خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ
١٤
-العنكبوت

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولقد ارسلنا } للدعوة الى التوحيد وطريق الحق من قبل ارسالنا اياك يامحمد { نوحا } واسمه عبدالغفار كما ذكره السهيلىرحمه الله فى كتاب التعريف والشاكر كما ذكره ابو الليث فى البستان. وسمى نوحا لكثرة نوحه وبكائه من خوف الله ولد بعد مضى الف وستمائة واثنتين واربعين سنة من هبوط آدم عليه السلام وبعثد عند الاربعين { الى قومه } وهم اهل الدنيا كلها. والفرق بين عموم رسالته وبين عموم رسالة نبينا عليه السلام ان نبينا عليه السلام مبعوث الى من فى زمانه والى من بعده الى يوم القيامة بخلاف نوح فانه مرسل الى جميع اهل الارض فى زمانه لابعده كما فى انسان العيون وهو اول نبى بعث الى عبدة الاصنام لان عبادة الاصنام اول ماحدثت فى قومه فارسله الله اليهم ينهاهم عن ذلك وايضا اول نبى بعث الى الاقارب والاجانب واما آدم فاول رسول الله الى اولاده بالايمان به وتعليم شرائعه وهو اى نوح عليه السلام ابونا الاصغر وقبره بكرك بالفتح من ارض الشام كما فى فتح الرحمن { فلبث فيهم } بعد الارسال ولبث بالمكان اقام به ملازما له { الف سنة } الالف العدد المخصوص سمى بذلك لكون الاعداد فيه مؤلفة فان الاعداد اربعة آحاد وعشرات ومئون والوف فاذا بلغ الالف فقد ائتلف وما بعده ويكون مكررا قال بعضهم الالف فى ذلك لانه مبدأ النظام والسنة اصلها سنهة لقولهم سانهت فلانا اى عاملته سنة فسنة وقيل اصلها من الواو لقولهم سنوات والهاء للوقف { الا خمسين عاما } العام كالسنة لكن كثيرا ماتستعمل السنة فى الحول الذى فيه الشدة والجدب ولهذا يعبر عن الجدب بالسنة والعام فيما فيه الرخاء وفى كون المستثنى منه بالسنة والمستثنى بالعام لطيفة وهى ان نوحا عاش بعد اغراق قومه ستين سنة فى طيب زمان وصفاء عيش وراحة بال وقيل سمى السنة عاما لعموم الشمس فى جميع بروجها والعوم السباحة ويدل على معنى العوم قوله تعالى { كل فى فلك يسبحون } }. ومعنى الآية فلبث بين اظهرهم تسعمائة وخمسين عاما يخوفهم من عذاب الله ولا يلتفتون اليه وانما ذكر الالف تخييلا لطول المدة الى السامع اى ليكون افخم فى اذنه ثم اخرج مها الخمسون ايضاحا لمجموع العدد فان المقصود من القصة تسلية رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وتثبيته على مايكابد من الكفرة: يعنى [ايراد قصه نوح بجهت تسليه سيد انام است وتثبيت بركشيدن اذى ازقوم وتهديديكزبان بذكر طوفان يعنى نوح نهصد وبنجاه سال جفاى قوم كشيد وهمجنان دعوت ميفرمود وكسى نمى كرويد] الا القليل الذين ذكرهم فى قوله { وما آمن معه الا قليل } فاذن له فى الدعاء فدعا عليهم بالهلاك { فاخذهم الطوفان } اى عقيب تمام المدة المذكورة فغرق من فى الدنيا كلها من الكفار. والطوفان يطلق على كل مايطوف بالشىء ويحيط به على كثرة وشدة وغلبة من السيل والريح والظلام والقتل والموت والطاعون والجدرى والحصبة والمجاعة وقد غلب على طوفان الماء وقد طاف الماء ذلك اليوم بجميع الارض { وهم ظالمون } اى والحال انهم مستمرون على الظلم والكفر لم يستمعوا الى داعى الحق هذه المدة المتمادية