خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ
٢٧
ٱذْهَب بِّكِتَابِي هَـٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَٱنْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ
٢٨
قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ إِنِّيۤ أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ
٢٩
-النمل

روح البيان في تفسير القرآن

{ قال } استئناف بيانى كأنه قيل فما فعل سليمان بعد فراغ الهدهد من كلامه فقيل قال { سننظر } فما اخبرتنا من النظر بمعنى التأمل والسين للتأكيد اى لنعرف بالتجربة البتة. وقال الكاشفى [زود باشدكه درنكريم وتأمل كنيم درين كه] { أصدقت } فيما قلت { ام كنت من الكاذبين } وفى هذا دلالة على ان خبر الواحد وهو الحديث الذى يرويه الواحد والاثنان فصاعدا مالم يبلغ حد الشهرة والتواتر لايوجب العلم فيجب التوقف فيه على حد التجويز. وفيه دليل على ان لايطرح بل يجب ان يتعرف هل هو صدق او كذب فان ظهرت امارات صدقه قبل والا لم يقبل. قال بعضهم سليمان عليه السلام [ملك ومال وجمال بلقيس بشنيد ودروى اثر نكرد وطمع در آن نيست بازجون حديث دين كردكه { وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله } متغير كشت ازمهر دين اسلام درخشتم شد كفت كاغد ودوات بياريد تنامه نويسم واورا بدين اسلام دعوت كنم]. فكتب اى فى المجلس او بعده كتابا الى بلقيس فقال فيه "من عبدالله سليمان بن داود الى ملكة سبأ بلقيس بسم الله الرحمن الرحيم السلام على من اتبع الهدى اما بعد فلا تعلوا علىّ وائتونى مسلمين" ثم طبعه بالمسك وختمه بخاتمه المنقوش على فصه اسم الله الاعظم ودفعه الى الهدهد فاخذه بمقاره او علقه بخيط وجعل الخيط فى عنقه وقال { اذهب بكتابى هذا } [ببراين نوشته مرا] فتكون الباء للتعدية وتخصيصه بالرسالة دون سائر ما تحت ملكه من ابناء الجن والاقوياء على التصرف والتعرف لما عاين فيه من علامات العلم والحكمة وصحة الفراسة ولئلا يبقى لها عذر.
وفى التأويلات النجمية يشير الى انه لما صدق فيما اخبر وبذل النصح لملكه وراعى جانب لحق عوض عليه حتى اهل لرسالة رسول الحق على ضعف صورته ومعناه { فالقه اليهم } اى اطرحه على بلقيس وقومها لانه ذكرهم معها فى قوله وجدتها وقومها. وفى الارشاد وجمع الضمير لما ان مضمون الكتاب الكريم دعوة الكل الى الاسلام. قوله القه بسكون الهاء تخفيفا لغة صحيحة او على نية الوقف يعنى ان اصله القه بكسر القاف والهاء على انه ضمير مفعول راجع الى الكتاب فجزم لما ذكر { ثم تولى عنهم } اى اعرض عنهم بترك وليهم وقربهم وتبعد الى مكان تتوارى فيه وتسمع ما يجيبونه { فانظر } تأمل وتعرف { ماذا يرجعون } اى ماذا يرجع بعضهم الى بعض من القول [وسخن را برجه قرار ميدهند]. قال ابن الشيخ ماذا اسم واحد استفهام منصوب بيرجعون او مبتدأ وذا بمعنى الذى ويرجعون صلتها والعائد محذوف اى أى شىء الذى يرجعونه ـ روى ـ ان الهدهد اخذ الكتاب واتى بلقيس فوجدها راقدة فى قصرها بمأرب وكانت اذا رقدت غلقت الابواب ووضع المفاتيح تحت رأسها فدخل من كوة والقى الكتاب على نحرها وهى مستلقية وتأخر يسيرا فانتبهت فزعة وكانت قارئة كاتبة عربية من نسل تبع الحميرى فلما رأت الخاتم ارتعدت وخضعت لان ملك سليمان كان من خاتمه وعرفت ان الذى ارسل الكتاب اعظم ملكا منها لطاعة الطير اياه وهيئة الخاتم فعند ذلك { قالت } لاشراف قومها وهم ثلاثمائة وثلاثة عشرة او اثنا عشر الفا { يا ايها الملؤا } [اى كروه اشراف]. والملأ عظماء القوم الذين يملأون العيون مهابة والقلوب جلالة جمعه املاء كنبأ وانباء { انى القى الىّ كتاب كريم } مكرم على معظم لدى لكونه مختوما بخاتم عجيب واصلا على نهج غير معتاد كما قال فى الاسئلة المقحمة معجزة سليمان كانت فى خاتمه فختم الكتاب بالخاتم الذى فيه ملكه فاوقع الرعب فى قلبها حتى شهدت بكرم كتابه اظهارا لمعجزته انتهى. ويدل على ان الكريم هنا بمعنى المختوم قوله عليه السلام
"كرم الكتاب ختمه" وعن ابن عباس بزيادة وهو قوله تعالى { انى القى الى كتاب كريم } كما فى المقاصد الحسنة للسخاوى. وكان عليه السلام يكتب الى العجم فقيل انهم لايقبلون الا كتابا عليه خاتم فاتخذ لنفسه خاتما من فضة ونقش فيه محمد رسول الله وجعله فى خنصر يده اليسرى على مارواه انس رضى الله عنه. ويقال كل كتاب لايكون مختوما فهو مغلوب. وفى تفسير الجلالين كريم اى حسن مافيه انتهى كما قال ابن الشيخ فى اوائل سورة الشعراء كتاب كريم اى مرضى فى لفظه ومعانيه او كريم شريف لانه صدر بالبسلمة كما قال بعضهم [جون مضمون نامه نام خداوند بوده بس آن نامه بزركترين وشريفترين همه نامها باشد]

اى نام توبهترين سر آغاز بى نام تو نامه جون كنم باز
آرايش نامهاست نامت آسايش سينها كلامت

وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الكتاب لما كان سببا لهدايتها وحصول ايمانها سمته كريما لانها بكرامته اهتدت الى حضرة الكريم. قال بعضهم لاحترامها الكتاب رزقت الهداية حتى آمنت كالسحرة لما قدموا فى قولهم ياموسى اما ان تلقى وراعوا الادب رزقوا الايمان ولما مزق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مزق الله ملكه وجازاه فى كفره وعناده