خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلْنَا ٱلسَّمَآءَ سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ
٣٢
-الأنبياء

روح البيان في تفسير القرآن

{ وجعلنا السماء سقفا } سميت سقفا لانها للارض كالسقف { محفوظا } من الوقوع مع كونها بغير عمد او من الفساد والانحلال الى الوقت المعلوم او من استراق السمع بالشهب.
وفيه اشارة الى ان سماء قلب العارف محفوظة من وساوس شيطان الانس والجن وكان من دعاء النبى عليه السلام
"اللهم اعمر قلبى من وساوس ذكرك واطرد عنى وساوس الشيطان" كما فى آكام المرجان: وفى المثنوى

ذكر حق كن بانك غولانرا بسوز جشم تركسرا ازين كركس بدوز

{ وهم عن آياتها } اى ادلتها الواضحة التى خلقها الله تعالى فيها وجعلها علامات نيرة على وجوده ووحدته وكمال صنعه وعظيم قدرته وباهر حكمته مثل الشمس والقمر والنجوم وغيرها { معرضون } لا يتدبرون فيها فيقفون على ما هم عليه من الكفر والضلال.
يقال اخلاق الابدال عشرة اشياء. سلامة فىالصدر. وسخاوة فى المال. وصدق اللسان. وتواضع النفس والصبر فى الشدة. والبكاء فى الخلوة. والنصحية فى الخلق. والرحمة للمؤمنين. والتفكر فى الاشياء. والعبرة فى الاشياء فانظروا الى آثار رحمته وتفكروا فى عجائب صنعه وبدائع قدرته حتى تستخرجوا الدر من بحار معرفته - روى - ان داود عليه السلام دخل فى محرابه فرأى دودة صغيرة فتفكر فى خلقها وقال ما يعبأ الله بخلق هذه فانطقها الله تعالى فقالت يا داود أتعجبك نفسك وانا على ما انا والله اذكر الله واشكره اكثر مما آتاك الله فالمقصود برؤية الآيات بالحق ذكر الله تعالى عند كل شئ وهى من اوصاف المؤمنين الكاملين واما التعامى والاعراض فحال الكفرة الجاهلين: وفى المثنوى

بيش خر خرمهره وكوهر يكيست آن اشك را در درو دريا شكيست
منكر بحرست وكوهر هاى او كى بود حيوان درو بيرايه جو
در سر حيوان خدا ننهاده است كوبود در بند لعل ومر برست
مر خرانرا هيج ديدى كوشوار كوش هوش خربود در سبزه زار

وفى الآية اشارة الى آيات سماء قلب العارف وهى التجليات الحقية والكلمات الذوقية فاهل السلوك الحقيقى يؤمنون بالعلماء بالله وباحوالهم ومقاماتهم وكلماتهم واما غيرهم فينكرون ويعرضون لانهم يمشون من طريق العقل وينظرون بنظر النقل.
وقد صح ان العقل ليس له قدم الا فى طريق المعقولات وفوقها المكاشفات فالاهتداء الى الله انما هو باهل الله اذ هم المرشدون الى الفجاج الصحيحة والسبل المستقيمة وعلومهم محفوظة من النسخ والتبديل دنيا وآخرة واما الرسوم فانما تتمشى الى الموت.
فعلى العاقل ان يعقل نفسه عن هواها ويتفكر فى هداها ويختار للارشاد من هو اعرف بطريق العقل والنقل والكشف فانه قال فى المثنوى

رهوراه طريقت اين بود كو باحكام شريعت ميرود

ويعرض عمن لا يعرف قدر الشريعة والحكمة فيها فانه عقيم والمرتبط بالعقيم لا يكون الا عقيما نسأل الله تعالى ان يوفقنا للثبات فى اتباع طريقة اهل المكاشفات والمشاهدات فى جميع الحالات.