خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ
٥٩
أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ
٦٠
أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٦١
-النمل

روح البيان في تفسير القرآن

{ قل الحمد لله } قل يا محمد الحمد لله على جميع نعمه التى من جملتها اهلاك اعداء الانبياء والمرسلين واتباعهم الصديقين فانهم لما كانوا اخوانه عليه السلام كان النعمة عليهم نعمة عليه { وسلام } وسلامة ونجاة { على عباده الذين اصطفى } اى اصطفاهم الله وجعلهم صفوة خليقته فى الازل وهداهم واجتباهم للنبوة والرسالة والولاية فى الابد فهم الانبياء والمرسلون وخواصهم المقربون الذين سلموا من الآفات ونجوا من العقوبات مطلقا. وفيه رمز الى هلاك اعدائه عليه السلام ولو بعد حين واشعار له ولاصحابه بحصول السلام والنجاة من ايديهم وهكذا عادة الله تعالى مع الورثة الكمل واعدائهم فى كل زمان هذا هو اللائح للبال فى هذا المقام وهو المناسب لسوابق الآيات العظام [وكفته اند اهل اسلام آنانندكه دل ايشان سالم است از لوث علائق وسر ايشان خاليست از فكر خلائق امروز سلام بواسطه شنوند فردا سلام بى واسطه خواهند شنيد] { سلام قولا من رب رحيم } }

هربنده كه او كشت مشرف بسلامت التبه شود خاص بتشريف سلامت
لطفى كان وبنواز دلم را بسلامت زيرا كه سلامت همه لطفست وكرامت

