خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ ٱلْكِتَابِ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِيۤ أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ
٤٠
-النمل

روح البيان في تفسير القرآن

{ قال } حين قال سليمان اريد اسرع من هذا يعنى [زودترا زين خواهم] { الذى عنده علم الكتاب } وهو آصف بن برخيا بن خالة سليمان وزيره وكاتبه ومؤدبه فى حال صغره وكان رجلا صديقا يقرأ الكتب الالهية ويعلم الاسم الاعظم الذى اذا دعى الله به اجاب وقد خلقه الله لنصرة سليمان ونفاذ امره فالمراد بالكتاب جنس الكتب المنزلة على موسى وابراهيم وغيرهما او اللوح واسراره المكتوبة. وقال المعتزلة المراد به جبرائيل وذلك لانهم لايرون كرامة الاولياء { انا آتيك به قبل ان يرتد اليك طرفك } الارتداد الرجوع والطرف تحريك الاجفان وفتحها للنظر الى الشىء والارتداد انظمامها ولكونه امرا طبيعيا غير منوط بالتحريك اوثر الارتداد على الرد ويعبر بالطرف عن النظر اذا كان تحريك الجفن يلازمه النظر وهذا غاية فى الاسراع ومثل فيه لانه ليس بين تحريك الاجفان مدة ما. قال الكاشفى [سليمان دستورى داوداو بسجده درافتاد وكفت ياحى ياقيوم كه بعيرى آهيا شراهيا باشد وبقول بعضى ياذا الجلال والاكرام وبرهر تقدير جون دعا كرد تخت بلقيس در موضع خود بزمين فرورفته وطرفة العينى را بيش تخت سليمان از زمين بر آمد]. وقال اهل المعانى لاينكر من قدرة الله ان يعدمه من حيث كان ثم يوجده حيث كان سليمان بلا نقل بدعاء الذى عنده علم الكتاب ويكون ذلك كرامة للولى ومعجزة للنبى انتهى. يقول الفقير هذه مسألة الايجاد والاعدام واليها الاشارة بقوله عليه السلام "الدنيا ساعة وقل من يفهمها" لانها خارجة عن طور العقل وفى المثنوى

بيس ترا هر لحظه موت ورجعتيست مصطفى فرمود دنيا ساعتيست
هو نفس نو مى شود دنيا وما بى خبر از نوشدن اندر بقا
عمر همجون جوى نونو مى رسد مستمرى مى نمايد در جسد
آن زتيزى مستمر شكل آمدست جون شرركش تيزجنبانى بدست
شاخ آتش را بجنبانى بساز در نظر آتش نمايد بس دراز
اين درازى مدت از تيزىء صنع مى نمايد سرعت انكيزىء صنع

{ فلما رأه } اى فاتاه بالعرش فرأه فلما رأه { مستقرا عنده } حاضرا لديه ثابتا بين يديه فى قدر ارتداد الطرف من غير خلل فيه ناشىء من النقل { قال } سليمان تلقيا للنعمة بالشكر { هذا } اى حصول مرادى وهو حضور العرش فى هذه المدة القصيرة { من فضل ربى } علىّ واحسانه من غير استحقاق منى { ليبلونى } ليختبرنى: وبالفارسية [بيازمايد مرا باين]. وفى المفردات يقال بلى الثوب بلى خلق وبلوته اختبرته كأنى اخلقته من كثرة اختبارى له واذا قيل ابتلى فلان بكذا وبلاه يتضمن امرين احدهما تعرف حاله والوقوف على مايجهل من امره والثانى ظهور جودته وردائته وربما قصد به الامران وربما يقصد به احدهما فاذا قيل بلا الله كذا وابتلاه فليس المراد الاظهور جودته ورداءته دون التعرف لحاله والوقوف على مايجهل امنه اذا كان تعالى علام الغيوب { أاشكر } بان اراه محض فضله تعالى من غير حول من جهتى ولاقوة واقوم بحقه { ام اكفر } بان اجد لنفسى مدخلا فى البين واقصر فى اقامة مواجبة.
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الجن وان كان له مع لطافة جمسه قوى ملكوتية يقدر على ذلك بمقدار زمان مجلس سليمان فان للانس ممن عنده علم من الكتاب مع كثافة جسمه وثقله وضعف انسانيته قوة ربانية قد حصلها من علم الكتاب بالعمل به وهو اقدر بها على مايقدر عليه الجن من الجن ولما كان كرامة هذا الولى فى الاتيان بالعرش من معجزة سليمان { قال هذا من فضل ربى ليبلونى أاشكر } هذه النعمة التى تفضل بها علىّ برؤية العجز عن الشكر { ام اكفر } انتهى. قال قتادة فلما رفع رأسه قال الحمد لله الذى جعل فى اهلى من يدعوه فيستجيب له

