خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ
٤٢
-القصص

روح البيان في تفسير القرآن

{ واتبعناهم فى هذه الدنيا لعنة } طردا وابعادا من الرحمة او لعنا من اللاعنين لاتزال تلعنهم الملائكة والمؤمنون خلفا عن سلف: وبالفارسية [وبر بى ايشان بيوستيم درين جهان لعنت ونفرين] { ويوم القيامة هم من المقبوحين } يوم متعلق بالمقبوحين على ان اللام للتعريف لابمعنى الذى اى من المطرودين المبعدين يقال قبح الله فلانا قبحا وقبحوحا اى ابعده من كل خير فهو مقبوح كما فى القاموس وغيره. قال فى تاج المصادر القبح والقباحة والقبوحة [زشت شدن] انتهى وعليه بنى الراغب حيث قال فى المفردات من المقبوحين اى من الموسومين بحالة منكرة كسواد الوجوه وزرقة العيون وسحبهم بالاغلال والسلاسل وغيرها انتهى باختصار. قال فى الوسيط فيكون بمعنى المقبحين انتهى.
وفى التأويلات النجمية لان قبحهم معاملاتهم القبيحة كما ان حسن وجوه المحسنين معاملاتهم الحسنة هل جزاء الاحسان الا الاحسان وجزاء سيئة سيئة مثلها انتهى. ودلت الآية على ان الاستكبار من قبائحهم المؤدية الى هذه القباحة والطرد قال عليه السلام حكاية عن الله تعالى
"الكبرياء ردائى والعظمة ازارى فمن نازعنى واحدا منهما القيته فى النار" وصف الحق سبحانه نفسه بالرداء والازار دون القميص والسراويل لكونهما غير محيطين فبعدا عن التركيب الذى هو من اوصاف الجسمانيات. واعلم ان الكبر يتولد من الاعجاب والاعجاب من الجهل بحقيقة المحاسن والجهل رأس الانسلاخ من الانسانية ومن الكبر الامتناع من قبول الحق ولذا عظم الله امره فقال { اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون فى الارض بغير الحق } واقبح كبر بين الناس ما كان معه بخل ولذلك قال عليه السلام "خصلتان لاتجتمعان فى مؤمن البخل والكبر" ومن تكبر لرياسة نالها دل على دناءة عنصره ومن تفكر فى تركيب ذاته فعرف مبدأه ومنتهاه واوسطه عرف نقصه ورفض كبره ومن كان تكبره لغنية فليعلم ان ذلك ظل زائل وعارية مستردة وانما قال بغير الحق اشارة الى ان التكبر ربما يكون محمودا وهو التكبر والتبختر بين الصفين ولذا "نظر رسول الله عليه لاسلام الى ابى دجانة يتبختر بين الصفين فقال ان هذه مشية يبغضها الله الا فى هذا المكان" وكذا التكبر على الاغنياء فانه فى الحقيقة عز النفس وهو غير مذموم قال عليه السلام "لاينبغى للمؤمن ان يذل نفسه" فعلى العاقل ان يعز نفسه بقبول الحق والتواضع لاهله ويرفع قدره بالانقياد لما وضعه الله تعالى من الاحكام ويكون من المنصورين فى الدنيا والآخرة ومن الذين يثنى عليهم بالثناء الحسن لحسن معاملاتهم الباطنة والظاهرة نسأل الله ذلك من نعمه المتوافرة: قال الشيخ سعدى قدس سره

بزركان نكردند درخود نكاه خدا بينى ازخويشتن بين مخواه
بزركى بناموس وكفتار نيست بلندى بدعوى وبندار نيست
بلنديت بايد تواضع كزين كه آن بام را نيست سلم جزاين
برين آستان عجز ومسكينيت به از طاعات وخويشتن بينيت