خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي
٩٤
-طه

روح البيان في تفسير القرآن

{ قال يا ابن ام } الام بازاء الاب وهى الوالدة القريبة التى ولدته والبعيدة التى ولدت من ولدته ويقال لكل ما كان اصلا لوجود شئ او تربيته او اصلاحه او مبدئه ام واصله يا ابن امى ابدل الباء الفاء فقيل يا ابن اما ثم حذف الالف واكتفى بالفتحة لكثرة الاستعمال وطول اللفظ وثقل التضعيف وقرئ يا ابن ام بالكسر بحذف الياء والاكتفاء بالكسرة وخص الام بالاضافة استعظاما لحقها وترقيقا لقلبه واعتداد لنسبها واشارة الى انهما من بطن واحد والا فالجمهور على انهما لاب وام.
قال بعض الكبار كانت نبوة هارون من حضرة الرحمة كما قال تعالى
{ ووهبنا له من رحمتنا اخاه هارون نبيا } ولذا ناداه بامه اذ كانت الرحمة للام اوفر ولذا صيرت على مباشرة التربية.
وفى التأويلات النجمية لما رأى هارون موسى رجع من تلك الحضرة سكران الشوق ملآن الذوق وفيه نخوة القربة والاصطفاء والمكالمة ما وسعه الا التواضع والخشوع فقال يا ابن ام { لا تأخذ بلحيتى ولا برأسى } اى بشعر رأسى وخاطبه بيابن ام لمعنين احدهما ليأخذه رأفة صلة الرحم فيسكن غضبه والثانى ليذكره بذكر امه الحالة التى وقعت له فى الميقات حين سأل ربه الرؤية فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا وجاء الملائكة فى حال تلك الصعقة يجرون برأسة ويقولون يا ابن النساء الحيض ما للتراب ورب الارباب: قال الحافظ

برو اين دام برمرغ دكرنه كه عنقارا بلنداست آشيانه

وقال

عنقا شكاركس نبود دام بازجين كآنجا هميشه بادبدسثست دام را

- روى - انه اخذ شعر رأسه بيمنيه ولحيته بشماله من شدة غيظه وغضبه لله وكان حديدا متصلبا فى كل شئ فلم يتمالك حين رآهم يعبدون العجل ففعل ما فعل بمرأى من قومه اى بمكان يراه قومه ويرون ما يفعل باخيه { انى خشيت } لو قاتلت بعضهم ببعض وتفرقوا { ان تقول فرقت بين بنى اسرائيل } برأيك واراد بالتفريق ما يستتبعه القتال من تفريق لا يرجى بعده الاجتماع.
وفى الجلالين خشيت ان فارقتهم واتبعتك ان يصيروا حزبين يقتل بعضهم بعضا فتقول اوقعت الفرق فيما بينهم { ولم ترقب قولى } لم تحفظ وصيتى فى حسن الخلافة عليهم يريد به قوله
{ اخلفنى فى قومى واصلح } فان الاصلاح ضم النشر وحفظ جماعات الناس والمداراة بهم الى ان ترجع اليهم وترى فيهم ما ترى فتكون انت المتدارك للامر بنفسك المتلافى برأيك لا سيما وقد كانوا فى غاية القوة ونحن على القلة والضعف كما يعرف عنه قوله { ان القوم استضعفونى وكادوا يقتلوننى
} وفى العيون اى لم تنظر فى امرى او لم تنتظر قدومى.
وفى التأويلات النجمية يعنى منعنى ترقب قولك واطاعة امرك عن اتباعك لا عصيان امرك انتهى وهذا الكلام من هارون اعتذار والعذر تحرى الانسان ما يمحو به ذنوبه وذلك ثلاثة اضرب ان يقول لم افعل او يقول فعلت لاجل كذا فيذكر ما يخرجه عن كونه مذنبا او يقول فعلت ولا اعود ونحو ذلك وهذا الثالث هو التوبة فكل توبة عذر دون العكس وكان هارون حليما رفيقا ولذا كان بنوا اسرائيل اشد حباله.
وعن على رضى الله عنه احسن الكنوز محبة القلوب.
قال سقراط من احسن خلقه طابت عيشته ودامت سلامته وتأكدت فى النفوس محبته ومن ساء خلقه تنكدت عيشته ودامت بغضته ونفرت النفوس منه.
قال بزر جمهر ثمرة القناعة الراحة وثمرة التواضع المحبة

ارى الحلم فى بعض المواضع ذلة وفى بعضها عزا يسود فاعله

قال ارسطوا باصابة المنطق يعظم القدر وبالتواضع تكثر المحبة وبالحلم تكثر الانصار وبالرفق تستخدم القلوب وبالوفاء يدوم الاخاء وكان النبى عليه السلام لم يخرج عن حد اللين والرفق ولذا قال فى وصفه بالمؤمنين { رؤف رحيم } : وفى المثنوى

بندكان حق رحيم وبردبار خوى حق دارند در اصلاح كار
مهربان بى رشوتان يارى كران در مقام سخت ودر روز كران
هين بجو اين قوم را اى مبتلا هين غنيمت دارشان بيش از بلا