خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
٢١
-النور

روح البيان في تفسير القرآن

{ ياايها الذين ءامنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان } جمع خطوة بضم الخاء وهى ما بين القدمين اى مابين رجلى الخاطى وبالفتح المرة الواحدة من الخطو ثم استعمل اتباع الخطوات فى الاقتداء وان لم يكن ثمة خطو يقال اتبع خطوات فلان ومشى على عقبه اذا استن بسنته والمراد ههنا سيرة الشيطان وطريقته. والمعنى لاتسلكوا الطريق التى يدعوكم اليها الشيطان ويوسوس بها فى قلوبكم ويزينها لاعينكم ومن جملتها اشاعة الفاحشة وحبها { ومن يتبع خطوات الشيطان } فقد ارتكب الفحشاء والمنكر فقوله { فانه } اى الشيطان { يأمر بالفحشاء المنكر } علة للجزاء وضعت موضعه والفحشاء والفاحشة ما عظم قبحه عرفا وعقلا سواء كان فعلا او قولا والمنكر ما ينكره الشرع، وقال ابو الليث المنكر مالا يعرف فى شريعة ولا سنة، وفى المفردات المنكر كل شىء تحكم العقول الصحيحة بقبحه او تتوقف فى استقباحه العقول وتحكم بقبحه الشريعة واستعير الامر لتزيينه وبعثه لهم على الشر تحقيرا لشأنهم { ولولا فضل الله عليكم ورحمته } بهذه البيانات والتوفيق للتوبة الماحية للذنوب وشرع الحدود المكفرة لها { مازكى } ما طهر من دنس الذنوب { منكم من احد } من الاولى بيانية والثانية زائدة واحد فى حيز الرفع على الفاعلية { ابدا } آخر الدهر لا الى نهاية { ولكن الله يزكى } يطهر { من يشاء } من عباده بافاضة آثار فضله ورحمته عليه وحمله عل التوبة ثم قبولها منه كما فعل بكم، وفيه حجة على القدرية فانهم زعموا ان طهارة النفوس بالطاعات والعبادات من غير توفيق من الله { والله سميع } مبالغ فى سمع الاقوال التى من جملتها ما قالوه من حديث الافك وما اظهروه من التوبة منه { عليم } بجميع المعلومات التى من جملتها نياتهم وفيه حث لهم على الاخلاص فى التوبة

كر نباشد نيت خالص جه حاصل از عمل

وفى الآية امور، منها ان خطوات الشيطان كثيرة وهى جملة ما يطلق عليه الفحشاء والمنكر ومن جملته القذف والشتم والكذب وتفتيش عيوب الناس وفى الحديث "كلام ابن آدم كله عليه لا له الا امرا بمعروف او نهيا عن منكر او ذكر الله تعالى" وفى الحديث "كثرت خيانة ان تحدث اخاك حديثا هو لك به مصدق وانت له كاذب" وفى الحديث "طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس" وانفق من مال اكتسبه من غير معصية وخالط اهل الفقه والحكمة وجانب اهل الجهل والمعصية، وعن بعضهم خطوات الشيطان النذور فى معصية الله كما فى تفسير ابى الليث فيخرج منها النذور فى طاعة الله كالصلاة والصوم ونحوهما مما ينهى عن الفحشاء والمنكر فضلا عن كونه فحشاء او منكرا، ومنها ان امر التزكية انما هو الى الله فانه بفضله ورحمته وفق العبد للطاعات والاسباب ولكن لا بد للعبد من استاذ يتعلم منه كيفية التزكية على مراد الله تعالى واعظم الوسائل هو النبى عليه السلام ثم من ارشده الى الله تعالى، قال شيخ الاسلام عبد الله الانصارى قدس سره مشايخى فى علم الحديث وعلم الشريعة كثيرة واما شيخى فى الطريقة فالشيخ ابو الحسن الخرقانى فلولا رأتيه ما عرفت الحقيقة فاهل الارشاد هداة طريق الدين ومفاتيح ابواب اليقين فوجود الانسان الكامل غنيمة ومجالسته نعمة عظيمة

زمن اى دوست اين يك بند بيذير بروفتراك صاحب دولتى كير
كه قطره تا صدف را درنيا بد نكردد كوهر روشن نتابند

ثم ان التزكية الحقيقية تطهر القلب عن تعلقات الاغيار بعد تطهيره عن الميل الى المعاصى والاوزار وقوله { من يشاء } انما هو لان كل احد ليس باهل للتزكية كالمنافقين واهل الرين والرعونة، ومنها الاشارة الى مغفرة من خاض فى حديث الافك من اهل بدر كمسطح ويدل عليها الاعتناء بشأنه فى الآية الآتية وقد ثبت ان الله اطلع على اهل بدر يعنى نظر اليهم بنظر الرحمة والمغفرة فقال (اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) والمراد به اظهار العناية بهم واعلاء رتبتهم لا الترخيص لهم فى كل فعل كما يقال للمحبوب اصنع ماشئت، وفى المقاصد الحسنة كأنك من اهل بدر هو كلام يقال لمن يتسامح او يتساهل والله المسئول فى قبول التوبة عن كل حوبة.