خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ وَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ
٥
-النمل

روح البيان في تفسير القرآن

{ اولئك } الموصوفون بالكفر والعمه { الذين لهم سوء العذاب } اى فى الدنيا كالقتل والاسر يوم بدر. والسوء كل مايسوء الانسان ويغمه { وهم فى الآخرة هم الاخسرون } اشد الناس خسرانا لاشترائهم الضلالة بالهدى فخسروا الجنة ونعيمها وحرموا النجاة من النار. واعلم ان اهل الدنيا فى خسارة الآخرة واهل الآخرة فى خسارة المولى فمن لم يلتفت الى الكونين ريح المولى ولما وجد ابو زيد البسطامى قدس سره فى البادية قحف رأس مكتوب عليه خسر الدنيا والآخرة بكى وقبله وقال هذا رأس صوفى فمن وجد المولى وجد الكل ومن وجد الكل بدون وجدان المولى لم يجد شيئا مفيدا وضاع وقته: وقال الحافظ

اوقات خوش آن بودكه بادوست بسررفت باقى همه بى حاصل وبيخبرى بود

قال بعض العارفين كوشفت باربعين حوراء رأيتهن يتساعين فى الهواء عليهن ثياب من فضة وذهب وجوهر فنظرت اليهن نظرة فعوقبت اربعين يوما ثم كوشفت بعد ذلك بثمانين حوراء فوقهن فى الحسن والجمال وقيل لى انظر اليهن فسجدت وغضضت عينى فى السجود وقلت اعوذ بك مما سواك لا حاجة لى بهذا ولم ازل اتضرع حتى صرفهن عنى فهذا حال العارفين حيث لايلتفتون الى ماسوى الله تعالى ويكونون عميا عن عالم الملك والملكوت. واما الغافلون الجاهلون فبحبهم ماسواه تعالى عميت عيون قلوبهم وصمت آذانها فانه لايكون في عالم المعنى الا ويكون اصم وابكم واليه الاشارة بقوله عليه السلام "حبك الشىء يعمى ويصم" بخلاف اعمى الصورة فان سمعه بحاله فى سماع الدعوة وقبولها. فعلى العاقل ان يجتنب عن الاعمال القبيحة المؤدية للرين والردى والاخلاق الرذيلة الموجبة للعمه والعمى بل يتسارع الى العمل بالقرآن الهادى الى وصول المولى والناهى عن الخسران مطلقا وعن الاعمال الصالحة والصلاة. وانما شرعت لمناجاة الحق بكلامه حال القيام دون غيره من احوال الصلاة للاشتراك فى القيومية ولهذا كان من ادب الملوك اذا كلمهم احد من رعيتهم ان يقوم بين ايديهم ويكلمهم ولا يكلمهم جالسا فتبع الشرع فى ذلك العرف. ومن آداب العارف اذا قرأ فى صلاته المطلقة ان لايقصد قراءة سورة معينة او آية معينة وذلك لانه لايدرى اين يسلك به ربه من طريق مناجاته فلعارف بحسب مايناجيه به من كلامه وبحسب مايلقى الله الحق فى خاطره وكل صلاة لايحصل منها حضور قلب فهى ميتة لاروح فيها واذا لم يكن فيها روح فلا تأخذ بيد صاحبها يوم القيامة. ومن الاعمال الصالحة المذكورة الزكاة والصدقة وافضلها مايعطى حال الصحة دون مرض الموت وينبغى لمن قرب اجله واراد ان يعطى شيئا ان يحضر فى نفسه انه مؤد اماننة لصاحبها فيحشر مع الامناء المؤدين امانتهم لامع المتصدقين لفوات محل الافضل فهذه حيلة فى ربح التجارة فى باب الصدقة وفى الانفاق زيادة للمال وتكثير له واطالة لفروعه كالحبوب اذا زرعت