خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ
٥٠
-طه

روح البيان في تفسير القرآن

{ قال } موسى مجيبا له { ربنا } مبتدأ خبره قوله { الذى } من محض رحمته { اعطى كل شئ } من انواع المخلوقات { خلقه } اى صورته وشكله اللائق به مشتملا على خواصه ومنافعه فالمراد بالخلق المخلوق ومنه يفهم ان ضمير الجمع فى ربنا عام لموسى وهارون وفرعون وغيرهم ولم يقل ربنا الله بل وصفه بافعاله ليستدل بالفعل على الفاعل { ثم هدى } وجه كل واحد منها الى ما يصدر عنه وينبغى له طبعا كما فى الجمادات واختيارا كما فى الحيوانات وهيأه لما خلق له ولما كان الخلق الذى هو عبارة عن تركيب الاجزاء وتسوية الاجسام متقدما على الهداية التى هى عبارة عن ايداع القوى المحركة والمدركة فى تلك الاجسام وسط بينهما كلمة التراخى.
قال بعض الكبار ان للمخلوقات كلها حياة وروحا اما صورية كما فى الانس والجن والملك ومن يتبعهم واما معنوية كما فى الجمادات والنباتات ولذا قال تعالى
{ وان من شئ الا يسبح بحمده } فما من مخلوق الا وقد هدى الى معرفته تعالى بقدر عقله وروحه وحياته.
وفى التويلات النجمية { اعطى كل شئ خلقه } استعدادا لما خلق له { ثم هدى } اى يسر لما خلق له والذى يدل عليه قوله عليه السلام
"اعملوا فكل ميسر لما خلق له" معناه ان الله تعالى خلق المؤمن مستعدا لقبول فيض الايمان ثم هداه الى قبول دعوة الانبياء ومتابعتهم وخلق الكافر مستعدا لقبول فيض القهر والخذلان والتمرد على الانبياء ومخالقتهم: قال المغربى قدس سره

يكى را بهر طاعت خلق كردند يكى را بهر عصيان آفريدند
يكى از بهر مالك كشت موجود يكى را بهر رضوان آفريدند