خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّٰمٍ لِّلعَبِيدِ
١٠
-الحج

روح البيان في تفسير القرآن

{ ذلك } اى يقال له يوم القيامة ذلك الخزى فى الدنيا وعذاب الآخرة كائن { بما قدمت يداك } بسبب ما اقترفته من الكفر والمعاصى واسناده الى يديه لما ان الا كتسات عادة بالأيدى ويجوز ان يكون الكلام من باب الالتفات لتأكيد الوعيد وتشديد التهديد { وان الله ليس بظلام للعبيد } محله الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف اى والامر انه تعالى ليس بمعذب لعبيده بغير ذنب من قبلهم، فان قلت الظاهر ان يقال ليس بظالم للعبيد ليفيد نفى اصل الظلم ونفى كونه مبالغا مفرطا في الظلم لا يفيد نفى اصله، قلت المراد نفى اصل الظلم وذكر لفظ المبالغة مبنى على كثرة العبيد فالظالم لهم يكون كثير الظلم لا صابة كل منهم ظلما لانه العبيد دال على الاستغراق فيكون ليس بظالم لهذا ولا ذلك الى ما لا يحصى وايضا ان من عدله تعالى ان يعذب المسىء من العبيد ويحسن الى المحسن ولا يزيد في العقاب ولا ينقص من الاجر لكن بناء على وعده المحتوم فلو عذب من لا يستحق العذاب لكان قليل الظلم منه كثيرا لاستغنائه عن فعله وتنزيهه عن قبحه وهذا كما يقال زلة العالم كبيرة وفى المرفوع "يقول الله تعالى انى حرمت الظلم على نفسى وحرمته على عبادى فلا يظلمون" يقال من كثر ظلمه واعتداؤه قرب هلاكه وفناؤه وشر الناس من ينصر الظلوم ويخذل المظلوم، وفى الآية اشارة الى ان العبيد ظلامون لانفسهم كما قال الله تعالى { وما ظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون } بان يضعوا العبادة والطلب في غير موضعه: قال المولى الجامى

قصد ماابروى تست ازسجده در محرابها كرنباشد نيت خالص جه حاصل ازعمل

واعلم ان جدال المنافق والمرائى واهل الاهواء والبدع مذموم وامامن يجادل فى معرفة الله ودفع الشبه وبيان الطريق الى الله تعالى بالعلم بالله وهدى نبيه عليه السلام وشاهد نص كتاب منير يظهر بنوره الحق من الباطل فجداله محمود، قال بعضهم البحث والتفتيش عما جاءت به السنة بعد ما وضح سنده يجر الباحث الى التعمق والتوغل فى الدين فانه مفتاح الضلال لكثير من الامة يعنى الذين لم يرزقوا باذهان وقادة وقرائح نقادة وما هلكت الامم الماضية الا بطول الجدال وكثرة القيل والقال فالواجب ان يعض باضراسه على ما ثبت من السنة ويعمل بها ويدعو اليها ويحكم بها ولا يصغى الى كلام اهل البدعة ولا يميل اليهم ولا الى سماع كلامهم فان كل ذلك منهى شرعا وقد ورد فيه وعيد شديد وقد قالوا الطبع حذاب والمقارنة مؤثرة والامراض سارية: قال المولى الجامى قدس سره

بوش باش كه راه بسى مجرد زد عروس دهر كه مكاره است ومحتاله
بلاف ناخلفان زمانه غره مشو ومروجوسامرى ازره ببانك كوساله

في كلام اهل البدعة والاهواء كخوار العجل فكما ان السامرى ضل بذلك الخوار واضل كثير من بنى اسرائيل فكذا كل من كان في حكمه فانه يغتر باوهامه وخيالاته ظنا انها علوم صحيحة فيدعو اهل الاوهام اليها فيضلهم بخلاف من له علم صحيح وكشف صريح فانه لا يلتفت الى كلمات الجهال ولا يميل الى خارق العادة ألا ترى ان من ثبت على دين موسى لم يصخ الى الحوار وعرف انه ابتلاء من الله تعالى للعباد فويل للمجادل المبطل وويل للسامع الى كلامه وقد ذم الله تعالى هذا المجادل بالكبر وهو من الصفات العائقة عن قبول الحق ولا شىء فوقه من الذمائم، وعن ارسطو من تكبر على الناس احب الناس ذلته، وعنه باصابة المنطق يعظم القدر. وبالتواضع تكثر المحبة. وبالحلم تكثر الانصار. وبالرفق يستخدم القلوب. وبالوفاء يدوم الاخاء. وبالصدق يتم الفضل تسئأل الله التخلى عن الصفات القبيحة الرذيلة والتحلى بالملكات الحسنة الجميلة.