خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ
٦٩
-العنكبوت

روح البيان في تفسير القرآن

{ والذين جاهدوا فينا } الجهاد والمجاهدة استفراغ الوسع فى مدافعة العدو اى جدوا وبذلوا وسعهم فى شأننا وحقنا ولوجهنا خالصا. واطلق المجاهدة ليعم جهاد الاعداء الظاهرة والباطنة اما الاول فكجهاد الكفار المحاربين واما الثانى فكجهاد النفس والشيطان وفى الحديث "جاهدوا اهواءكم كما تجاهدون اعداءكم" يكون الجهاد باليد واللسان كما قال عليه السلام "جاهدوا الكفار بايديكم و السنتكم" اى بما يسوءهم من الكلام كالهجو ونحوه. قال ابن عطاء المجاهدة صدق الافتقار الى الله بالانقطاع عن كل ماسواه وقال عبدالله بن المبارك المجاهدة علم ادب الخدمة فان ادب الخدمة اعز من الخدمة. وفى الكواشى المجاهدة غض البصر وحفظ اللسان وخطرات القلب ويجمعها الخروج عن العادات البشرية انتهى فيدخل فيها الغرض والقصد { لنهدينهم سبلنا } الهداية الدلالة الى مايوصل الى المطلوب. والسبل جمع سبيل الطريق الذى فيه سهولة انتهى. وانما جمع لان الطريق الى الله بعدد انفاس الخلائق والمعنى سبل السير الينا والوصول الى جنابنا. وقال ابن عباس رضى الله عنهما يريد المهاجرين والانصار اى والذين جاهدوا المشركين وقاتلوهم فى نصرة ديننا لنهدينهم سبل الشهادة والمغفرة والرضوان. وقال بعضهم معنى الهداية ههنا التثبيت عليها الزيادة فيها فانه تعالى يزيد المجاهدين هداية كما يزيد الكفارين ضلالة فالمعنى لنزيدنهم هداية الى سبل الخير وتوفيقا لسلوكها كقوله تعالى { والذين اهتدوا زادهم هدى } وفى الحديث "من عمل بماعلم ورثه الله علم مالم يعلم" وفى الحديث "من اخلص لله اربعين صباحا انفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه" وقال سهل بن عبدالله التسترىرحمه الله والذين جاهدوا فى اقامة السنة لنهدينهم سبيل الجنة ثم قيل مثل السنة فى الدنيا كمثل الجنة فى العقبى من دخل الجنة فى العقبى سلم كذلك من لزم السنة فى الدنيا سلم. ويقال والذين جاهدوا بالتوبة لنهدينهم الى الاخلاص. والذين جاهدوا فى طلب العلم لنهدينهم الى طريق العمل به. والذين جاهدوا فى رضانا لنهدينهم الى الوصول الى محل الرضوان. والذين جاهدوا فى خدمتنا لنفتحن عليهم سبل المناجاة معنا والانس بنا والمشاهدة لنا. والذين اشغلوا ظواهرهم بالوظائف اوصلنا الى اسرارهم اللطائف العجب ممن يعجز عن ظاهره ويطمع فى باطنه ومن لم يكن اوائل حاله المجاهدة كانت اوقاته موصولة بالامانى ويكون حظه البعد من حيث يأمل القرب. والحاصل انه بقدر الجد تكتسب المعالى فمن جاهد بالشريعة وصل الى الجنة ومن جاهد بالطريقة وصل الهدى من جاهد بالمعرفة والانفصال عما سوى الله وصل الى العين واللقاء. ومن تقدمت مجاهدته على مشاهدته كما دلت الآية عليه صار مريدا مرادا وسالكا مجذوبا وهو اعلى درجة ممن تقدمت مشاهدته على مجاهدته وصار مرادا مريدا ومجذوبا سالكا لان سلوكه على وفق العادة الالهية ولانه متمكن هاضم بخلاف الثانى فانه متلون مغلوب وربما تكون مفاجاة الكشف من غير ان يكون المحل متهيئا له سببا للالحاد والجنون والعياذ بالله تعالى. وفى التأويلات { لنهدينهم سبلنا } اى سبيل وجداننا كما قال "ألا من طلبنى وجدنى ومن تقرب الىّ شبرا تقربت اليه ذراعا" ، قال الكاشفى در ترجمه بعضى از كلمات زبور آمده

انا المطلوب فاطلبنى تجدنى انا المقصود فاطلبنى تجدنى
اكر درجست وجوى من شتابد مراد خود بزودى باز يابد

وفى المثنوى

كركران وكر شتابنده بود آنكه جوينده است يابنده بود
در طلب زن دائما توهر دودست كه طلب درراه نيكو رهبرست