{ آلله } بالمد بمقدار الالفين اصله أ الله على ان الهمزة الاولى استفهام والثانية وصل فمدوا الاولى تخفيفا. والمعنى الله الذى ذكرت شؤنه العظيمة: وبالفارسية [آيا خداى بحق] { خير } انفع لعابديه. وفى كشف الاسرار [بهست خدا را] { اما } ام الذى فام متصلة وما موصولة { يشركون } به من الاصنام اى ام الاصنام انفع لعابديها يعنى الله خير "وكان عليه السلام اذا قرأ هذه الآية قال بل الله خير وابقى واجل واكرم" ، فان قيل لفظ الخير يستعمل فى شيئين فيهما خير ولاحدهما مزية ولا خير فى الاصنام اصلا. قلنا المراد الزام المشركين وتشديد لهم وتهكم بهم او هو على زعم ان فى الاصنام خيرا ثم هذا الاستفهام والاستفهامات الآتية تقرير وتوبيخ لا استرشاد ثم اضرب وانتقل من التثبيت تعريضا الى التصريح به خطابا لمزيد التشديد فقال { ام } منقطعة مقدرة ببل والهمزة { من } موصولة مبتدأ خبره محذوف وكذا فى نظائرها الآتية. والمعنى بل ام من { خلق السموات والارض } التى هى اصول الكائنات ومبادى المنافع خير ام ما يشركون. يعنى ان الخالق للاجرام العلوية والسفلية خير لعابديه او للمعبودية كما هو الظاهر { وانزل لكم } اى لاجل منفعتكم { من السماء ماء } نوعا منه هو المطر ثم عدل عن الغيبة الى التكلم لتأكيد الاختصاص بذاته فقال { فانبتنا به } اى بسبب ذلك الماء { حدائق } بساتين محدقة ومحاطة بالحوائط: وبالفارسية [بوستانها ديوار بست] من الاحداق وهو الاحاطة. وقال فى المفردات الحدائق جمع حديقة وهى قطعة من الارض ذات ماء سميت بها تشبيها بحدقة العين فى الهيئة وحصول الماء فيها وحدقوا به واحدقوا احاطوا به تشبيها بادارة الحدقة انتهى { ذات بهجة } البهجة حسن اللون وظهور السرور فيه اى صاحبة حسن ورونق يبتهج به النظار وكل موضع ذى اشجار مثمرة محاط عليه فهو حديقة وكل مايسر منظره فهو بهجة { ماكان لكم } اى ماصح لكم وما امكن { ان تنبتوا شجرها } شجر الحدائق فضلا عن ثمرها { أاله } آخر كائن { مع الله } الذى ذكر بعض افعاله التى لايكاد يقدر عليها غيره حتى يتوهم جعله شريكا له فى العبادة: وبالفارسية [آياهست خداى يعنى نيست معبودى باخداى بحق] { بل هم } بلكه مشركان { قوم يعدلون } قوم عادتهم العدول والميل عن الحق الذى هو التوحيد والعكوف على الباطل الذى هو الاشراك او يعدلون يجعلون له عديلا ويثبتون له نظيرا. قال فى المفردات قوله بل هم قوم يعدلون يصح ان يكون من قولهم عدل عن الحق اذا جار عدولا انتهى فهم جاروا وظلموا بوضع الكفر موضع الايمان والشرك محل التوحيد وهو اضراب وانتقل من تبكيتهم بطريق الخطاب الى بيان سوء حالهم وحكاية لغيرهم ثم اضرب وانتقل الى التبكيت بوجه آخر ادخل فى الالزام فقال { ام } منقطعة { من } موصولة كما سبق { جعل الارض قرارا } يقال قر فى مكانه يقر قرارا اذا ثبت ثبوتا جامدا واصله القر وهو البرد لاجل ان البرد يقتضى السكون والحر يقتضى الحركة والمراد بالقرار هنا المستقر. والمعنى بل ام من جعلها بحيث يستقر عليها الانسان والدواب باظهار بعضها من الماء بالارتفاع وتسويتها حسبما يدور عليه منافعهم خير من الذى يشركون به من الاصنام وذكر بعض الآيات بلفظ الماضى لان بعض افعاله تقدم وحصل مفروغا منه وبعضها يفعلها حالا بعد حال { وجعل خلالها } جمع خلل وهى الفرجة بين الشيئين نحو خلل الدار وخلل السحاب ونحوهما اوساطها: وبالفارسية [وبيداكرد درميا نهاى زمين] { انهارا } جارية ينتفعون بها هو المفعول الاول للجعل قدم عليه الثانى لكونه ظرفا وعلى هذا المفاعيل للفعلين الآتيين { وجعل لها رواسى } يقال رسا الشىء يرسو ثبت. قال فى كشف الاسرار الرواسى جمع الجمع يقال جبل راس وجبال راسية ثم تجمع الراسية على الرواسى اى جبالا ثوابت تمنعها ان تميل باهلها وتضطرب ويتكون فيها المعادن وينبع فى حضيضها الينابيع ويتعلق بها من المصالح مالا يخفى. قال بعضهم جعل نفوس المعابدين قرار طاعتهم وقلوب العارفين قرار معرفتهم وارواح الواجدين قرار محبتهم واسرار الموحدين قرار مشاهدتهم وفى اسرارهم انهار الوصلة عيون القربة بها يسكن ظمأ اشتياقهم وهيجان احتراقهم وجعل لها رواسى من الخوف والرجاء والرغبة والرهبة وايضا جعل للارض رواسى من الابدال والاولياء والاوتاد بهم يديم امساك الارض وببركتهم يدفع البلاء عن الخلق وكمالا تختص الرواسى الظاهرة بديار الاسلام كذلك الرواسى الباطنة لاتختص بها بل تعمها وديار الكفرة فان الوجود مطلقا لابد له من سبب البقاء فسبحان المفيض على الاولياء والاعداء { وجعل بين البحرين } اى العذب والمالح او خليجى فارس والروم { حاجزا } برزخا مانعا من الممازجة والمخالطة كما مر فى سورة الفرقان. قال فى المفردات الحجز المنع بين الشيئين بفاصل بينهما وسمى الحجاز بذلك لكونه حاجزا بين الشام والبادية { أاله } آخر كائن { مع الله } فى الوجود او فى ابداع هذه البدائع: يعنى ليس معه غيره { بل اكثرهم لايعلمون } اى شيئا من الاشياء ولذلك لايفهمون بطلان ماهم عليه من الشرك مع كمال ظهوره