كفت حمدالله برين صدجنين كه بدى ودستم ز رب العالمين

{ ومن } [وهركه] { شكر فانما يشكر لنفسه } لان الشكر قيد النعمة الموجودة وصيد النعمة المفقودة { ومن كفر } اى لم يشكر بان لم يعرف قدر النعمة ولم يؤد حقها فان مضرة كفره عليه { فان ربى غنى } عن شكره { كريم } باظهار الكرم عليه مع عدم الشكر ايضا وبترك تعجيل العقوبة. قال فى المفردات المنحة والمحنة جميعا بلاء فالمحنة مقتضية للصبر والمنحة مقتضية للشكر والقيام بحقوق الصبر ايسر من القيام بحقوق الشكر فصارت المنحة اعظم البلاءين وبهذا النظر قال عمر رضى الله عنه بلينا بالضراء فصبرنا وبلينا بالسراء فلم نصبر ولهذا قال امير المؤمنين رضى الله عنه من وسع عليه دنياه فلم يعلم انه قد مكر به فهو مخدوع عن عقله. قال الواسطىرحمه الله فى الشكر ابطال رؤية الفضل كيف يوازى شكر الشاكرين فضله وفضله قديم وشكرهم محدث { ومن يشكر فانما يشكر لنفسه } لانه غنى عنه وعن شكره. وقال الشبلىرحمه الله الشكر هو الخمود تحت رؤية المنة. قال فى الاسئلة المقحمة فى الآية دليل اثبات الكرامات من وجهين. احدهما ان العفريت من الجن لما ادعى احضاره قبل ان يقوم سليمان من مقامه وسليمان لم ينكر عليه بل قال اريد اعجل من هذا فلما جاز ان يكون مقدورا لعفريت من الجن كيف لايكون مقدورا لبعض اولياء الله تعالى. والثانى ان الذى عنده علم من الكتاب وهو آصف وزير سليمان لم يكن نبيا وقد احضره قبل ان يرتد طرفه اليه كما نطق به القرآن دل على جواز اثبات الكرامات الخارقة للعادات للاولياء خلافا للقدرية حيث انكروا ذلك انتهى. والكرامة ظهور امر خارق للعادة من قبل شخص غير مقارن لدعوى النبوة فمالا يكون مقرونا بالايمان والعمل الصالح يكون استدراجا وما يكون مقرونا بدعوى النبوة يكون معجزة. قال بعضهم لاريب عند اولى التحقيق ان كل كرامة نتيجة فضيلة من علم او عمل او خلق حسن فلا يعول على خرق العادة بغير علم صحيح او عمل صالح فطى الارض انما هو نتيجة عن طى العبد ارض جسمه بالمجاهدات واصناف العبادات واقامته على طول الليالى بالمناجاة والمشى على الماء انما هو لمن اطعم الطعام وكسا العراة اما من ماله او بالسعى عليهم او علم جاهلا او ارشد ضالا لان هاتين الصفتين سر الحياتين الحسية والعلمية وبينهما وبين الماء مناسبة بينه فمن احكمها فقد حصل الماء تحت حكمه ان شاء مشى عليه وان شاء زهد فيه علىحسب الوقت وترك الظهور بالكرامات الحسية والعلمية اليق للعارف لانه محل الآفات وللعارف استخدام الجن او الملك فى غذائه من طعامه وشرابه وفى لباسه. قال فى كشف الاسرار قد تحصل الكرامة باختيار الولى ودعائه وقد تكون بغير اختياره وفى الحديث "كم من اشعث اغبر ذى طمرين لايؤبه له لو اقسم على الله لأبره" [در آثار بيارندكه مصطفى عليه السلام از دنيا بيرون شد زمين بالله ناليد كه "بقيت لايمشى على نبى الى يوم القيامة" الله كفت جل جلاله من ازين امت محمد مر دانى بديد آمر كه دلهاى ايشان بدلهاى بيغمبران يكى باشد وايشان نيستند مكر اصحاب كرامات] وكرامات الاولياء ملحقة بمعجزات الانبياء اذ لو لم يكن النبى صادقا فى معجزته ونبوته لم تكن الكرامة تظهر على من يصدقه ويكون من جملة امته ولم ينكر كرامات الاولياء الا اهل الحرمان سواء انكروها مطلقا او انكروا كرامات اولياء زمانهم وصدقوا بكرامات الاولياء الذين ليسوا فى زمانهم كمعروف وسهل وجنيد واشباههم كمن صدق بموسى وكذب بمحمد عليهما السلام وماهى لا خصلة اسرائيلية نسأل الله التوفيق وحسن الخاتمة فى عافية لنا وللمسلمين اجمعين ونبتهل اليه فى انه يحشرنا مع اهل الكرامات آمين