خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِىءِ ٱلْوَادِي ٱلأَيْمَنِ فِي ٱلْبُقْعَةِ ٱلْمُبَارَكَةِ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ أَن يٰمُوسَىٰ إِنِّيۤ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ
٣٠
-القصص

روح البيان في تفسير القرآن

{ فلما اتاها } اى النار التى آنسها { نودى من شاطىء الوادى الايمن } اى اتاه النداء من الشاطىء الايمن بالنسبة الى موسى فالايمن مجرور صفة لشاطىء والشاطىء الجانب والشط وهو شفير الوادى والوادى فى الاصل الموضع الذى يسيل فيه الماء ومنه سمى المفرج بين الجبلين واديا { فى البقعة المباركة } متصل بالشاطىء او صلة لنودى والبقعة قطعة من الارض لا شجر فيها وصفت بكونها مباركة لانه حصل فيها ابتداء الرسالة وتكليم الله اياه وهكذا محال تجليات الاولياء قدس الله اسرارهم { من الشجرة } بدل اشتمال من شاطىء لانها كانت ثابتة على الشاطىء وبقيت الى عهد هذه الامة كما فى كشف الاسرار وكانت عنابا او سمرة او سدرة او زيتونا او عوسجا والعوسج اذا عظم يقال له الغرقد بالغين المعجمة وفى الحديث "انها شجرة اليهود ولا تنطق" يعنى اذا نزل عيسى وقتل اليهود فلا يختفى منهم احد تحت شجرة الان نطقت وقالت يامسلم هذا يهودى فاقتله الا الغرقد فانه من شجرهم فلا ينطق كما فى التعريف والاعلام للامام السهيلى { ان } مفسرة اى اى { ياموسى انى انا الله رب العالمين } اى انا الله الذى ناديتك ودعوتك باسمك وانا رب الخلائق اجمعين وهذا اول كلامه لموسى وهو ان خالف لفظا لما فى طه والنمل لكنه موافق له فى المعنى المقصود. قال الكاشفى [موسى در درخت نكاه كرد آتشى سفيد بى دود ديد وبدل فرونكريست شعله شوق لقاى حضرة معبود مشاهدة نمود از شهود اين در آتش نزديك بودكه شمع وجودش بتمام سوخته كردد

هست درمن آتش روشن نميدانم كه جيست اين قدر دانم كه همجون شمع مى كاهم دكر

موسى عليه السلام از نداى { ان ياموسى } سوخته عشق وكداخته شوق شدة دربيش درخت بايستاد وآن ندا در مضمون داشت كه { انى أن الله رب العالمين }. قال فى كشف الاسرار موسى زير آن درخت متلاشى صفات وفانى ذات كشت وهمكى وى سمع شده وندا آمد بس خلعت قربت بوشيد شراب الفت نوشيد صدر وصلت ديد ريحنت رحمت بوييد]

اى عاشق دلسوخته اندوه مدار روزى بمراد عاشقان كرددكار

قال بعضهم لما وصل موسى الى الشجرة ذهبت النار وبقى النور ونام موسى عن موسى فنودى من شجرة الذات باصوات الصفات وصار الجبل من تأثير التجلى والكلام عقيقا وغشى عليه فارسل الله اليه الملائكة حتى روحوه بمرواح الانس وقالوا له ياموسى تعبت فاسترح ياموسى قد باخت فلا تبرح جئت على قدر ياموسى: يعنى [مقدر بودكه حق سبحانه باتو سخن كند] وكان هذا فى ابتداء الامر والمبتدأ مرفوق به. وفى المرة الاخرى خر موسى صعقا فكان يصعق والملائكة تقول له ياابن النساء الحيض مثلك من يسأل الرؤية ياليت لو تعلم الملائكة اين موسى هناك لم يعيروه فان موسى كان فى اول الحال مريدا طالبا وفى الآخرة مرادا مطلوبا طلبه الحق واصطفاه لنفسه قيل شتان بين شجرة موسى وبين شجرة آدم عندها طهرت محنة وفتنة وعند شجرة موسى افتتحت نبوة ورسالة ياصاحبى لو يعلم قائل هذا القول حقيقة شجرة آدم لم يقل مثل هذا فى حق آدم فان شجرة آدم اشارة الى شجرة الربوبية ولذا قال { ولا تقربا هذه الشجرة } فان آدم اذا كان متصفا بصفات الحق اراد العيشة بحقيقتها فنهاه الحق عنها وقال هذا شىء لم يكن لك فان حقيقة الازلية ممتنعة من الاتحاد بالمحدثية هكذا قال ولكن اظهر ازليته من الشجرة وسكر آدم ولم يصبر عن تناولها فاكل منها حبة الربوبية فكبر حاله فى الحضرة ولم يطق فى الجنة حملها فاهبط منها الى معدن العشاق ومقر المشتاق فشجرة آدم شجرة الاسرار وشجرة موسى شجرة الانوار فالانوار للابرار والاسرار للاخيار. قال بعض الكبار اذا جاز ظهور التجلى من الشجرة وكذا الكلام من غير كيف ولاجهة فاولى ان يجوز ذلك من الشجرة الانسانية ولذا قسموا التوحيد الى ثلاث مراتب. مرتبة لا اله الا هو. ومرتبة لا اله الا انت. ومرتبة لا اله الا انا والمتكلم فى الحقيقة هو الحق تعالى بكلام قديم ازلى فان شئت الذوق فارجع الى الوجدان ان كنت من اهله والا فعليك بالايمان فان الكلام اما مع الوجدان او مع اهل الايمان فسلام على المصطفين الاخيار والمؤمنين الابرار اللهم ارنا الاشياء كماهى وانما الكون خيال وهو الحق فى الحقيقة فلا موجود الا هو كما لامشهود الا هو فاعرف يامسكين تغنم: قال الشيخ سعدى عن لسان العاشق

مرا باوجود توهستى نماند بياد توام خود برستى نماند
كرم جرم بينى مكن عيب من تويى سربر آورده ازجيب من

وقال

سمندرنه كرد آتش مكرد كه مردانكى بايد آنكه نبرد

وهو اشارة الى من ليس حاله كحال موسى نسأل الله الوقوع فى نار العشق والوصول الى سر الفناء الكلى