خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا ٱسمُ ٱللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
٤٠
-الحج

روح البيان في تفسير القرآن

{ الذين اخرجوا من ديارهم } فى حيز الجر على انه صفة للموصول، قال ابن الشيخ لما بين انهم انما اذنوا فى القتال لاجل انهم ظلموا فسر ذلك الظلم بقوله الذين الى آخره والمراد بديارهم مكة المعظمة وتسمى البلاد الديار لانه يدار فيها للتصرف يقال ديار بكر لبلادهم وتقول العرب الذين حوالى مكة نحن من عرب الدار يريدون من عرب البلدة، قال الراغب الدار المنزل اعبارا بدور انها الذى لها بالحائط وقيل دارة وجمعها ديار ثم تسمى البلدة دارا { بغير حق } اى خرجوا بغير موجب استحقوا الخروج به فالحق مصدر قولك حق الشىء يحق بالكسر اى وجب { الا ان يقولوا ربنا الله } بدل من حق اى بغير موجب سوى التوحيد الذى ينبغى ان يكون موجبا للاقرار والتمكين دون الاخراج والتسبير لكن لاعلى الظاهر بل على طريقة قول النابغة

ولاعيب فيهم غير ان سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب

{ ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض } بتسليط المؤمنين منهم على الكافرين فى كل عصر وزمان { لهدمت } الهدم اسقاط البناء والتهديم للتكثير اى لخربت باستيلاء المشركين { صوامع } للرهبانية { وبيع } للنصارى وذلك فى زمان عيسى عليه السلام الصوامع جمع صومعة وهى موضع يتعبد فيه الرهبان وينفردون فيه لاجل العبادة، قال الراغب الصومعة كل بناء منصمع الرأس متلاصقة والاصمع اللاصق اذنه برأسه والبيع جمع بيعة وهى كنائس النصارى التى يبنونها فى البلدان ليجتمعوا فيها لاجل العبادة والصوامع لهم ايضا الا انهم يبنونها فى المواضع الخيالية كالجبال والصحارى، قال الراغب البيعة مصلى النصارى فان يكن ذلك عربيا فى الاصل فتسميته بذلك لما قال { ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم } الآية { وصلوات } كنائس لليهود فى ايام شريعة موسى عليه اسلام، قال الكاشفى [صومعهاى راهبان وكليساهى ترسايان وكنشتهاى جهودان] سميت بالصلوات لانها تصلى فيها، قال الراغب يسمى موضع العبادة بالصلاة ولذلك سميت الكنائس صلوات، وقال بعضهم هى كلمة معربة وهى بالعبرية "صلونا" بالثا المثلثة وهى فى لغتهم بمعنى المصلى { ومساجد } للمسلمين فى ايام شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وقدم ماسوى المساجد عليها فى الذكر لكونه اقدم فى الوجود بالنسبة اليها، وفى الاسئلة المقحمة تقديم الشىء بالذكر لا يدل على شرفه كقوله تعالى { فمنكم كافر ومنكم مؤمن } { يذكر فيها اسم الله كثيرا } اى ذكرا كثيرا اووقتا كثيرا صفة مادحة للمساجد خصت بها دلالة على فضلها وفضل اهلها ويجوز ان يكون صفة للاربع لان الذكر فى الصوامع والبيع والصلوات كان معتبرا قبل انتساخ شرائع اهلها، وفى الآية اشارة الى انه تعالى لو لم ينصر القلوب على النفوس ويدافع عن القلوب استيلاء النفوس لهدمت صوامع اركان الشريعة وبيع آداب الطريقة وصلوات مقامات الحقيقة ومساجد القلوب التى يذكر فيها اسم الله كثيرا فان الذكر الكثير لا يتسع الا فى القلوب الواسعة المنورة بنور الله { ولينصرن الله من ينصره } اى بالله لينصرن الله من ينصر اولياءه او من ينصر دينه ولقد انجز الله وعده حيث سلط المهاجرين والانصار على صناديد العرب واكاسرة العجم وقياصرة الروم اورثهم ارضهم وديارهم { ان الله لقوى } على كل مايريده { عزيز } لا يمانعه شىء ولا يدافعه، وفى بحر العلوم يغنى بقدرته وعزته فى اهلاك اعداء دينه عنهم وانما كلفهم النصر باستعمال السيوف والرماح وسائر السلاح فى مجاهدة الاعداء وبذل الارواح والاموال لينتفعوا به ويصلوا بامتثال الامر فيها الى منافع دينية ودنيوية، فان قلت فاذا كان الله قويا عزيزا غالبا غلبة لا يجد معها المغلوب نوع مدافعة وانفلات فما وجه انهزام المسلمين فى بعض وقد وعدهم النصرة، قلت ان النصرة والغلبة منصب شريف فلا يليق بحال الكفار لكن الله تعالى تارة يشدد المحنة على الكفار واخرى على المؤمنين لانه لو شدد المحنة على الكفار فى جميع الاوقات وازالها عن المؤمنين فى جميع الاوقات لحصل العلم الاضطرارى بان الايمان حق وماسواه باطل ولو كان كذلك لبطل التكليف والثواب والعقاب فلهذا المعنى تارة يسلط الله المحنة على اهل الايمان واخرى على اهل الكفر لتكون الشبهات باقية والمكلف يدفعها بواسطة النظر فى الدلائل الدالة على صحة الاسلام فيعظم ثوابه عند الله ولان المؤمن قد يقدم على بعض المعاصى فيكون تشديد المحنة عليه فى الدنيا كفارة له فى الدينا واما تشديد المحنة على الكافر فانه يكون غضبا من الله كالطاعون مثلا فانه رحمة للمؤمنين ورجز اى عذاب وغضب للكافرين، مر عامر برجل قد صلبه الحجاج قال يارب ان حلمك على الظالمين اضر بالمظلومين فرأى فى منامه ان القيامة قد قامت وكأنه دخل الجنة فرأى المصلوب فيها فى اعلى عليين فاذا مناد ينادى حلمى على الظالمين احل المظلومين فى اعلى عليين، وعلم ان الله تعالى يدفع فى كل عصر مدبرا بمقبل ومبطلا بمحق وفرعونا بموسى ودجالا بعيسى فلا تستبطىء ولا تنضجر: قال الحافظ

اسم اعظم بكند كارخود اى دل خوش باش كه بتلبيس وحيل ديو سليمان نشود

قال بعض الكبار الامراء يقاتلون فى الظاهر واولياء الله فى الباطن فاذا كان الأمير فى قتاله محقا والطرف المقابل مستحقا للعقوبة اعانه رجال الغيب من الباطن والافلا، وفى التوراة فى حق هذه الامة اناجيلهم فى صدروهم اى يحفظون كتابهم لا يحضرون قتالا الا وجبريل عليه السلام معهم وهو يدل على ان كل قتال حق يحضره جبريل ونحوه الى قيام الساعة بل القتال اذا كان حقا قالواحد يغلب الالف: قال الحافظ

تيغىكه آسمانش ازفيض خود دهد آب تنها جهان بكيرد بى منت ساهى