خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ
١٠٣
-الأنبياء

روح البيان في تفسير القرآن

{ لا يحزنهم الفزع الاكبر } بيان لنجاتهم من الافزاع بالكية بعد بيان نجاتهم من النار لانهم اذا لم يحزنهم اكبر الافزاع لا يحزنهم ما عداه بالضرورة والفزع انقباض ونفار يعترى الانسان من الشئ المخيف وهو من جنس الجزع ولا يقال فزعت من الله كما يقال خفت منه.
قال الراغب الفزع الاكبر هو الفزع من دخول النار.
وقال بعضهم ذبح الموت بمرأى من الفريقين واطباق جهنم على اهلها اى وضع الطبق عليها بعدما اخرج منها من اخرج فيفزع اهلها حينئذ فزعا شديدا لم يفزعوا فزعا اشد منه.
وقال بعض ارباب الحقيقة هو قوله تعالى فى الازل (هؤلاء فى الجنة ولا ابالى) وذلك لان نفوسهم المطمئنة فى الجنة المضافة الى الحضرة كما قال تعالى
{ وادخلى جنتى } فافهم جدا { وتتلقاهم الملائكة } اى تستقبلهم ملائكة الرحمة مهنيئن لهم { هذا يومكم } على ارادة القول اى قائلين هذا اليوم يومكم { الذى كنتم توعدون } فى الدنيا وتبشرون بما فيه من فنون المثوبات على الايمان والطاعة.
قال الكاشفى [عابدانرا كويند ابن روز جزاى شماست عارفانرا خطاب رسدكه اين روز تماشى شماست]

نيك مردانرا نعيم اندر نعيم عشق بازانرا لقا اندر لقاء
حصه آنها وصال حور عين بهرة اينها جمال كبريا

فليجتهد العاقل فى الطاعات حتى يصل الى القربات وليبعد نفسه عن المخالفات ليأمن من العقوبات.
واعلم ان الدار الآخرة وثوابها انما ينال اليها بترك الدنيا وزخارفها كما ان وصلة امولى لا تحصل الا تبرك الكونين فمن كان مشتهاه الجنة ونعيمها فليترك اللذة فى الدنيا ومن كان مشتهاه المشاهدات فليقطع نظره عن غير الله تعالى.
قال فى الفتوحات الملكية اجمع اهل كل ملة على ان الزهد فى الدنيا مطلوب قالوا ان الفراغ من الدنيا احب لكل عاقل خوفا على نفسه من الفتنة التى حذرنا الله منها بقوله
{ انما اموالكم واولادكم فتنة } انتهى كلامه.
قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوىرحمه الله ومن فوائد الرهبان انهم لا يدخرون قوتا لغد لا يكنزون فضة ولا ذهبا قال ورايت شخصا قال لراهب انظر لى هذا الدينار هو من ضرب أى الملوك فلم يرض وقال النظر الى الدنيا منهى عنه عندنا قال ورأيت الرهبان مرة وهم يسحبون شخصا ويخرجونه من الكنيسة ويقولون له اتلفت علينا الرهابن فسألت عن ذلك فقالوا رأوا على عمامته نصفا مربوطا فقلت لهم ربط الدرهم مذموم فقالوا نعم عندنا وعند نبيكم صلى الله عليه وسلم.
قال بعض الحكماء ان فى الجنة راحة لا يجدها الا من لم يكن له فى الدنيا راحة وفيها غنى لا يجده الا من ترك الفضول فى الدنيا واقتصر على اليسير منها وفيها امن لا يجده الا اهل الخوف والفزع فى الدنيا

لا تخافوا هست نزل خائفان هست درخورازبراى خائف آن

وفيها ما تشتهى الانفس لا يجده الا اهل الزهد.
وعن بعض الزهاد انه كان يأكل بقلا وملحا من غير خبز فقال له رجل اقتصرت على هذا قال نعم لانى انما جعلت الدنيا للجنة وانت جعلت الدنيا للمزبلة يعنى تأكل الطيبات فتصير الى المزبلة وانى آكل لاقامة الطاعات لعلى اصير الى الجنة نسأل الله الفيض والجود والتوفيق بطريق الشهود.