خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوۤاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ وَجَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ
٨٦
-آل عمران

روح البيان في تفسير القرآن

{ كيف يهدى الله } الى الحق { قوما كفروا بعد ايمانهم } قيل هم عشرة رهط ارتدوا بعدما آمنوا ولحقوا بمكة وهو استبعاد لان يهدى قوما هم معاندون للحق مكابرون فيه غير خاضعين بان يخلق فيهم الاهتداء ويوفقهم لا كتساب الاهتداء وانما يخلق الاهتداء ويوفق على كسب ذلك ويقدر هم عليه اذا كانوا خاضعين متواضعين للحق راغبين فيه فالمراد من الهداية خلق الاهتداء وقد جرت سنة الله فى دار التكليف على ان كل فعل يقصد العبد الى تحصيله فان الله تعالى يخلقه عقيب قصد العبد فكأنه تعالى قال كيق يخلق فيهم المعرفة والاهتداء وهو قصدوا تحصيل الكفر وارادوه { وشهدوا ان الرسول حق } اى صادق فيما يقول { وجاءهم البينات } اى الشاهد من القرآن على صدقه. قوله وشهدوا عطف على ايمانهم باعتبار انحلاله الى جملة فعليه فانه فى قوة ان يقال بعد ان آمنوا وبعد ان شهدوا وهو دليل على ان الاقرار باللسان خارج عن حقيقة الايمان ضرورة ان المعطوف مغاير للمعطوف عليه { والله لا يهدى القوم الظالمين } اى الذين ظلموا انفسهم بالاخلال بالنظر ووضع الكفر موضع الايمان فكيف من جاء الحق وعرفه ثم اعرض عنه. فان قيل ظاهر الآية يقتضى ان من كفر بعد اسلامه لا يهديه الله ومن كان ظالما لا يهديه الله وقد رأينا كثيرا من المرتدين اسلموا وهداهم وكثيرا من الظالمين تابوا عن الظلم. فالجواب ان معناه لا يهديهم ما داموا مقيمين على الرغبة فى الكفر وفى الثبات عليه ولا يقبلون على الاسلام واما اذا تحروا اصابة الحق والاهتداء بالادلة المنصوبة فحينئذ يهديهم الله بخلق الاهتداء فيهم.