خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي
٤١
-طه

روح البيان في تفسير القرآن

{ واصطنعتك لنفسى } تذكير لقوله وانا اخترتك اى اصطفيتك على الناس برسالاتى وبكلامى فهو تمثيل لما اعطاه تعالى من الكرامة العظمة بتقريب الملك بعض خواصه واصطناعه لنفسه وترشيحه لبعض اموره الجليلة.
وقال الكاشفى [وترا بركزيديم وخالص ساختيم براى محبت خوديعنى ترا دوست كرفتيم].
وفى حواشى ابن شيخ اى اخترك لتحبنى وتتصرف على ارادتى ومحبتى وتشتغل بما امرتك من اقامة حجتى وتبليغ رسالى وان تكون فى حركاتك وسكناتك لوجهى لا لنفسك ولا لغيرك. والاصطناع افتعال من الصنع بالضم وهو مصدر قولك صنع اليه معروفا واصطناع فلان اتخاذه صنيعا محسنا اليه بتقريبه وتخصيص بالتكريم والاجلال.
عن القفال قال اصطنعتك اصله من قولهم اصطنع فلان فلانا اذا احسن اليه حتى يضاف اليه فيقال هذا صنيع فلان كما يقال هذا جريح فلان.
وفى القاموس واصنعتك لنفسى اخترك لخاصة امر استكفيكه انتهى وحقيقته جعله عليه السلام مرآة قابلة لانوار صفات الجمال والجلال.
وفيه اشارة الى ان الخواص انما خلقوا لاجل هذا المعنى الخاص واما غيرهم فبعضهم للدنيا وبعضهم للآخرة فالخواص هم عباد الله حقا وقد تخلصوا من شوب الميل الى الباطل وهو ما سوى الله تعالى: قال لبيد

ألا كل شئ ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل

وفى الحديث "اذا احب الله عبدا ابتلاه فان صبر اجتباه وان رضى اصطفاه" فالصبر تجرع المرارات عند نزول المصيبات والرضى سرور القلب بمر القضايا فالعبد الذى أراد الله اصطفاءه يجعله فى بوتقة البلاء اولا فيخلص جوهره مما سواه فطريق هذا المنزل صعب جدا: قال المولى الجامى

مكوكة قطع بيابان عشق آسانست كه كوههاى بلا ريك آن بيابانست

اللهم اجعلنا من الصابرين الشاكرين الراضين الواصلين.