خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي
٩٦
قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي ٱلْيَمِّ نَسْفاً
٩٧
-طه

روح البيان في تفسير القرآن

{ قال } السامرى مجيبا لموسى عليه السلام { بصرت بما لم يبصروا به }.
قال فى القاموس بصربه ككرم وفرح بصرا وبصارة ويكسر صار مبصرا.
وفى المفردات قلما يقال بصرت فى الحاسة اذا لم تضامه رؤية القلب. والمعنى رأيت مالم يره القوم وقد كان رأى ان جبريل جاء راكب فرس وكان كلما وضع الفرس يديه او رجليه على الطريق اليبس يخرج من تحته النبات فى الحال فعرف ان له شأنا فاخذ من موطئه حفنة.
وفى الكبير رآه يوم فلق البحر حين تقدم خيل فرعون راكبا على رمكة ودخل البحر.
وفى غيره حين ذهب به الى الطور.
وفى الجلالين قال موسى وما ذلك قال رأيت جبرائيل على فرس الحياة فالقى فى نفسى ان اقبض من اثرها فما القيته على شئ الا صار له روح ولحم ودم فحين رأيت قومك سألوك ان تجعل لهم الها زينت لى نفسى ذلك فذلك قوله تعالى { فقبضت قبضة من اثر الرسول } اى من تربة موطئ فرس الملك الذى ارسل اليك والمراد فرس الحياة لجبريل ولم يقل جبريل او روح القدس لانه لم يعرف انه جبريل والقبضة المرة من القبض وهو الاخذ بجميع الكف اطلقت علىالمقبوض مرة { فنبذتها } النبذ القاء الشئ وطرحه لقلة الاعتداد به اى طرحتها فى الحلى المذابة او فى فم العجل فكان ما كان.
وفى العرائس قبض السامرى من اثر فرسه قبضة لانه سمع من موسى تأثير القدسيين فى اشباح الاكوان فنثرها على العجل الذهبى فجعل الحق لها اكسيرا من نورفعله ولذا حيى.
وفى التأويلات النجمية { بصرت } يعنى خصص بكرامة فيما رأيت من اثر فرس جبريل والهمت بان له شانا ما خص به احد منكم { فقبضت قبضة من اثر الرسول فنبذتها } يشير بهذا المعنى الى ان الكرامة لاهل الكرامة كرامة ولاهل الغرامة فتنة واستدراج. والفرق بين الفريقين ان اهل الكرامة يصرفونها فى الحق والحقيقة واهل الغرامة يصرفونها فى الباطل والطبيعة كما ان الله تعالى انطق السامرى بنيته الفاسدة الباطلة بقوله { وكذلك سولت لى نفسى } اى بشقاوتى ومحنتى والتسويل تزيين النفس لما تحرص عليه وتصوير القبيح منها بصورته الحسن واصل التركيب سولت لى نفسى تسويلا كائنا مثل ذلك التسويل على ان يكون مثلى صفة مصدر محذوف وذلك اشارة الى مصدر الفعل المذكور بعد فقدّم على الفعل لافادة القصر واعتبرت الكاف مقحمة لافادة تأكيد ما افادة اسم الاشارة من الفخامة فصار مصدرا مؤكدا لا صفة اى ذلك التزيين البديع زينت لى نفسى ما فعلته من القبض والنبذ لا تزيينا ادنى ولذلك فعلته وحاصل جوابه ان ما فعله انما صدر عنه بمحض اتباع هوى النفس الامارة بالسوء وغوائها لا بشئ آخر من البرهان العقلى والالهام الالهى.
قال الكاشفى [درلباب آورده كه موسى عليه السلام قصد قتل سامرى كرد ازحق سبحانه وتعالى ندا آمد اورا مكش كه صفت سخاوت برو غالبست وجون ازسخاى او خلق را منفعت بود نفع حيات ازوباز نتوان داشت سرّ واما ما ينفع الناس فيمكث فى الارض اينجا ظاهر ميشود

هرنها لى كه برك دارد وبر باد زاب حيات تازة وتر
وانجه بى ميوه باشد وسايه به كه كردد تنوررا مايه

