خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ
٢١٤
وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٢١٥
-الشعراء

روح البيان في تفسير القرآن

{ وانذر } العذاب الذى يستتبعه الشرك والمعاصى { عشيرتك الاقربين } العشيرة اهل الرجل الذى يتكثر بهم اى يصيرون له بمنزلة العدد الكامل وذلك ان العشرة هو العدد الكامل فصارت العشيرة اسما لكل جماعة من اقارب الرجل يتكثر بهم والعشير المعاشر قريبا كان اومقارنا كذا فى المفردات. والمراد بهم بنوا هاشم وبنوا عبد المطلب وانما امر بانذار الاقربين لان الاهتمام بشانهم اهم فالبداية بهم فى الانذار اولى كما ان البداية بهم فى البر والصلة وغيرهما اولى وهو نظير قوله تعالى { ياايها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم } وكانوا مأمورين بقتال جميع الكفار ولكنهم لما كانوا اقرب اليهم امروا بالبداية بهم فى القتال كذلك ههنا وايضا اذا انذر الاقارب فالاجانب اولى بذلك ـ روى ـ انه لما نزلت صعد الصفا وناداهم فخذا فخذا حتى اجتمعوا اليه فقال لو اخبرتكم ان بسفح هذا الجبل خيلا أكنتم مصدقى قالوا نعم قال فانى نذير لكم بين يدى عذاب شديد ـ روى ـ انه قال "يابنى عبدالمطلب يابنى هاشم يابنى عبد مناف افتدوا انفسكم من النار فانى لا اغنى عنكم شيئا. ثم قال ياعائشة بنت ابى بكر ويا حفصة بنت عمر. ويا فاطمة بنت محمد. ويا صفية عمة محمد اشترين انفسكن من النار فانى لااغنى عنكن شيئا" [در خبرست كه عائشه صديقة رضى الله عنها بكريست وكفت يارسول الله روز قيامت روزيست كه تومارا بكار نيايى كفت بلى] عائشة فى ثلاثة مواطن يقول الله ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فعند ذلك لااملك لكم من الله شيئا وعند النور من شاء الله أتم له نوره ومن شاء الله كبه فى الظلمات فلا املك لكم من الله شيئا وعند الصراط من شاء الله سلمه واجاره ومن شاء كبه فى النار فينبغى للمؤمن ان لا يغتر بشرف الانسان فان النسب لاينفع بدون الايمان برب الارباب فانظر الى حال كنعان ابن نوح والى حال آزر والد ابراهيم عليهما السلام فان فيها كفاية: قال الشيخ سعدى قدس سره

جوكنعانرا طبيعت بى هنربود بيمبراد كى قدرش نيفزود
هنر بنماى اكر دارى نه كوهر كل ازخارست وابراهيم از آزر

وفى التأويلات النجمية يشير الى حقيقة قوله { فلا انساب بينهم يومئذ } وقال عليه السلام "كل حسب ونسب ينقطع الا حسبى ونسبى" فحسبه الايمان والتقوى كما قال عليه السلام "آلى كل مؤمن تقى" ويشير الى ان من كان مصباح قلبه منورا بنور الايمان لاينور مصباح عشيرته ولو كان والداله حتى يكون مقتبسا هو لمصباحه من نور مصباحه المنور وهذا سر متابعة النبى عليه السلام والاقتداء بالولى وقوله عليه السلام لفاطمة رضى الله عنها "يافاطمة بنت محمد انقذى نفسك من النار فانى لااغنى عنك من الله شيئا" كان لهذا المعنى كما ان اكل المرء يشبعه ولا يشبع ولده حتى يأكل الطعام كما اكل والده وليعلم انه لاينفعهم قرابته ولا تقبل فيهم شفاعته اذا لم يكن لهم اصل الايمان فان الايمان هو الاصل وماسواه تبع له ولهذا السر قال تعالى عقيب قوله { وانذر عشيرتك الاقربين } قوله { واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين } أى ألن جانبك لهم وقاربهم فى الصحبة واسحب ذيل التجاوز على مايبدوا منهم من التقصير واحتمل منهم سوء الاحوال وعاشرهم بجميل الاخلاق وتحمل عنهم كلهم فان حرموك فاعطهم وان ظلموك فتجاوز عنهم وان قصروا فى حقى فاعف عنهم واستغفر لهم: وبالفارسية [وبر خويش فرورد آر بفروتنى ومهربانى يعنى مهربانى ورزو كرام كن] والخفض ضد الرفع والدعة والسير اللين: يعنى [نرم رفتن شتر] وهو حث على تليين الجانب والانقياد كما فى المفردات وجناح العسكر جانباه وهو مستعار من خفض الطائر جناحه اذا اراد ان ينحط فشبه التواضع ولين الاطراف والجوانب عند مصاحبة الاقارب والاجانب بخفض الطائر جناحه اى كسره عند ارادة الانحطاط واما الفاسق والمنافق فلا يخفض له الجناح الا فى بعض الاحوال اذ لكل من اللين والغلظة وقت دل عليه القرآن فلا بد من رعاية كل منهما فى وقته ومن للتبيين لان من اتبع اعم ممن اتبع لدين او لغيره او للتعبيض علىا ن المراد بالمؤمنين المشارفون للايمان والمصدقون باللسان.
وفى التأويلات النجمية والنكتة فيه انه قال { واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين } لان كل متابع مؤمن ولم يكن كل مؤمن متابعا لئلا يغتر المؤمن بدعوى الايمان وهو بمعزل عن حقيقته التى لا تحصل الا بالمتابعة انتهى فعلى العاقل ان يختار صحبة الاخيار ويتابعهم فى اعمالهم ويسعى فى تحصيل اخلاقهم واحوالهم وبشرف القرين يدخل عشرة من الحيوانات الجنة منها كلب اصحاب اهل الكهف ولله در من قال

سك اصحاب كهف روزى جند بى نيكان كرفت مردم شد

حيث دخل الجنة معهم فى صورة الكبش