قالت المشايخ المجاهدات تورث المشاهدات ولو قال قائل للبراهمة والفلاسفة انهم يجاهدون النفس حق جهادهها ولاتورث لهم المشاهدة قلنا لانهم قاموا بالمجاهدات فجاهدوا وتركوا الشرط الاعظم منها وهو قوله فينا اى خالصا لنا وهم جاهدوا فى الهوى والدنيا والخلق الرياء والسمعة والشهرة وطلب الرياسة والعلوا فى الارض والتكبر على خلق الله فاما من جاهد فى الله جاهد اولا بترك المحرمات ثم بترك الشبهات ثم بترك الفضلات ثم بقطع التعلقات تزكية للنفس ثم بالتنقى عن شواغل القلب على جميع الاوقات وتخليته عن الاوصاف المذمومات تصفية للقلب ثم بترك الالتفات الى الكونين وقطع الطمع عن الدارين تحلية للروح فالذين جاهدوا فى قطع النظر عن الاغيار بالانقطاع والانفصال لنهدينهم سبلنا بالوصول والوصال. واعلم ان الهداية على نوعين هداية تتعلق بالمواهب وهداية تتعلق بالمكاسب فالتى تتعلق بالمواهب فمن هبة الله وهى سابقة والتى تتعلق بالمكاسب فمن كسب العبد وهى مسبوقة ففى قوله تعالى { والذين جاهدوا فينا } اشارة الى ان الهداية الموهبية سابقة على جهد العبد وجهده ثمرة ذلك البذر فلولم يكن بذر الهداية الموهبية مزروعا بنظر العناية فى ارض طينة العبد لما نبتت فيها خضرة الجهد ولولم يكن المزروع مربى جهد العبد لما اثمر بثمار الهداية المكتسبية: قال الحافظ

قومى بجد وجهد نهادند وصل دوست قومى دكر حواله بتقدير ميكنند

قال بعض الكبار النبوة والرسالة كالسلطنة اختصاص الهى لامدخل لكسب العبد فيها واما الولاية كالوزارة فلكسب العبد مدخل فيها فكما تمكن الوزارة بالكسب كذلك تمكن الولاية بالكسب { وان الله مع المحسنين } بمعية النصرة والاعانة والعصمة فى الدنيا والثواب والمغفرة فى العقبى.
وفى التأويلات النجمية لمع المحسنين الذين يعبدون الله كأنهم يرونه. وفى كشف الاسرار { جاهدوا } [درين موضع سه منزل است. يكى جهاد اندر باطن باهوا ونفس. ديكر جهاد بظاهر اعداى دين وكفار زمين. ديكر اجتهاد باقامت حجت وطلب حق وكشف شبهت باشد مرآنرا اجتهاد كويند وهرجه اندر باطن بود اندر رعايت عهد الهى مرآنرا جهد كويند اين { جاهدوا فينا } بيان هرسه حالست اوكه بظاهر جهادكند رحمت نصيب وى اوكه باجتهاد بود عصمت بهره وى اوكه اندر نعمت جهد بود كرامت وصل نصيب وى وشرط هرسه كس آنست كه آن جهد فى الله بود تادرهدايت خلعت وى بود آنكه كفت { وان الله لمع المحسنين } جون هدايت دادم من باوى باشم روى بامن بود زبان حال بنده ميكويد الهى بعنايت هدايت دادى بمعونت زرع خدمت رويانيدى به بيغام آب قبول دادى بنظر خويش ميوه محبت ووفا رسانيدى اكنون سزدكه سموم مكر ازان بازدارى وبنايى كه خود افراشته بجرم ماخراب نكنى الهى توضعيفانرا يناهى قاصدانرا برسر راهى واجدانراكواهى جه بودكه افزايى ونكاهى]

روضه روح من رضاى توباد قبله كاهم درسراى توباد
سرمه ديده جهن بينم تابود كرد خاكباى توباد
كرهمه راى توفناى منسب كارمن برمراد راى توباد
شد دلم ذره وار در هوست دائم اين ذره درهواى توباد

انتهى ما فى كشف الاسرار لحضرة الشيخ رشيد الدين اليزدى قدس سره هذا آخر ما اودعت فى المجلد الثانى. من التفسير الموسوم بـ "روح البيان" من جواهر المعانى. ونظمت فى سلكه من فوائد العبارة والاشارة والالهام الربانى. وسيحمده اولوا الالباب. ان شاء الله الوهاب. وقع الاتمام بعون الملك الصمد. وقت الضحوة الكبرى من يوم الاحد. وهو العشر السابع من الثلث الثانى من السدس الخامس من النصف الاول من العشر التاسع من العشر الاول من العقد الثانى من الالف الثانى من الهجرة النبوية. على صاحبها الف الف تحية. وقلت بالفارسية

جو زهجرت كذشت بى كم وكاست نه وصد سال يعنى بعد هزار
آخر فصل خزان شد موسم كه نماند ورقى از كلزار
در جماداى نخستن آخر بلبل خامه دم كرفت از زار
به نهايت رسيد جلد دوم شد بتاريك روز اين بازار
جد وجهدى كه اوفتاده درين شد بنوك قلم حقىء زار

انتهت بحمد الله تعالى سورة العنكبوت