فعند ذلك { قال } موسى مكافئا له. قال الكاشفى [كفت موسى مرسامرى راكه جون مرا ازقتل تومنع كردند]{ فاذهب } اى من بين الناس { فان لك فى الحياة } اى ثابت لك مدة حياتك عقوبة ما فعلت { ان تقول لامساس } قال فى المفردات المس كاللمس لكن اللمس قد يقال لطلب الشئ وان لم يوجد والمس يقال فيما يكون معه ادراك بحاسة اللمس.
وفى القاموس قوله تعالى { لا مساس } بالكسر اى لا امس ولا امسى وكذلك التماس ومنه من قبل ان يتماسا انتهى اى لا يمسنى احد ولا امس احد خوفا من ان تأخذ كما الحمى - روى - انه كان اذا ماس احدا ذكرا او انثى حم الماس والمسوس جميعا حمى شديد فتحامى الناس وتحاموه وكان يصيح باقصى صوته لا مساس وحرم عليهم ملاقاته ومواجهته ومكالمته ومبايعته وغيرها مما يعتاد جريانه فيما بين الناس من المعاملات فصار وحيدا طريدا يهيم فى البرية مع الوحش والسباع [ودربعضى تفاسير هست كه جمعى از اولاد سامرى درين زمان كوساله برست اند همان حال دارند] يعنى ان قومه باقية فيهم تلك الحالة الى اليوم] يقول الفقير التناسل موقوف على مخالطة الازواج والاولاد فكيف تقوم هذه الدعوى.
قال فى الارشاد لعل السر فى مقابلة جنايته بتلك العقوبة خاصة ما بينهما من مناسبة التضاد فانه لما انشأ الفتنة بما كانت ملابسته سببا لحياة الموات عوقب بما يضاده حيث جعلت ملابسته للحمى التى هى من اسباب موت الاحياء.
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان قصدك ونيتك فيما سولت نفسك ان تكون مطاعا متبوعا آلفا مألوفا فجزاؤك فى الدنيا ان تكون طريدا وحيدا ممقتا ممقوتا متشردا متنفرا تقول لمن رآك لا تمسنى ولا امسك فنهلك

جون عاقبت زصحبت يا ران بريدنست بيوند باكسى نكند آنكه عاقلست

وذلك لان فى الانقطاع بعد الاتصال الما شديدا بخلاف الانقطاع الاصلى ولذا قال من قال

الفت مكير همجو الف هيج باكسى تابسته الم نشوى وقت انقطاع

{ وان لك موعدا } اى وعدا فى الآخرة بالعقاب على الشرك والافساد { لن تخلفه } اى لن يخلفك الله ذلك الوعد بل ينجزه البتة بعدما عاقبك فى الدنيا والخلف والاخلاف المخالفة فى الوعد يقال وعدنى فاخلفنى اى خالف فى الميعاد { وانظر الى الهك } معبود بزعمك{ الذى ظلت عليه عاكفا } اصله ظللت فحذفت اللام الاولى تخفيفا.
قال فى المفردات ظلت بحذف احدى اللامين يعبر به عما يفعل بالنهار ويجرى مجرى صرت. والمعنى صرت مقيما على عبادته. واما بالفارسية [بودى بيوسته بر برستش او]{ لنحرقنه } جواب قسم محذوف اى بالنار ويؤيده قراءة { لنحرقنه } من الاحراق وهو ايقاء نار ذات لهب فى الشئ بخلاف الحرق فانه ايقاع حرارة فى الشئ من غير لهب كحرق الثوب بالدق.
قال الكاشفى [واين قول كسيست كه كويد آن كاورا كوشت وبوست بود] او بالمبرد: بالفارسية [سوهان] على انه مبالغة فى حرق اذا برد بالمبرد ويعضده قراءة { لنحرقنه } اى لنبردنه يقال بردت الحديد بالمبرد والبرادة ما سقط منه.
قال الكاشفى [واين بران قوليست كه او جسدى بودزرين بى حيات]{ ثم لننسفنه فى اليم نسفا } اى لنذرينه فى البحر رمادا او مبرودا بحيث لا يبقى منه عين ولا اثر من نسفت الريح التراب اذا اقلعته وازالته وذرته. والنسف بالفارسية [بركندن] للنبات من اصله { وبربودن] كما فى التهذيب. والذر [وبباد بر دادن وباد جيزى را بر داشتن].
قال الكاشفى [بس براكنده سازيم خاكستر اورا در دريا تابدانندكه اورا كه توان سوخت صفت الوهيت بروعين جهل ومحض خلافست]