خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً
٥٠
-الفرقان

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولقد صرفناه } اى وبالله لقد كررنا هذا القول الذى هو ذكر انشاء السحاب وانزال القطر لما مر من الغايات الجليلة فى القرآن وغيره من الكتب السماوية { بينهم } اى بين الناس من المتقدمين والمتأخرين { ليذكروا } اى ليتفكروا ويعرفوا كمال القدرة وحق النعمة فى ذلك ويقوموا بشكره حق القيام واصله يتذكروا والتذكر التفكر { فابى } الاباء شدة الامتناع ورجل ابىّ ممتنع من تحمل الضيم وهو متأول بالنفى ولذا صح الاستثناء اى لم يفعل او لم يرد او لم يرض { اكثر الناس } مما سلف وخلف { الا كفورا } الا كفران النعمة وقلة المبالاة بشأنها فان حقها ان يتفكر فيها ويستدل بها على وجود الصانع وقدرته واحسانه وكفر النعمة وكفرانها سترها بترك اداء شكرها واعظم الكفر جحود الوحدانية او النبوة او الشريعة والكفران فى جحود النعمة اكثر استعاملا والكفر فى الدين اكثر والكفور فيهما جميعا كما فى المفردات واكثر اهل التفسير على ضمير صرفناه راجع الى نفس الماء الطهور الذى هو المطر. فالمعنى { ولقد صرفناه } اى فرقنا المطر بينهم بانزاله فى بعض البلاد والامكنة دون غيرها او فى بعض الاوقات دون بعض او على صفة دون اخرى بجعله تارة وابلا وهو المطر الشديد واخرى طلا وهو المطر الضعيف ومرة ديمة وهو المطر الذى يدوم اياما فابى اكثر الناس الا جحودا للنعمة وكفرا بالله تعالى بان يقولوا مطرنا بنوء كذا اى بسقوط كوكب كذا كما يقول المنجمون فجعلهم الله بذلك كافرين حيث لم يذكروا صنع الله تعالى ورحمته بل اسندوا مثل هذه النعمة الى الافلاك والكواكب فمن لايرى الامطار الا من الانواء فهو كافر بالله بخلاف من يرى ان الكل بخلق الله تعالى والانواء امارات بجعل الله تعالى والانواء النجوم التى يسقط واحد منها فى جانب المغرب وقت طلوع الفجر ويطلع رقيبه فى جانب المشرق من ساعته والعرب كانت تضيف الامطار والرياح والحر والبرد الى الساقط منها وقيل الى الطالع منها لانه فى سلطانه يقال ناء به الحمل اثقله واماله فالنوء نجم مال للغروب ويقال لمن طلب حاجة فلم ينجح اخطأ نوءك وفى الحديث "ثلاث من امر الجاهلية الطعن فى الانساب والنياحة والانواء" وعن زيد بن خالد الجهنى رضى الله عنه قال "صلى النبى صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية فى اثر سماء كانت من الليل فلما انصرف اقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم قالوا الله ورسوله اعلم قال قال اصبح عبادى مؤمن بى وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بى كافر بالكواكب واما من قال مطرنا بنوء كذا فذلك كافر بى ومؤمن بالكواكب" كذا فى كشف الاسرار. فعلى المؤمن ان يحترز من سوء الاعتقاد ويرى التأثير فى كل شىء من رب العباد فالمطر بامره نازل وفى انزاله الى بلد دون بلد وفى وقت دون وقت وعلى صفة دون صفة حكمة ومصلحة وغاية جليلة ـ روى ـ ان الملائكة يعرفون عدد القطر ومقداره فى كل عام لانه لا يختلف ولكن تختلف فيه البلاد ـ روى ـ مرفوعا "مامن ساعة من ليل ولانهار الا السماء المطر فيها يصرفه الله حيث يشاء" وفى الحديث "مامن سنة بامطر من اخرى ولكن اذا عمل قوم بالمعاصى حوّل الله ذلك الى غيرهم فاذا عصوا جميعا صرف الله ذلك الى الفيافى والبحار" وفى المثنوى

تو بزن يا ربنا آب طهور تاشود اين نار عالم جمله نور
آب دريا جمله در فرمان تست آب وآتش اى خداوندان تست
كرتو خواهى آتش آب خوش شود ورنخواهى آب آتش هم شود
اين طلب ازما هم ازايجادتست رستن از بيداد يارب دادتست
بى طلب تو اين طلب مان داده كنج احسان برهمه بكشاده