خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يٰمُوسَىٰ
٥٧
فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى
٥٨
-طه

روح البيان في تفسير القرآن

{ قال أجئتنا لتخرجنا من ارضنا بسحرك يا موسى } استئناف مبين لكيفية تكذيبه وابائه والهمزة لانكار الواقع واستقباحه وادعاء انه امر محال والمجئ اما على حقيقته او بمعنى الاقبال على الامر والتصدى والسحر خداع وتخييلات لا حقيقة لها نحو ما تفعله المشعبذة من صرف الابصارعما تفعله بخفه يد وما يفعله التمام بقول حرف عائق للاسماع. والمعنى أجئتنا من مكانك الذى كنت فيه بعدما غبت عنا او اقبلت علينا لتخرجنا من ارض مصر بالغلبة والاستيلاء بما اظهرته من السحر فان ذلك مما لا يصدر عن العاقل لكونه من باب محاولة المحال.
قال الكاشفى [يعنى دانستيم كه تو ساحرى وميخواهى كه بسحر مارا ازمصر بيرون كنى وبنى اسرائيل را متمكن سازى وبادشاهى كنى برايشان] وقال بعضهم هذا تعلل وتحير ودليل على انه علم كون موسى محقا حتى خاف منه على ملكه فان ساحرا لا يقدر ان يخرج ملكا مثله من ارضه.
وفى الارشاد انما قال لحمل قومه على غاية المقت بابراز ان مراده ليس مجرد انجاء بنى اسرائيل من ايديهم بل اخراج القبط من وطنهم وحيازة اموالهم واملاكهم بالكلية حتى لا يتوجه الى اتباعه احد ويبالغوا فى المدافعة والمخاصمة وسمى ما اظهره عليه من المعجزات الباهرة سحرا ليجسرهم على المقابلة.
وفى التأويلات النجمية انما قال هذا لانه كان من اهل البصر لا من اهل البصيرة ولو كان من اهل البصيرة لرأى مجيئه لاخراجه من ظلمات الكفر الى نور الايمان ومن ظلمات البشرية الى نور الروحانية ومن ظلمات الانسانية الى نور الربانية: وفى المثنوى

هركه از ديدار برخوردار شد اين جهان درجشم او مردار شد
ملك برهم زن توادهم وار زود تا بيابى همجو او ملك خلود

فلما رأى ببصر الحس المعجزة سحرا ادعى ان يعارضه بمثل ما اتى به فقال { فلنأتينك بسحر مثله } الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها واللام جواب قسم محذوف كأنه قيل اذا كان كذلك فوالله لنأتينك بسحر مثل سحرك فلا تغلب علينا: وبالفارسية [هرآيينه بياريم براى تو جادويى ما نندجادوييئ تو بآن باتو معارضه كنيم تامردمان بدانندكه توبيغمبر نيستى جادو كرى]
{ فاجعل } صير { بيننا وبينك } لاظهار السحر { موعدا } اى وعد لقوله { لا نخلفه } اى ذلك الوعد { نحن ولا انت } يقال اخلف وعده ولا يقال اخلف زمانه ولا مكانه.
وقال بعضهم اراد بالموعد ههنا موضعا يتواعدون فيه الاجتماع هناك انتهى.
والوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها. والخلف المخالفة فى الوعد يقال وعدنى فاخلفنى اى خالف فى المعياد { مكانا سوى } منصوب بفعل يدل عليه المصدر لا به فانه موصوف وسوى بالضم والكسر بمعنى العدل والمساواة اى عد مكانا عدلا بيننا وبينك وسطا يستوى طرفاه من حيث المسافة علينا وعليكم لا يكون فيه احد الطرفين ارجح من الآخر او مكانا مستويا لا يحجب العين ارتفاعه ولا انخفاضه: وبالفارسية [جون وعد برسد حاضر شويم درجابى كه مساوى باشد مسافت قوم ما وتو بآن يا مكان مستوى وهموار كه دروبستى وبلندى نباشد تامردم نظاره توانند كرد } ففوض اللعين امر الوعد الى موسى للاحتراز عن نسبته الى ضعف القلب كأنه متمكن من تهبئة اسباب المعارضة طال الامد ام قصر.
وفى التأويلات النجمية انما طلب الموعد لان صاحب السحر يحتاج فى تدبير السحر الى طول الزمان وصاحب المعجزة لا يحتاج فى اظهار المعجزة الى الموعد.