خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ
٥٥
-النور

روح البيان في تفسير القرآن

{ وعد الله الذين آمنوا منكم وعلموا الصالحات } الخطاب لعامة الكفرة ومن تبعيضية او له عليه السلام ولمن معه من المؤمنين ومن بيانية وتوسيط الظرف بين المعطوفين لاظهار اصالة الايمان { ليستخلفنهم فى الارض } جواب للقسم اما باضمار على معنى وعدهم الله واقسم ليستخلفنهم او بتنزيل وعده تعالى منزلة القسم لتحقق انجازه لا محالة اى ليجعلنهم خلفاء متصرفين فى الارض تصرف الملوك فى ممالكهم، قال الكاشفى [فى الارض: درزمين كفار ازعرب وعجم] لقوله عليه السلام "ليدخلن هذا الدين على ما دخل عليه الليل"، قال الراغب الخلافة النيابة عن الغير اما لغيبة المنوب عنه واما لموته واما لعجزه واما لتشريف المستخلف وعلى هذا الوجه الاخير استخلف الله اولياءه فى الارض { كما استخلف الذين من قبلهم } اى استخلافا كائنا كاستخلاف الذين من قبلهم وهم بنوا اسرائيل استخلفهم الله فى مصر والشام بعد اهلاك فرعون والجبابرة { وليمكنن لهم دينهم } التمكين جعل الشىء مكانا لآخر يقال مكن له فى الارض اى جعلها مقرا له، قال فى تاج المصادر التمكين [دست دادن وجاى دادن] يقال مكنتك ومكنت لك مثل نصحتك ونصحت لك، وقال ابو على يجوز ان يكون على حد ردف لكم انتهى. والمعنى ليجعلن دينهم مقررا ثابتا بحيث يستمرون على العمل باحكامه من غير منازع { الذى ارتضى لهم } الارتضاء [بسنديدن] كما فى التاج.
قال فى التأويلات النجمية يعنى يمكن كل صنف من الخلفاء حمل امانته التى ارتضى لهم من انواع مراتب دينهم فانهم ائمة اركان الاسلام ودعائم الملة الناصحون لعباده الهادون من يسترشد فى الله حفاظ الدين وهم اصناف. قوم هم حفاظ اخبار الرسول عليه السلام وحفاظ القرآن وهم بمنزلة الخزنة. وقوم هم علماء الاصول من الرادين على اهل العناد واصحاب البدع بواضح الادلة غير مخلطين الاصول بعلوم الفلاسفة وشبههم فانها مهلكة عظيمة لا يسلم منها الا العلماء الراسخون والاولياء القائمون بالحق وهم بطارقة الاسلام وشجعانه. وقوم هم الفقهاء الذين اليهم الرجوع فى علوم الشريعة من العبادات وكيفية المعاملات وهم فى الدين بمنزلة الوكلاء والمتصرفين فى الملك. وآخرون هم اهل المعرفة واصحاب الحقائق وارباب السلوك الكاملون المكملون وهم خلفاء الله على التحقيق واقطاب العالم وعمد السماء واوتاد الارض بهم تقوم السموات والارض وهم فى الدين كخواص الملك واعيان مجلس السلطان فالدين معمور بهؤلاء على اختلاف طبقاتهم الى يوم القيامة { وليبدلنهم } التبديل جعل الشىء مكان آخر وهو اعم من العوض فان العوض هو ان يصير لك الثانى باعطاء الاول والتبديل يقال للتغيير وان لم تأت ببدله: والمعنى بالفارسية [وبدل دهد ايشانرا] { من بعد خوفهم } من الاعداء { امنا } منهم واصل الامن طمانينة النفس وزوال الخوف كان اصحاب النبى عليه السلام قبل الهجرة اكثر من عشر سنين خائفين ثم هاجروا الى المدينة وكانوا يصبحون فى السلاح ويمسون فيه حتى انجز الله وعده فاظهرهم على العرب كلهم وفتح لهم بلاد الشرق والغرب

دمبدم صيت كمال دولت خدام او عرصه روى زمين راسر بسر خواهد كرفت
شاهباز همتش جون بر كشايد بال قدر ازثريا تا ثرى در زير برخواهد كرفت

{ يعبدوننى } حال من الذين آمنوا لتقييد الوعد بالثبات على التوحيد { لايشركون بى شيئا } حال من الواو اى يعبدوننى غير مشركين بى فى العباد شيئا { ومن كفر } ومن ارتد { بعد ذلك } الوعد او اتصف بالكفر بان ثبت واستمر عليه ولم يتأثر بمامر من الترغيب والترهيب فان الاصرار عليه بعد مشاهدة دلائل التوحيد كفر مستأنف زائد على الاصل او كفر هذه النعمة العظيمة { فاولئك هم الفاسقون } الكاملون فى الفسق والخروج عن حدود الكفر والطغيان، قال المفسرون اول من كفر بهذه النعمة وجحد حقها الذين قتلوا عثمان رضى الله عنه فلما قتلوه غير الله ما بهم من الامن وادخل عليهم الخوف الذى رفع عنهم حتى صاروا يقتلون بعد ان كانوا اخوانا متحابين والله تعالى لا يغير نعمة انعمها على قوم حتى يغيروا ما بانفسهم وفى الحديث "اذا وضع السيف فى امتى لا يرفع عنها الى يوم القيامة" : وفى المثنوى

هرجه باتوا آيد از ظلمات غم آن زبى شرمى وكستاخيست هم

قال ابراهيم بن ادهمرحمه الله مشيت فى زرع انسان فنادانى صاحبه يا بقر فقلت غير اسمى بزلة فلو كثرت لغير الله معرفتى.