خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي ٱلأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٦
-آل عمران

روح البيان في تفسير القرآن

{ هو الذى يصوركم فى الارحام كيف يشاء } اي يجعلكم على هيئة مخصوصة فى ارحام امهاتكم من ذكر وانثى واسود وأبيض وتام وناقص وطويل وقصير وحسن وقبيح وهو رد على الذين قالوا عيسى الله وابن الله لان من صور فى الرحم يمتنع ان يكون الها أو ولد الله لكونه مركبا وحالا فى المركب وفى عرض الفناء والزوال { لا اله الا هو } نزه نفسه ان يكون عيسى ابنا له { العزيز الحكيم } المتناهى في القدرة والحكمة فربكم يخلقكم على النمط البديع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ان خلق احدكم يجمع في بطن امه اربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله اليه الملك باربع كلمات فيكتب رزقه وعمله واجله وشقى او سعيد قال وان احدكم ليعمل بعمل اهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها وان احدكم ليعمل بعمل اهل النار حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها" وقال عليه السلام " "يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر فى الرحم باربعين او بخمس واربعين ليلة فيقول يارب أشقى او سعيد فيكتبان فيقول اى رب أذكر أو انثى فيكتبان ويكتب عمله واثره واجله ورزقه ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها لا ينقص ثم يقول الملك يارب ما اصنع بهذا الكتاب فيقول علقه في عنقه الى قضائى عليه فذلك قوله تعالى { وكل انسان ألزمناه طائره فى عنقه }" .
اى علمه من خير وشر صادر عنه باختياره حسبما قدر له كأنه طار اليه من وكر الغيب والقدر.
قال القاضى المراد بكتبه هذه الاشياء اظهارها للملك وإلا فقضاءه تعالى سابق على ذلك وكل ميسر لما خلق له فعلى العاقل ان لا يتكاسل عن الاعمال في جميع الاحوال ولا يفوت ايام الفرصة والليال

خبردارى اى استخوانى قفس كه جان تومر غيست نامش نفس
جو مرغ ازقفس رفت وبكسس قيد دكر ره نكردد بسعى تو صيد
نكه دار فرصت كه عالم دميست دمى ييش دانا به از عالميست

والاشارة ان الله تعالى كما يصور الجنين بصورة الانسانية على نطفة سقطت في الرحم بتدبير الاربعينات فكذلك اذا سقطت من صلب ولاية رجل من رجاله نطفة ارادة فى رحم قلب مريد صادق والمريد يستسلم لتصرفات ولاية الشيخ وهى بمثابة ملك الارحام ويضبط احوال ظاهرة وباطنة على وفق امر الشيخ ويختار الخلوة والعزلة يلا يصدر منه حركة عنيفة او يجد رايحة غريبة يلزم منها سقوط النطفة وفسادها ويقعد بامر الشيخ وتدبيره فالله تعالى يصرف ولاية الشيخ المؤيد بتأييد الحق بمرور كل اربعين عليه بشرائطها يحولها من حال الى حال وينقلها من مقام الى مقام الى ان يرجع الى حظائر القدس ورياض الانس التي منها صدر الى عالم الانس بقدم الاربعينات الاولى فلما وصل الى مقامة الاول ايضا بقدم الاربعينات كما جاءتم خلق الجنين فى رحم القلب وهو يجعل خليفة الله فى ارضه فيستحق الآن ان ينفخ فيه الروح المخصوص بابناء اوليائه وهو روح القدس الذى هو متولى القائه كقوله تعالى { { يلقى الروح من أمره على من يشاء من عباده } [غافر: 15].
وقال
{ { كتب فى قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه } [المجادلة: 22].
ولهذا الفائدة العظيمة والنعمة الجسيمة اهبط الارواح من اعلى عليين القرب الى اسفل سافلين كما قال
{ اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداى فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون } [البقرة: 38].
فاذا نفخ فيه الروح يكون آدم وقته فيسجد له بالخلافة الملائكة كلهم اجمعون فاحفظه تفهم ان شاء الله تعالى كذا في تأويلات الشيخ الكامل نجم الدين الكبرى افاض الله علينا من سجال معارفه وحقائقه ولطائفه آمين.