خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ
٢٢
-الأنبياء

روح البيان في تفسير القرآن

{ لو كان فيهما آلهة الا الله } تنزيه لنفسه عن الشريك بالنظر العقلى والا بمعنى غير على انها صفة آلهة اى لو كان فى السموات والارض آلهة غير الله كما هو اعتقادهم الباطل سواء كان الله معهم او لم يكن.
قال فى الاسئلة المقحمة كيف قال لو كان فيها فجعل السماوات ظرفا وهو تحديد والجواب لم يرد به معنى الظرف وانما هو كقوله
{ وهو الذى فى السماء اله وفى الارض اله } { لفسدتا } الفساد خروج الشئ عن الاعتدال قليلا كان الخروج عنه ام كثيرا ويضاده الصلاح ويستعمل ذلك فى النفس والبدن والاشياء الخارجة عن الاستقامة اى لخرجتا عن هذا النظام المشاهد لان كل امر بين الاثنين لا يجرى على نظام واحد والرعية تفسد بتدبير الملكين وحيث انتفى التالى تعين انتفاء المقدم.
قال فى التأويلات النجمية ان هذه الآلهة لا تخلو اما ان يكون كلهم متساويا فى الالوهية وكمال القدرة او بعضهم كامل وبعضهم ناقص واما ان يكون كلهم ناقصا يحتاج بعضهم الى بعض فى الآلهية واما كمالية بعضهم وناقصية بعضهم فهو يقتضى استغناء الكامل عن الناقص فالناقص لا يصلح للالهية. واما الناقصون الذين يحتاجون الى اعانة بعضهم لبعض فلا يصلحون للآلهية لانهم محتاجون الى مكمل واحد مستغن عما سواه وهو الله الواحد الاحد الصمد الغنى عما سواه وما سواه محتاج اليه ولو كان فيهما آلهة غيره لفسدتا لعدم مدبر كامل فى الآلهية ولعجز آلهة اخرى فى المدبرية

دردوجهان قادر ويكتا تويى جمله ضعيفند وتوانا تويى
جون قدمت بانك برابلق زند جزتوكه يارو كه انا الحق زند

{ فسبحان الله رب العرش عما يصفون } اى نزهوه تنزيها عما يصفونه به من اتخاذ الشريك والصاحبة والولد لان ذلك من صفات الاجسام ولو كان الله جسما لم يقدر على خلق العالم وتدبير امره ولم يكن مبدأ له على ان الجسم مركب ومتحيز وذلك من امارات الحدوث وجواز الوجود وواجب الوجود متعال عن ذلك.
قال فى التأويلات النجمية نزه الله نفسه عن العجز والاحتياج لغيره فى الآلهية واثبت انه خالق العرش الذى هو مصدر فيض الرحمانية الى المكونات لنفى الآلهية عن غيره منزها عما يصفون باحتياجه الى العرش او بآلهة اخرى فى الآلهية: وفى المثنوى

واحد اندر ملك او را يارنى بندكانش را جزاو سالارنى
نيست خلقش را دكر كس مالكى شركتش دعوى كندجزهالكى

قال بعض الكبار افترى العادلون عن الله الى غيره كالطبائعين القائلين بان جميع التأثيرات الواقعة انما هى من مقتضيات الطبيعة كديمقراطيس واتباعه والسوفسطائيين المنكرين لجمع الموجودات حتى انفسهم وانكارهم واما الثنوية اعنى القائلين بالهين اثنين احدهما مصدر للخيرات والآخر مصدر للشرور فانهم قد لعنوا على لسان اهل الاشراف الكشفى والبرهانى ليس لجسد قلبان ولا لبدن نفسان ولا للسماء شمسان شهد الاخبار بواحد وهو منتهى الاعيان لو حصل شمسان لانطمست الاركان ابى النظام شمسا اخرى فكيف لا يأبى الها آخر ان كان للقيوم شريك فاين شمسه لانها اكمل النيرات فخالقها اكمل ممن لم يخلق مثلها ومن غير اكمل منه لا يكون واجبا لذاته لان الوجوب الذاتى من خصائص الكمال التام فحيث لم نجدهما اخرى عرفنا انه ليس فى الوجود اله آخر

يشهد الله اينما يبدو انه لا اله الا هو

قال بعض ارباب الحقائق لو كان فى سماء الروحانية وارض البشرية مدبرات مثل العقل فى سماء الروحانية وفى الهوى ارض البشرية غير هداية الله تعالى بواسطة الانبياء والشرائع لفسدتا كما فسدت بتدبير العقل والهوى سماء الروحانية الفلاسفة والطبائعية والدهرية والاباحية والملاحدة وارض بشريتهم فاما فساد سماء ارواحهم فبأن زلت قدمهم عن جادة التوحيد وصراط الوحدانية حتى انبتوا لله الواحد القديم شريكا قديما وهو العالم فلم يقبلوا دعوة الانبياء ولم يهتدوا بهداية الحق: وفى المثنوى

اى ببرده عقل هديه تاله عقل آنجا كمترست ازخاك راه

واما فساد ارض بشريتهم فبان زلت قدمهم عن جادة العبودية وصراط الشريعة والمتابعة حتى عبدو طاغوت الهوى والشيطان وآل امر فساد حالهم الى ان قال تعالى فيهم { صم بكم عمى فهم لا يعقلون
} قال الشيخ ابو عثمان المغربى قدس سره من امر السنه على نفسه اخذا وتركا وحبا وبغضا نطق بالحكمة ومن امر الهوى على نفسه نطق بالبدعة فعلى السالك ان يأخذ بالطريق الوسط وهو طريق الكتاب والسنة الموصل الى الجنة والقربة والوصلة ويجتهد فى تحصيل كمال الصدق والاخلاص اذ هو الزاد لاهل الاختصاص نسأل الله الفياض الكريم ان يشرفنا بفيضه العميم ويثبتنا على صراطه المستقيم.