خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يٰويْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ
٤٦
-الأنبياء

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولئن مستهم } [واكر برسد بكفره] والمس اللمس ويقال فى كل ما ينال الانسان من اذى { نفحة من عذاب ربك } اى وبالله لئن اصابهم ادنى شئ من عذابه تعالى الذى ينذر به والنفحة من الريح الدفعة ومن العذاب القطعة كما فى القاموس وعلى الاولى حمل شارح الشهاب ما وقع فى قوله عليه السلام "ان لربكم فى ايام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها" قال فى بحر العلوم من نفحته الدابة اذا ضربته اى ضربة او من نفحت الريح اذا هبت اى هبة او من نفح الطيب اذا فاح اى فوحة كما يقال شمة.
وقال ابن جريج اى نصيب من نفحه فلان من ماله اذا اعطاه حظا منه { ليقولن } من غياة الاضطراب والحيرة{ يا ويلنا }[واى برما] وقد سبق تحقيقه { انا كنا ظالمين } اى لدعوا على انفسهم بالويل والهلاك واعترفوا عليها بالظلم حين تصاموا واعرضوا وهو بيان لسرعة تأثرهم من مجيئ نفس الوعد اثر بيان عدم تأثرهم من مجيئ خبره.
وفيه اشارة الى ان اهل الغفلة والشقاوة لا تنتبهون بتنبيه الانبياء ونصح الاولياء فى الدنيا حتى يمسهم اثر من آثار عذاب الله بعد الموت فان الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا فاعترفوا بذنوبهم ونادوا بالويل والثبور على انفسهم بما كانوا ظالمين فالظلم يجلب النقم ويسلب النعم سواء كان ظلم الغير او ظلم النفس فلتجنب المؤمن من اسباب العذاب والنقمة وليأت الى باب النجاة والرحمة وذلك بالمجاهدة وقمع الهوى واختيار طريق الطاعة والتقوى - روى - ان بعض الصالحين قال لعجوز متعبدة ارفقى بنفسك فقالت ان رفقى بنفسى يغيبنى عن باب المولى ومن غاب عن باب المولى مشتغلا بالدنيا فقد عرض للمحن والبلوى ثم بكت وقالت واسوأتاه من حسرة السباق وفجيعة الفراق اما حسرة السباق فاذا قاموا من قبورهم وركب الابرار نجائب الابرار وقدمت بين يديهم نجائب المقربين بقى المسبوق فى جملة المحرمين واما فجيعة الفراق فاذا جمع الخلق فى مقام واحد امر الله تعالى ينادى ايها الناس امتازوا فان المتقين قد فازوا كما قال تعالى
{ وامتازوا اليوم ايها المجرمون } فيمتاز الولد من والديه والزوج من زوجته والحبيب من حبيبه فهذا يحمل مبجلا الى رياض الجنة وهذا يساق مسلسلا على عذاب الجحيم فاين من يمسه العذاب ممن يصل اليه الثواب.
واعلم ان الانذار ابلغ فانه من باب التخلية فلا بد للعاصى من التخوف على المعاصي والاصغاء الى الموعظة والنصيحة الموقظة فانه سوف يقول المعرضون
{ لو كنا نسمع او نعقل ما كنا فى اصحاب السعير } وهم الصم فى الحقيقة: قال الشيخ سعدى

بكوى آنجه دانى سخن سودمند وكرهيج كس را نيايد بسند
كه فردا بشيمان برآرد خروش كه آوخ جرا حق نكردم بكوش