ثمود ما اخذتهم الصيحة فعلى المؤمن ان لا ينفك عن الصلاة والدعاء والالتجاء الى الله تعالى.