خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً طَهُوراً
٤٨
-الفرقان

روح البيان في تفسير القرآن

{ وهو } تعالى وحده { الذى ارسل الرياح } [كشاد بادها درهوا قال فى كشف الاسرار ارسال اينجا بمعنى كشادن است جنانكه كويى] ارسلت الطائر وارسلت الكلب المعلم انتهى، وفى المفردات فد يكون الارسال للتسخير كارسال الريح والريح ومعروفة هى فيما قيل الهواء المتحرك وقيل فى الرحمة رياح بلفظ الجمع لانها تجمع الجنوب والشمال والصبا وقيل فى العذاب ريح لانها واحدة وهى الدبور وهو عقيم لا يلقح ولذا ورد فى الحديث "اللهم اجعلها لنا رياحا ولا تجعلها ريحا" { بشرا } حال من الرياح تخفيف بشر بضمتين جمع بشورا وبشير بمعنى مبشر لان الرياح تبشر بالمطر كما قال تعالى { ومن آياته ان يرسل الرياح مبشرات } بالفارسية [بشارت دهندكان] { بين يدى رحمته } اى قدام المطر على سبيل الاستعارة وذلك لانه ريح ثم سحاب ثم مطر. وبالفارسية [بيش ازتول رحمت كه اوبارانست يعنى وزيدن ايشان غالبا دلالت ميكند بروقوع مطر دراوان آن باران آسمانرا رحمت نام كرد ازانكه برحمت ميفرستد] { وانزلنا } بعظمتنا والالتفات الى نون العظمة لابراز كمال العناية بالانزال لانه نتيجة ارسال الرياح { من السماء } من جهة الفوق وقد سبق تحقيقه مرارا { ماء طهورا } بليغا فى الطهارة وهو الذى يكون طاهرا فى نفسه ومطهرا لغيره من الحدث والنجاسة: وبالفارسية [آبى باك وباك كننده]، والطهور يجيىء صفة كما فى ماء طهورا واسما كما فى قوله عليه السلام "التراب طهور المؤمن" وبمعنى الطهارة كما فى تطهرت طهورا حسنا اى وضوأ حسنا ومنه قوله عليه السلام "لاصلاة الا بالطهور"
قالى فى فتح الرحمن الطهور هو الباقى على اصل خلقته من ماء المطر والبحر والعيون والآبار على أى صفة كان من عذوبة وملوحة وحرارة وبرودة وغيرها وما تغير بمكثه او بطاهر لا يمكن صونه عنه كالتراب والطحلب وورق الشجر ونحوها فهو طاهر فى نفسه مطهر لغيره يرفع الاحداث ويزيل الانجاس بالاتفاق قال تغير عن اصل خلقته بطاهر يغلب على اجزائه ما يستغنى عنه الماء غالبا لم يجز التطهير به عد الثلاثة وجوز ابو حنيفةرحمه الله الوضوء بالماء المتغير بالزعفران ونحوه من الطاهرات مالم تزل رقته، وقال ايضا يجوز ازالة النجاسة بالمائعات الطاهرة كالخل وماء الورد ونحوهما وخالفه الثلاثة ومحمد بن الحسن وزفر كما فصل فى الفقه ثم فى توصيف الماء بالطهور مع ان وصف الطهارة لا دخل له فى ترتيب الاحياء والسقى على انزال الماء اشعار بالنعمة فيه لان وصف الطهارة نعمة زائدة على انزال ذات الماء وتتميم للمنة المستفادة من قوله لنحيى به ونسقيه فان الماء الطهور اهنأ وانفع مما خالطه ما يزيل طهوريته وتنبيه على ان ظواهرهم لما كانت مما ينبغى ان يطهروها كانت بواطنهم بذلك اولى لأن باطن الشىء اولى بالحفظ عن التلوث من ظاهره وذلك لان منظر الحق هو باطن الانسان لاظاهره والتطهير مطلقا سبب لتوسع الرزق كما قال عليه السلام "دم على الطهارة يوسع عليك الرزق" والماء الذى هو سبب الرزق الصورى طاهر ومطهر فينبغى لطالبه ان يكون دائما على الطهارة الظاهرة فانها الجالبة له واما الطهارة الباطنة فجالبة للرزق المعنوى وهو ما يكون غذاء للروح من العلو والفيوض.