خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى ٱلسَّمَآءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ
١٥
-الحج

روح البيان في تفسير القرآن

{ من } شرطية: المعنى بالفارسية [هركه ازظانين بالله ظن السوء] { كان يظن } يتوهم { ان لن ينصره الله } أى محمد صلى الله عليه وسلم { فى الدنيا } باعلاء دينه وقهر اعدائه { والآخرة } باعلاء درجته والانتقام من مكذبيه يعنى انه تعالى ناصر رسوله في الدنيا والآخرة فمن كان يظن من اعاديه وحساده خلاف ذلك ويتوقعه من غيظه { فليمدد بسبب الى السماء } السبب الذى تصعد به النخل اى ليربط بحبل الى سقف بيته لان كل ما علاك فهو سماء { ثم ليقطع }، قال في القاموس قطع فلان الحبل اختنق ومنه قوله تعالى { ثم ليقطع } اى ليختنق انتهى وسمى الاختناق قطعا لان المختنق يقطع نفسه بحبس مجاريه، وقال الكاشفى [بس ببرد آن رسن را تا بزمين افتد وبميرد] { فلينظر } المراد تقدير النظر وتصوره لان الامر بالنظر بعد الاختناق غير معقول اى فليتصور فى نفسه وليقدر النظر ان فعل { هل يذهبن كيده } فعل ذلك بنفسه وسماه كيدا لانه وضعه موضع الكيد حيث لم يقدر على غيره او على وجه الاستهزاء لانه لم يكدبه محسودة انما كادبه نفسه { ما يغيظ } الغيظ اشد غضب وهو الحرارة التى يجدها الانسان من فوران دم قلبه اى ما يغيظه من النصرة كلا يعنى انه لا يقدر على دفع النصرة وان مات غيظا كما قال، الحافظ

كرجان بدهد سنك سيه لعل نكردد باطينت اصلى جه كندبد كهر افتاد

وفي الآية اشارة الى نفى العحز عن الله تعالى وانه فوق عباده وانه ينصر اولياءه ـ روى ـ عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال اقبل يهودى بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل المسجد قال اين وصى محمد فاشار القوم الى ابى بكر رضى الله عنه فقال اسألك عن اشياء لا يعلمها الا نبى او وصى نبي فقال ابو بكر سل عما بدالك فقال اليهودى اخبرنى عما لا يعلم الله وعما ليس لله وعما ليس عند الله فقال ابو بكر هذا كلام الزنادقة وهمّ هو والمسلمون به فقال ابن عباس رضى الله عنهما ما انصفتم الرجل ان كان عندكم جوابه والا فاذهبوا به الى من يجيبه فانى سمعت رسول الله يقول لعلى رضى الله عنه "اللهم ايد قلبه وثبت لسانه" فقام ابو بكر ومن حضره حتى اتوا عليا فافادوا له ذلك فقال اما مالا يعمله الله فذلكم يا معشر اليهود قولكم ان عزيرا ابن الله والله لا يعلم ان له ولدا واما ما ليس لله فليس له شريك و اما ما ليس عند الله فليس عند الله ظلم وعجز فقال اليهودى اشهد ان لا اله الا الله وانك وصى رسول الله ففرح المسلمون بذلك، واعلم ان الكفار ارادوا ان يطفئوا نور الله فاطفاهم الله حيث نصر حبيبه وانجز وعده وهزم الاحزاب وحده واما تشديد المحنة فى بعض الاحيان وتأخير النصرة فلحكم ومصالح فعلى العبد الصالح الراضى بالله تعالى ربا ان يصبر على اذى الاعداء وحسدهم فان الحق يعلو ولا يعلى وسيرجع الامر من المحنة الى الراحة فيكون اهل الايمان والاخلاص مستريحين ومن الراحة الى المحنة فيكون اهل الشرك والنفاق مستراحا منهم والله تعالى يفعل ما يريد.